يعتمد طول الثانية على طريقة قياسها، يوجد 24 ساعة في اليوم و60 دقيقة في الساعة و60 ثانية في الدقيقة، على هذا تساوي الثانية 1\24*60*60، أي 1\86400 من اليوم. لكن اتضح أن قياس الوقت ليس بهذه البساطة.

كنا نظن أن الثانية جزء ثابت من الوقت، لكن هذه المدة القصيرة تغيرت مرارًا وتكرارًا على مر العصور.

يقول بيتر ويبرلي، الفيزيائي في المختبر الوطني للفيزياء في المملكة المتحدة: «اعتمدت الثانية في الأصل على طول النهار. شاهد الناس الشمس فوق رؤوسهم، وبدأوا بقياس حركتها باستخدام ساعات شمسية، تقيس الوقت اعتمادًا على حركة الشمس في السماء، ما يُسمى الوقت الشمسي الظاهر».

لكن للساعات الشمسية سلبيات، منها تعذر قياس الوقت عند غياب الشمس، وأيضًا تأثرها بحركة الأرض ودورانها، لذلك فهي غير دقيقة.

يقول ويبرلي إن دوران الأرض ليس ثابتًا: «تزيد الأرض وتبطئ من سرعتها بمرور الوقت، وتوجد تغيرات موسمية وتغيرات كبيرة غير متوقعة من عقد إلى آخر، بسبب التغيرات في النواة الذائبة، والتباطؤ طويل الأمد الناتج من حركة المد والجزر».

في القرن السادس عشر لجأ الناس إلى الوسائل التقنية، فبدأ ظهور الساعات الميكانيكية.

وفقًا لساميت ساركار الفيزيائي من جامعة أمستردام، تحولت صناعة الساعات من الاعتماد على حركة الشمس وطول النهار إلى إيجاد الذبذبات، وتحديد عدد معين من الذبذبات لتعادل ثانية واحدة.

أقدم الساعات الميكانيكية هي ساعات البندول، التي صُممت بتردد معين يعادل ثانية فلكية، يُحسب متوسطها على مدار العام. لاحقًا صمم العلماء مذبذبات أدق وطرق أخرى لإحصاء الوقت مثل النوابض والتروس.

نحو عام 1940، أصبحت ساعات الكوارتز البلورية هي المعيار الجديد الرائج. يقول ساركار: «إذا طبقت جهدًا على قطعة من الكوارتز المُشكلة بعناية، فإنها تبدأ بالاهتزاز، ويمكنك ضبط تردد تلك الاهتزازات بدقة عالية. هذه الدقة مناسبة للاستخدام العام، إلا أنها ليست كافية لتطبيقات فنية حقيقية، مثل الإنترنت أو أنظمة تحديد المواقع بالأقمار الصناعية أو دراسة الأبحاث الأساسية».

تظهر المشكلات بسبب أن كل قطعة من الكوارتز فريدة وتهتز بصورة مختلفة بناءً على ظروف فيزيائية مثل درجة الحرارة والضغط. لتكون دقيقة حقًا، تحتاج الساعات إلى ضبطها مقابل مرجع مستقل وثابت. ما أدى إلى ظهور الساعات الذرية.

للذرات ترددات ثابتة طبيعيًا. وتوجد فقط في حالات طاقة معينة. يمكن للذرات أن تتغير من حالة إلى أخرى فقط بامتصاص أو إطلاق كمية محددة من الطاقة، يوضح ويبرلي: «تتوافق تلك الطاقة مع تردد دقيق، لذا يمكنك استخدام تلك الترددات مرجعًا لقياس الوقت».

أولى الساعة الذرية المستخدمة عمليًا، كُشِف عنها عام 1955، قاسَت عدد انتقالات الطاقة الناتجة عن الموجات الدقيقة للطاقة في ذرات السيزيوم خلال ثانية فلكية واحدة. عام 1967، اتفق المجتمع العلمي على إعادة تعريف الثانية وفقًا لذلك، ويعرف النظام الدولي للوحدات والقياس الآن الثانية بوصفها فترة تتألف من 9,192,631,770 تذبذبًا للطاقة في ذرة السيزيوم.

منذ ذلك الحين، استمرت الثانية الفلكية بالتغير، في حين ظلت الثانية الذرية ثابتة بدقة عند 9,192,631,770 تذبذبًا. هذه التغيرات في الزمن الفلكي تعني أنه كل بضع سنوات، على العلماء إضافة ثانية كبيسة للسماح لتباطؤ دوران الأرض بالتماشي مع الزمن الذري. من المفترض أن تُلغى هذه الثانية الكبيسة عام 2035، لكن لم يحدث توافق عالمي حتى الآن على كيفية التعامل مع هذا الاختلاف الدقيق.

ما زال العلماء غير راضين عن هذا التعريف، الذي تبلغ دقته حتى 10^-15 ثانية أو واحد من الكوادريليون من الثانية. حول العالم، تعمل فرق البحث على ساعات ذرية بصرية أكثر دقة، تستخدم انتقالات ذرية محفزة بواسطة ضوء مرئي عالي الطاقة في عناصر مثل السترونشيوم والإتيربيوم، لتحسين هذه الدقة إلى مئة ضعف.

في الواقع، يناقش العلماء ما إذا كان الأوان قد حان لإعادة تعريف الثانية مرة أخرى وفقًا لتذبذبات الساعة البصرية، باستخدام مصادر الضوء فوق البنفسجي والمرئي بدلًا من الموجات الدقيقة.

مع وجود العديد من الأسئلة المهمة التي ما زالت بحاجة إلى إجابة، من الواضح أن التعريف الدقيق للثانية ما زال قابلًا للتغيير.

اقرأ أيضًا:

ما هو الزمن ؟

طريقة جديدة كليًا لقياس الوقت

ترجمة: ياسين عياش

تدقيق: غفران التميمي

المصدر