يُعد مصطلح نقل الأعضاء بين الكائنات الحية (أو الاغتراس الغريب) جديدًا لمعظم الناس، ولدى الكثيرين أسئلة حول مستقبل هذا النوع من العمليات. وبالتعريف هو نقل أعضاء أو أنسجة من حيوان إلى مضيف بشري. ومع تقدم علم نقل الأعضاء للأمام، أثيرت كثير من الأسئلة حول ما يخبئه المستقبل.

لقد كان البحث عن طريقة ممكنة لتطبيق نقل الأعضاء أحد أهداف العلماء والجرّاحين على مر العقود، على أمل أن يتمكنوا من إنقاذ المزيد من الأرواح وتحسين نوعية حياة المرضى.

حسب إعلان حديث من جامعة ألاباما في برمنغهام عن أول بحث دققه باحثون في المجال، نجحت عملية لنقل كلى خنزير معدل وراثيًا إلى إنسان ميت دماغيًا. وتوّضح الدراسة فاعلية الإجراء الجراحي على المدى الطويل، وكيف يمكن أن تكون عملية نقل الأعضاء من الكائنات الحية في الواقع.

وقد تمكنت الكليتان المنقولتان من تصفية الدم وإنتاج البول، والأهم من ذلك، لم يرفضهما جسم المضيف مباشرة. وبقيت الكليتان حيويتين حتى انتهاء الدراسة، أي بعد 77 ساعة من عملية النقل.

يقول الجراح الرئيسي للدراسة جايمي لوك: «توضّح النتائج الإيجابية كيف يمكن لنقل الأعضاء من الكائنات الحية أن يعالج أزمة نقص الأعضاء في جميع أنحاء العالم، فيوجد مثلًا أكثر من 800 ألف أمريكي يعانون من الفشل الكلوي، وأكثر من 90 ألفًا ينتظرون عملية زرع الكلى، ومع ذلك توجد الكثير من الأسئلة المحيطة بهذا الإجراء ونتائجه، وما يشكله لمستقبل العلم في المجال. وما يزال أمامنا طريق طويل لخوضه قبل أن يصبح نقل الأعضاء بين الكائنات الحية متاحًا للمرضى، ولكننا سنمضي قدمًا نحو جعل العلاج المذهل حقيقيًا».

ما الذي حققته جامعة ألاباما في برمنغهام في البحث؟

نجح الأطباء في جامعة ألاباما في أول عملية نقل كلى خنزير معدل وراثيًا إلى داخل جسم إنسان، وأُجريت الدراسة بموافقة من عائلة المضيف، وتحاكي الدراسة كيفية إجراء عمليات نقل الأعضاء في الإنسان الحي.

يقول لوك: «لقد تمكنّا من وضع نموذج لكل خطوة من العملية كما لو أنها تجربة سريرية من الطور الأول، ولهذا السبب نشعر بالثقة في نجاحها. وأثبتت الدراسة أنه من الممكن أن تشكل حالات الموت الدماغي نموذجًا بشريًا في المرحلة قبل السريرية للدراسة على البشر الأحياء، ويمتد إلى أبعد من زرع الأعضاء. توجد كثير من الأمراض التي نحتاج إلى فهمها، ما يؤدي إلى استخدام تقنيات جديدة لذلك، ولا تكفي النماذج الحيوانية للدراسات قبل السريرية دائمًا. والقدرة على الاختبار على إنسان ميت دماغيًا قبل انتقال الدراسة إلى شخص حي أمر مذهل ويسمح لنا بمعرفة النقاط الرئيسية لضمان سلامة الإجراء».

لماذا يعد هذا أمرًا هامًا؟ وكيف يغير مستقبل عملية نقل الأعضاء؟

يوجد نقص حاد في الأعضاء، وأكثر الأعضاء التي نحتاج إليها هي الكلى. إذ يعد الفشل الكلوي مسؤولًا عن وفاة عدد أكبر من الأشخاص كل عام مقارنة بسرطان الثدي أو البروستات، حسب المعهد الوطني للسكري وأمراض الجهاز الهضمي والكلى.

مع أن زراعة الكلى تُعد العلاج الأفضل لمرضى الفشل الكلوي، لكن تُجرى أقل من 25000 عملية نقل كلى كل عام في الولايات المتحدة بينما يموت 240 من الخاضعين لغسيل الكلى يوميًا، فإيقاف الكثير من الوفيات ممكن إذا توفرت أعداد كافية من الكلى لنقلها إلى المرضى.

قد يستغرق وقت الانتظار للحصول على كلية من متبرع متوفٍ خمس سنوات، وقد يطول إلى 10 سنوات، ويموت 5000 شخص تقريبًا سنويًا في انتظار عملية نقل الكلى.

يضيف لوك: «إن زراعة الكلى علاج لمرض الفشل الكلوي، لكن غسيل الكلى ليس كذلك. العلاج موجود ولكن لدينا فجوة كبيرة بين كمية العرض والطلب».

متى ستنتقل جامعة ألاباما إلى مرحلة التجارب السريرية؟

يعمل الأطباء على الخطوات التالية لبدء تجربة سريرية أو الاستخدام الرحيم أو الطارئ لكلى الخنازير لدى البشر الأحياء. لكن ذلك يحتاج إلى موافقتين رئيسيتين:

  •  أولًا: يجب على إدارة الغذاء والدواء الأميركية أن توافق على طلب بحثي لدواء جديد، يستخدم المنتج البيولوجي (كلى الخنازير المعدلة وراثيًا) لعلاج البشر.
  •  ثانيًا: يجب على مجلس المراجعة المؤسسية للاستخدام لدى البشر (IRB) التابع لجامعة ألاباما مراجعة التجربة السريرية المقترحة والموافقة عليها قبل بدء تجربة المرحلة الأولى لاختبار أمان عملية نقل الأعضاء إلى البشر الأحياء.

