متلازمة ما بعد كوفيد-19 أو كوفيد طويل الأمد هي حالة تصيب من 5-50% من جميع المصابين بفيروس كورونا سارس-2.

لا نعرف الكثير عن هذه المتلازمة بسبب عدم توفر الوقت الكافي لعمل دراسات طويلة الأمد منذ بدء جائحة كورونا. مع ذلك بدأت الكثير من الفرضيات بأخذ حيز كبير في الوسط العلمي.

أُجريت دراسة كندية جديدة على عينات دم من أشخاص لديهم أعراض كوفيد-19 طويل الأمد، إذ وجد الباحثون مؤشرًا على أمراض مناعية بعد سنة من الإصابة الأولية بفيروس كورونا.

جُمع أكثر من 160 شخصًا لإجراء دراسة طويلة الأمد لمراقبة أعراض الإصابة بفيروس كوفيد عند الأشخاص الذين تعافوا منه. شُخِّص نحو 106 بالإصابة بكوفيد بين أغسطس 2020 وسبتمبر 2021.

وُزّع الباقون على مجموعتين مرجعيتين: تحتوي المجموعة الأولى على 22 شخصًا لم يصابوا سابقًا، أما الثانية تحتوي 34 شخصًا أصيبوا بالتهابات تنفسية مختلفة.

عمل الباحثون على استفتاء المشاركين عند الشهر الثالث والسادس والثاني عشر بعد الإصابة الأولية بكوفيد-19. شمل الاستفتاء أعراض كوفيد طويل الأمد، مثل: ضيق التنفس والكحة والتعب والنحول.

أُخذت عينات دم من المشاركين واتضح وجود أجسام مضادة مرتبطة بعدد من الأمراض المناعية. إضافة إلى ذلك، وجدوا أجسامًا مضادة ذاتية؛ أي تلك التي تهاجم خلايا الجسم نفسه.

ليست هذه المرة الأولى التي وجد فيها الباحثون هذه الخلايا بل كُشف عنها أيضًا لدى المصابين إصابة شديدة بكوفيد-19 في المستشفيات.

تتناقص أعداد الأجسام المضادة الذاتية كثيرًا لدى أغلب المصابين بعد 12 شهرًا من الإصابة الأولية. لكنها تبقى لدى بعض المرضى؛ ما يسبب لهم أعراضًا مستمرة ويكونون الأكثر احتياجًا للعناية الطبية.

تنفض هذه النتائج الغبار عن إحدى النظريات السابقة عن الإصابة بكوفيد-19؛ إن الإصابة الأولى بكوفيد تعبث بعمل الجهاز المناعي وتغيّره، إذ يبدأ الجهاز المناعي بمهاجمة الفيروس وخلايا الجسم السليمة على حد سواء. لهذا السبب يقارن العلماء كوفيد-19 طويل الأمد بأمراض مناعية مثل متلازمة تسارع معدل ضربات القلب الانتصابي POTS ومتلازمة التعب المزمن.

يؤدي الخلل في عمل الجهاز المناعي في هاتين المتلازمتين إلى خلل في معدل نبضات القلب والضغط الدموي.

وجد الباحثون نوعين أو أكثر من الأجسام المضادة الذاتية في عينات دم أربعة أشخاص من أصل خمسة أشخاص مصابين، وظلّت النسبة ثابتة بعد ثلاثة أشهر وحتى ستة أشهر من الإصابة.

تقل النسبة بعد سنة من الإصابة حتى تصل إلى شخصين فقط من بين 5 مصابين. بينما لم يظهر لدى المجموعتين الباقيتين أي مؤشر على وجود هكذا نوع من الأجسام المضادة الذاتية.

أظهر المصابون بكوفيد-19 من المشاركين في الدراسة زيادة في السيتوكينات، وهي بروتينات صغيرة توجه الاستجابة المناعية للجسم عبر نقل الرسائل بين الخلايا. ما يعني تعزيز الالتهاب وجعل الإصابة بكوفيد-19 أشد حدة.

لا شك في أن النتائج التي أظهرتها الدراسة لها أهمية تشخيصية وعلاجية يمكن تطبيقها مستقبلًا.

يعاني الملايين من الأشخاص حول العالم أعراض كوفيد طويل الأمد، ولهذا آثار اقتصادية واجتماعية جسيمة. لا يعرف الباحثون السبب الحقيقي وراء تطور أعراض هذه المتلازمة لدى بعض المصابين عن غيرهم، ولا يعرفون حتى الآن كيف يمكن مساعدة المصابين على التخلص النهائي من الأعراض والوصول إلى الشفاء التام.

تؤدي بعض أنواع الإصابات الجرثومية إلى أمراض مناعية طويلة الأمد مثل التهاب المفصل الروماتويدي أو الصدفية. تعطي هذه الدراسة الدليل على وجود عمليات مشابهة تحدث لدى المصابين بكوفيد-19 طويل الأمد.

إن استمرار الدراسات حول هذه الحالة سيمنح العلماء معلومات كافية لمعرفة الحالة ومنح المصابين التشخيص والعلاج المثاليين.

اقرأ أيضًا:

الفيروس الذي يسبب كوفيد-19 يستخدم أنابيب نانوية ليصيب الدماغ

عوامل ترتبط بمخاطر أعلى للإصابة بكوفيد-19 طويل الأمد

ترجمة: غند ضرغام

تدقيق: رغد أبو الراغب

مراجعة: عبد المنعم الحسين

المصدر