ستساعد طريقة جديدة لقياس درجة حرارة الذرات المنطلقة جراء انفجار النجم في طور وفاته العلماء في فهم موجة الصدمة المنبعثة كنتيجة للمستعرات العظمى أو ما يُعرف باسم الـ سوبرنوفا . فقد جمع فريق دولي من الباحثين ملاحظات عن بقايا أحد المستعرات العظمى القريبة والتكوين الناتج عن انفجار النجم باستعمال محاكاة لقياس درجة الحرارة لذرات الغاز البطيئة المحيطة بالنجم بينما تُسخن بواسطة المواد المدفوعة إلى خارج الانفجار . حلل الفريق البحثي الملاحظات طويلة المدى لبقايا المستعر الأعظم المسمى SN1987A وذلك باستعمال تلسكوب شاندرا لأشعة إكس الخاص بـ ناسا وبناء نموذج لوصف المستعر الأعظم.

واتفق الفريق على أن درجة حرارة الذرات الثقيلة -والتي لم تُرصد- مرتبطة بوزنها الذري، مقدمة بذلك جوابًا عن سؤال امتد به الأجل دون جواب عن موجات الصدمة، ومعلومات هامة عن العمليات الفيزيائية التي تتمّ بها، تصف الورقة البحثية النتائج التي ظهرت 21 يناير 2019 فيjournal Nature Astronomy. وقد أفاد ديفيد بوروز؛ أستاذ الفلك والفيزياء الفلكية بولاية بنسلفانيا ومؤلف الورقة: «تقدم المستعرات العظمى وبقاياها مختبرات كونية تسمح لنا باستكشاف الفيزياء في حالات لا يمكن تحقيقها على الأرض. سمحت لنا التلسكوبات الفلكية الحديثة والمعدات ذات الأساس الأرضي أو الفضائي، بإجراء دراسة مستفيضة عن المستعرات العظمى الموجودة في مجرتنا أو في مجرات قريبة، إذ أجرينا دراسات منتظمة لبقايا المستعر الأعظم باستخدام تلسكوب شاندرا لأشعة إكس الخاص بناسا، وهو أفضل تلسكوب أشعة إكس في العالم منذ أن أُطلق عام 1999.

المستعر الأعظم

المستعر الأعظم

استُعملت المحاكاة أيضًا لتقديم إجابات عن الأسئلة التي بقيت لمدة طويلة دون إجابة متعلقة بموجات الصدمة. إن انفجار نجم عملاق يدفع المواد إلى الخارج بسرعة قد تصل إلى عشر سرعة الضوء دافعة بهذا موجة الصدمة نحو الغاز بين النجمي. ويتركز اهتمام الباحثين على الجزء الأمامي من موجات الصدمة، والانتقال فجأة بسرعات فائقة لسرعة الصوت وكذلك الغاز المتحرك بسرعات بطيئة نسبيًّا، تُسخن الصدمة الأمامية الغاز المتحرك بسرعة صغيرة نسبيًّا لدرجات تصل إلى ملايين الدرجات إذ تكون تلك الحرارة مناسبة للغاز ليصدر عنه أشعة إكس فيمكن رصده من الأرض. قال بوروز: «إن الانتقال المفاجئ مشابه لذلك الذي يمكنك رصده في المطبخ عندما يضرب الماء قاع الحوض بسرعة عالية، ينساب بسلاسة للخارج حتى يقفز فجأة في الارتفاع ويصبح مضطربًا، وقد دُرس الانتقال المفاجئ بشكل خاص في الغلاف الجوي حيث تحدث في مكان قريب للغاية، لكن الوضع مختلف عند التحولات التدريجية وقد تختلف أيضًا طريقة التأثر للذرات المختلفة تبعًا للمواد المختلفة.

وقد قاس فريق بحثي بقيادة ماركو كيكيلي وسلفاتور أورلاندو من جامعة باليرمو بإيطاليا درجات حرارة عناصر مختلفة خلف الصدمة الأمامية، ما سيطور فهمنا لفيزياء عملية الصدمة، ويُتوقع أن تكون درجة الحرارة متناسبة مع الوزن الذري للعناصر، لكن قياس درجة الحرارة بشكل دقيق أمر صعب، وقد أدت دراسات أخرى إلى نتائج متعارضة بسبب إهمال تلك العلاقة، وفشلت في تضمين العناصر ذات الأوزان الذرية الثقيلة، فحوّل الفريق ذلك المستعر الأعظم لأداة لحل تلك المعضلة. يقع ذلك المستعر -الذي قد سبق ذكره وهو محل الدراسة- في الكوكبة الماجلانية الكبرى، وهو أول مستعر يمكن رصده بالعين المجردة منذ مستعر كبلر الأعظم عام 1604، وهو أيضًا الأول الذي يُرصد بأدوات فلكية حديثة؛ فقد وصل الضوء الصادر للانفجار إلى الأرض في 29 فبراير 1987، ومنذ ذلك الحين وهو يُرصد بكافة الأطوال الموجية المتاحة وأشعة إكس وإشعاع جاما، وقد استخدم الفريق تلك المعلومات لبناء نموذج لوصف المستعر الأعظم.

استندت النماذج التي بُنيت لذلك المستعر إلى مشاهدات مفردة، لكن في تلك الدراسة، استند الباحثون إلى محاكاة ثلاثية الأبعاد لمحاكاة مراحل تطور المستعر الأعظم منذ نشأتها حتى الآن، وقد سمحت المقارنات بين المشاهدات القائمة على أشعة إكس والنماذج التي بُنيت للفيزيائيين بقياس درجة الحرارة الذرية للعديد من المواد على مدى واسع من الأوزان الذرية، وكذلك للوصول إلى العلاقة التي تصف درجات الحرارة لكل نوع من الذرات في الغاز بين النجمي. أضاف بوروز: «بإمكاننا الآن قياس درجات الحرارة للعناصر الثقيلة كالحديد والسيليكون، وقد اتضح أنها تتبع العلاقة المحددة التي تربط بين درجة حرارة والوزن الذري، وقد أصقلت تلك النتائج فهمنا لموجات الصدمة وحسنت أيضًا فهمنا لعمليات الصدمة».

ترجمة: عبد الرحمن مكاوي    تدقيق: ماجدة زيدان

المصدر

اقرأ أيضًا:

غبار من قاع المحيط قد يغير فهمنا للسوبرنوفا

علماء يولّدون “سوبرنوفا” في المختبر

علماء الفلك متحمسون بعد رؤية آثار انفجارٍ كونيٍّ شبحيّ