تُعرف قرحة المعدة أيضًا باسم القرحة الهضمية، تُعد إصابة الأطفال بالقرحة أقل شيوعًا مقارنةً بالبالغين، مع ذلك يصابون بها مرارًا أكثر مما نتصور. أفادت دراسة عام 2011 بأن نحو 8.1% من الأطفال في أوروبا و17.4% في الولايات المتحدة يعانون قرحة المعدة قبل سن 18 عامًا .

يُسبب قرحة المعدة في أغلب الحالات بكتيريا تعرف باسم «الملوية البوابية» لكنها ترتبط أحيانًا بحالات أخطر مثل السرطان.

يختلف تشخيص قرحة المعدة عند الأطفال قليلًا عن البالغين، بعض الفحوصات لا تعطي نتائج موثوقة. تُعالج الحالات غير المختلطة بسهولة بالمضادات الحيوية والأدوية التي تقلل حمض المعدة فيحمي ذلك بطانتها.

إن لم يوجد مسبب خطير للقرحة فإن خطر مضاعفاتها منخفض (بين 1٪ و 2٪) ويبلغ معدل الوفيات نحو وفاة واحدة لكل 100000 حالة.

أعراض قرحة المعدة:

تُصاب بطانة المعدة بقرحة المعدة. تُسمى القرحة التي تصيب المعدة القرحة المعدية، في حين تسمى القرحة التي تصيب الأمعاء الدقيقة قرحة الاثني عشر.

تتضمن الأعراض الشائعة لقرحة المعدة ما يلي:

  •  حرقة أو ألم خفيف في المعدة
  •  الغازات والانتفاخ
  •  الغثيان أو الإقياء
  •  فقدان شهية
  •  تعب.

يكون الألم غالبًا أوضح عندما تكون المعدة فارغة، لكن الألم بعد تناول الطعام قد يُميّز القرحة المعدية عن قرحة الاثني عشر.

يحدث ألم قرحة المعدة عادةً بعد فترة قصيرة من تناول الطعام، في حين أن الألم الناجم عن قرحة الاثني عشر يتطوّر بعد ساعتين أو ثلاث ساعات.

توجد حالات طبية تشير إلى أن القرحة نازفة مثل البراز الدموي أو القطراني أو القيء الحاوي على الدم أو قطع تشبه حبيبات القهوة.

توجد علامات تتطلب رعاية طبية ضرورية مثل الحمى والقشعريرة والإقياء وصعوبة البلع.

أما مضاعفات قرحة المعدة فتتضمن سوء التغذية وانثقاب المعدة وانسداد الأمعاء الناجم عن التهاب الاثني عشر. يعد كل من الانسداد والانثقاب حالات طبية طارئة تتطلب عناية فورية.

أسباب قرحة المعدة عند الأطفال:

الملوية البوابية هي بكتيريا لولبية الشكل، تُسبب التهاب المعدة المزمن وقرحة المعدة. يُعتقد أن نحو 50% من سكان العالم مصابون بالبكتيريا الحلزونية. بيّنت إحدى الدراسات أن أكثر من 30% من المصابين تظهر لديهم أعراض في الجهاز الهضمي العلوي.

مع أن الملوية البوابية سبب شائع لقرحة المعدة لدى الأطفال، تساهم عوامل أخرى في الإصابة بالقرحة، ومنها:

  •  مضادات الالتهاب غير الستيرويدية مثل الأسبرين أو الأيبوبروفين: التي تُسبب عند الإفراط في استخدامها نزفًا في المعدة وقرحة.
  •  الوراثة: نحو 20% من الأطفال المصابين بقرحة المعدة لديهم تاريخ عائلي للقرحة.
  •  الحوادث المجهدة -مثل الصدمات أو الإصابة أو العدوى أو الجراحة: في هذه الحالات تكون الأعراض حادة تتطور في غضون ثلاثة إلى ستة أيام.
  •  السمنة: تُسبب السمنة زيادة التهابات في الجهاز الهضمي وتغيرات في فلورا الأمعاء الطبيعية.
  •  الارتجاع المعدي المريئي: في الحالات الشديدة يُسبب الارتجاع الحمضي المزمن قرحة معدية.

لا يسبب التوتر والقلق والأطعمة الغنية بالتوابل القرحة، إلا أنها تفاقم القرحة الموجودة.

تتضمن الأسباب غير الشائعة فرط الإفراز المعدي، وهي اضطرابات تنتج فيها المعدة عصارات حمضية زائدة، مثل التليف الكيسي وسرطان الدم القاعدي ومتلازمة زولينجر إليسون وأورام الغدد الصماء المتعددة. أي حالة طبية تُسبب زيادة الضغط داخل الجمجمة قد تؤدي إلى زيادة في إنتاج أحماض المعدة، مسببًا حالة طبية تُعرف باسم قرحة كوشينغ.

نادرًا ما تكون القرحة علامة على الإصابة بسرطان الغدد الليمفاوية.

تشخيص قرحة المعدة:

تشخيص قرحة المعدة عند الأطفال ليس سهلًا. بعض الفحوصات مثل فحص الدم للبحث عن الأجسام المضادة لبكتيريا الملوية البوابية يكون أقل دقة لدى الأطفال.

في حال لم تكن الأعراض شديدة والحالة الصحية مستقرة، يبدأ الطبيب تشخيص القرحة بإجراء فحوصات غير غازية. من هذه الفحوصات:

  •  فحص دم (GastroPanel)، يستطيع هذا الفحص الكشف عن الملوية البوابية والمستويات العالية من الحمض وإنزيم المعدة.
  •  تحليل مستضد الملوية البوابية في البراز: يبحث هذا التحليل عن دليل لوجود بكتيريا الملوية البوابية في عينة البراز.
  •  فحص الزفير باليوريا، يقيس هذا الفحص كمية ثاني أكسيد الكربون في هواء الزفير، الفحص الإيجابي قد يشير إلى عدوى نشطة بالبكتيريا الحلزونية.