أضاف لوك: «نتوقع الحصول على إرشادات إضافية من إدارة الغذاء والدواء الأمريكية بشأن ما يعتقدون أنه مناسب. ومن المحتمل جدًا أنهم قد يريدون منا إجراء دراسات إضافية على النموذج البشري للأشخاص المتوفين دماغيًَا. نحن نخطط لاستخدام هذا النموذج أكثر، ونتطلع إلى إجراء عمليات نقل أعضاء إضافية في هذا النموذج لمواصلة جمع البيانات لنكون مستعدين لإجراء ذلك على الأشخاص الأحياء».

ما الخطوات التالية قبل أن تُستخدم كلى الخنازير التي عدلت عشرة من جيناتها في عملية نقل الأعضاء؟

تواصل جامعة ألاباما وغيرها من المتعاونين الأكاديميين إنتاج البيانات، ويتضمن ذلك العمل في المرحلة قبل السريرية، مع استمرار التقدم في فهم عملية نقل الأعضاء بين الكائنات الحية.

ويكمل لوك: «نواصل العمل مع إدارة الغذاء والدواء الأمريكية على المسار السريري والتنظيمي للمضي قدمًا. لقد أجابت الدراسة الحالية أسئلة السلامة الهامة التي كنا بحاجة إلى إجابات عنها من أجل إجراء عملية نقل الأعضاء للأشخاص الأحياء».

ما مدى اقترابنا من القدرة على إجراء عمليات نقل الأعضاء من الكائنات الحية إلى البشر الأحياء بأمان؟ وما الوقت المناسب حتى يحصل ذلك؟

يعتمد الإطار الزمني الحصول على الموافقات وعلى النجاح في الدراسات المستقبلية والتقدم في التجارب السريرية.

ويضيف لوك: «نحن واثقون من نجاح عملية نقل الأعضاء من الكائنات الحية، نتائجنا بالإضافة إلى عمليات نقل الأعضاء من الكائنات الحية الناجحة في مؤسسات أخرى تجعلنا أقرب ما يمكن إلى أن يكون خيارًا قابلًا للتطبيق لدى المرضى المحتاجين».

لِمَ اختيرت الخنازير؟ وما أوجه التشابه بين الخنازير والبشر؟

تشبه كلى الخنازير إلى حد كبير الكلى البشرية في تركيبها والحجم نفسه تقريبًا.

يقول لوك: «عند التفكير في محاولة تكثيف عمليات نقل الأعضاء في وقت قصير نسبيًا ومواكبة الطلب، فإن الخنزير يوفر فرصة عظيمة لذلك. وبالطبع تُعد أعضاء الخنازير غريبة على جهاز المناعة البشري، ولهذا السبب من المهم إجراء التعديلات الجينية العشرة حتى تصبح كلى الخنزير أكثر إنسانية قليلاً. ويسمح لجهاز المناعة البشري، جنبًا إلى جنب مع مثبطات المناعة التي تستخدم في عمليات نقل الأعضاء من إنسان إلى آخر، بتحمل كلية الخنزير والحفاظ عليها لدى المضيف».

هل ستحل عملية نقل الأعضاء من الكائنات الحية محل عملية نقل الأعضاء من إنسان إلى إنسان؟

لا، من المفترض أن تكون مكملة لعملية نقل الأعضاء من إنسان إلى آخر.

يقول لوك: «إن عملية نقل الأعضاء بين الكائنات الحية لملء الفجوة التي لا يمكن لنقل الأعضاء بين البشر أن يسدها تمامًا، ولكن يجب التنسيق بينهما».
ما المدة المتوقعة قبل الحصول على الموافقات اللازمة؟

يعتمد الإطار الزمني على الاتفاق مع إدارة الغذاء والدواء الأمريكية (FDA) ومجلس المراجعة المؤسسية للاستخدام لدى البشر (IRB) التابع لجامعة ألاباما بشأن المسار السريري للمضي قدمًا.

ويقول لوك: «نشعر أنه يجب علينا اتباع المسار الأسرع والأكثر أمانًا لتقديم التقنيات الرائدة للمرضى المحتاجين. نأمل أن نتمكن من بدء المرحلة الأولى من التجارب السريرية على البشر قريبًا».

هل توجد مخاطر محتملة لنقل الأعضاء الحيوانية إلى الإنسان؟ هل العملية صحيّة؟

نعم، هذه عملية صحيّة، إذ تتربى الخنازير في منشأة خالية من العوامل الممرضة. والإضافة إلى ذلك، تعديل جينات الخنازير يجعل أعضائها أقل عرضة للرفض من المضيف البشري. أما خطر الإصابة بالعدوى مثل فيروس الخنازير الرجعي (أن يصيب الخنازير وينتقل إلى البشر) فيُعد منخفض الخطورة جدًا.

ويقول لوك: «تُربّى سلالات الخنازير هذه لتكون خالية من الفيروس، لذلك نرى فرصة ضئيلة لإصابة المرضى من البشر به. لقد تبنت إدارة الغذاء والدواء الأمريكية الأمر على أنه كافٍ، منذ عشر سنوات مضت».

اقرأ أيضًا:

زراعة قلب الخنزير: هل كان ديفيد بينيت الشخص المناسب لإجراء تلك الجراحة الرائدة؟

ما هي عملية نقل الأعضاء بين الكائنات الحية وكيف تتم؟

ترجمة: تيماء الخطيب

تدقيق: غفران التميمي

مراجعة: محمد حسان عجك

المصدر