العلماء ينشرون خارطة طريق توضح ما نحتاج إليه لصنع جهاز كمبيوتر كمّي


على مدى عقود، كان العلماء يتحدثون عن الحواسيب الكمية، كجيل جديد من أجهزة الكمبيوتر، أكثر قوة وبأضعاف مضاعفة عن أجهزة الكمبيوتر العملاقة اليوم، والتي سوف تحدث ثورة في الطريقة التي نقوم فيها بمعالجة البيانات.

ولكن وعلى الرغم من تصدرها وبانتظام عناوين التطورات الجديدة في هذا المجال، يبدو الأمر وكأننا مازلنا بعيدين عن رؤية الإصدار العملي الحقيقي لها.

لهذا السبب نشر الباحثون ورقة بحثية تصف “خارطة طريق” لما يجب القيام به لبناء أول جهاز كمبيوتر كمي عملي.

هذه الدراسة والتي قادها علماء من جامعة سيدني للتكنولوجيا في أستراليا (UTS) بالتعاون مع معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا (MIT)، ركزت على وجه التحديد في البحث عن رقائق الكمبيوتر الكمية القائمة على الفوتون، والتي تستخدم جزيئات الضوء في تشفير المعلومات، وهي المرشح الأوفر حظا لتنتشل أجهزة الكمبيوتر الكمية من القاع.

ولكن دعونا نبدأ بالأساسيات.

الكمبيوتر العادي يحل المشاكل باستخدام البتات (bits ) التي يمكن أن تكون إما 0 أو 1، وهذا يعني أنه يمكن معالجة شيء واحد فقط في المرة الواحدة.

أجهزة الكمبيوتر الكمية، من ناحية أخرى، تستخدم البتات الكمية (qubits)، والتي يمكن أن تكون 0 أو 1، أو متطابقة على بعضها في نفس الوقت.

تفكر في قط “شرودنغر” بكونه حيا وميتا في الصندوق وفي نفس اللحظة.

وهذا يعني أنه بدلا من أن يكون قادرا على حل مشكلة واحدة فقط في كل مرة، كمبيوتر الكم يمكنه نظريا حل العديد من الحسابات في وقت واحد.

وقد ابتكر جوجل بالفعل ما نسميه جهاز كمبيوتر الكم، ولكن العديد من الخبراء يقولون أنه ليس قويا ولو على وجه التقريب من جهاز كمبيوتر الكم “الحقيقي” ، لأنه يتضمن فقط نوعا خاصا من الحوسبة الكمومية تٌدعى (quantum annealing).

ما الذي يقف في طريقنا لبناء جهاز الكمبيوتر الكمي الصحيح؟

في حين أن العلماء تمكنوا من التقاط جسيمات صغيرة بما يكفي لتكون كمية، وأظهروا بنجاح التشابك بين فوتونات متعددة، فإنهم ما زالوا يناضلون من أجل جعل هذه الأجهزة عملية.

رغم ذلك، فان أجهزة الكمبيوتر الكمية القائمة على الفوتون هي الرهان الصعب، ليس فقط لأن جزيئات الضوء يمكنها العمل كفوتونات كمية، بل يمكنها أيضا نقل المعلومات بعد ذلك، وخلق الأساس لنظام كمبيوتر قائم.

بالإضافة إلى أن الضوء ينتقل بسرعة، وبواعثه يمكن تعبئتها بكفاءة على شريحة صغيرة كأشعة الليزر ومؤشر الليزر.

“أصبحت التقنيات الضوئية أكثر انتشارا في حياتنا اليومية. وبعد عقود من التقدم السريع، أصبحت مصادر الضوء، وخاصة الليزر والثنائيات الباعثة للضوء (LED) عالية الأداء، وأيضا منخفضة التكلفة وذات مكونات موثوقة، تقود الإنترنت و تضيء المدن “، كتب فريق.UTS
ووفقا لهذه الدراسة الجديدة، فإن الخطوة التالية هي تطوير مصدرغير تقليدي للضوء وفي حالة صلبة كاملة، والمعروفة باسم الفوتون الفردي.

هذه المصادر من الضوء تنتج تيارات من الفوتونات ذات علاقات كمية يمكن السيطرة عليها، وتعمل كفوتونات كمية، ويجب أيضا أن تبعث فوتونات متطابقة من حيث الكثافة واللون، ويمكن تشغيلها كهربائيا.

وبالإضافة إلى حاجة الباحثين إلى إيجاد وهندسة مادة مثالية لهذه الوظيفة. من بين العديد من المتنافسين يوجد الماس ومادة ناشئة، حددها الباحثون، وسموها سداسية نيتريد البورون.(hexagonal boron nitride)
” لا يوجد حتى الآن باعث فوتون فردي مثالي، ولكن هناك مجموعة كبيرة واعدة من أنظمة المواد تم تطويرها، والعديد منها انتقلت من مرحلة إثبات صحة المفهوم إلى مرحلة الجهود الهندسية مع التحسن في الأداء بشكل مطرد.”

كتب الباحثون.

في ورقة جديدة، لخص الفريق بعض المتطلبات لهذه البواعث الفوتونية الفردية المستقبلية، وهنا أبرزها:

يقول الفريق إن البواعث يجب أن تكون ساطعة، ومن السهل هندستها، وقابلة للتطوير. إن التحسن الذي رأيناه بالفعل في السنوات القليلة الماضية يعادل التحول الذي شهده التلفزيون في ستة عقود من أنبوب أشعة الكاثود إلى تقنية (LED) الجديدة ذات الشاشات المسطحة.

تسعى العديد من المجموعات لبلوغ ذلك بطرق مختلفة، تشمل دراسة قوالب مختلفة وطرق هندسية وتوصيفية متنوعة لخلق أفضل البواعث الضوئية التي تقوم بهذه الوظيفة.

مواد جديدة آخذة في الظهور، بما في ذلك نقاط الكم، ومنصات الماس والكربون القائمة على الأنابيب النانوية، والمواد الثنائية الأبعاد.

إنه من المثير أن نعلم أننا قريبون جدا من جهاز كمبيوتر الكم الحقيقي، لدينا الآن خارطة طريق للوصول إلى هناك. ونحن نتطلع لرؤية ما سيحدث بعد ذلك.


ترجمة: صقر محمد عبدالرحمن أسعد
تدقيق بدر الفراك

المصدر