توجِّه نتائج هذه الفحوصات الطبيب، إن كانت سلبية سيستبعد الطبيب اضطرابات الجهاز الهضمي بوصفها سبب القرحة وينتقل إلى إجراءات غازية.

فحوصات التصوير:

إن كانت الفحوصات إيجابية والأعراض شديدة، فستكون الخطوة التالية هي إجراء التنظير العلوي لتشخيص قرحة المعدة لدى الطفل. يجري الطبيب التنظير بإدخال منظار بصري ليفي مرن لرؤية بطانة المعدة.

يُجرى التنظير تحت تخدير خفيف، وتؤخذ عينات من الأنسجة لفحصها. تتضمن الآثار الجانبية لهذا الإجراء ما يلي:

  •  التهاب الحلق
  •  عسر الهضم
  •  حرقة في المعدة
  •  غثيان
  •  عدوى
  •  انثقاب
  •  نزف.

يوجد فحص آخر لتصوير السبيل الهضمي العلوي وهو فحص الأشعة السينية بالباريوم أو ابتلاع الباريوم، وهو أقل تداخلًا لكنه أيضًا أقل دقة. يعطي هذا الفحص نتائج جيدة كلما كانت قرحة المعدة لدى الطفل صغيرة.

في هذا الإجراء يبتلع المريض سائلًا يحتوي على الباريوم، يملأ السائل المعدة فيساعد على كشف التشوهات بشكل أفضل بواسطة الأشعة السينية. تتضمن الآثار الجانبية لهذا الإجراء اضطراب في المعدة والغثيان والإقياء والإمساك.

علاج قرحة المعدة:

إذا كان مسبب قرحة المعدة لدى الطفل هو البكتيريا الحلزونية، فسيعالج الطبيب العدوى ببروتوكول دوائي يضم عدة أدوية، يهدف العلاج إلى إعادة مستويات حمض المعدة إلى طبيعتها حتى تتمكن المعدة من الشفاء.

أصبح القضاء على بكتيريا الملوية البوابية أمرًا صعبًا في السنوات الأخيرة بسبب مقاومة البكتيريا للمضادات الحيوية الموصوفة.

للتغلب على مقاومة البكتيريا للصادات يصف الأطباء عدة صادات لاجتثاث الملوية البوابية.

تُعالج قرحة المعدة لدى الأطفال باستخدام اثنين أو أكثر من المضادات الحيوية معًا، مع دواء يُقلل حموضة المعدة يعرف باسم مثبط مضخة البروتون (PPI). تُوصف أيضًا أقراص البزموت ساليسيلات (مثل بيبتو-بيسمول القابل للمضغ) تُغلف هذه الأقراص المعدة وتحميها.

حال عدم نجاح هذا البروتوكول العلاجي، سيصف الأطباء مجموعة أدوية أخرى حتى تزول جميع علامات العدوى. يستمر العلاج عادة 14 يومًا ويتضمن عادةً المضادات الحيوية كلاريثروميسين وأموكسيسيلين.

تتضمن أدوية الخط الثاني للعلاج تتراسيكلين أو ميترونيدازول. يجب تناول هذه المضادات الحيوية حسب توصيات الطبيب، وإكمال النظام العلاجي حتى الانتهاء منه، لتجنب تطور مقاومة للصادات الحيوية.

يجب تجنب وصف مضادات الالتهاب غير الستيروئيدية، و يمكن وصف باراسيتامول بدلًا منها لعلاج الألم والحمى عند الأطفال.

النظام الغذائي:

في فترة العلاج يُنصح بإعطاء الأطفال الأطعمة التي يسهل هضمها ولا تجهد المعدة، مثل تناول الفواكه والخضراوات الغنية بالألياف والدجاج والأسماك الخالية من الدهون والبروبيوتيك مثل الزبادي. تجنب قدر المستطاع الأطعمة المقلية والأطعمة الغنية بالتوابل والأطعمة الحمضية والمشروبات الغازية أو المشروبات التي تحتوي على الكافيين -يشمل ذلك الشاي والشوكولاتة.

الجراحة والتدخلات الأخرى:

أحيانًا تُعالج قرحة المعدة لدى الأطفال في أثناء إجراء التنظير الداخلي.

عند رؤية القرحة خلال التنظير، قد تكفي الأدوات المستخدمة في أثناء التنظير لإرقاء الأوعية الدموية الممزقة. قد تتطلب الحالة استخدام الليزر أو جهاز الكي الكهربائي لكيّ الأنسجة، أو حقن الإبينفرين (الأدرينالين) لقبض الأوعية الدموية.

نادرا ما تُعالج القرحة بالجراحة عند الأطفال، إذ يُلجَأ إليها فقط في حال وجود ثقب أو انسداد أو نزف حاد أو وجود خطر كبير لحدوث ثقب.

إن لزم الأمر، يجري الأطباء العمليات الجراحية الانتقائية عبر تنظير البطن، أما العمليات الجراحية الطارئة فتُجرى عادةً بشق مفتوح.

اقرأ أيضًا:

ترقيع قرحة المعدة داخل جسم الإنسان بواسطة الطابعة ثلاثية الأبعاد

كيف تصمد البكتريا الملوية البوابية المسببة لعدوى و قرحة المعدة في بيئة المعدة الحامضية ؟

ترجمة: سوزان عبّود

تدقيق: ريم الجردي

المصدر