ساهمت إجراءات التباعد الاجتماعي التي طُبقت بحزم وفعالية خلال جائحة كوفيد-19 الحالية في حدوث انخفاض كبير في معدل انتشار الأمراض المعدية الشائعة وخصوصًا عند الأطفال.

خلّف وباء كوفيد-19 خسائر فادحة في الأرواح والاقتصاد، إذ بلغ عدد الإصابات حتى تاريخ 8 سبتمبر الحالي أكثر من 27 مليون إصابة حول العالم مع أكثر من 900 ألف وفاة، وخسائر مالية تقدر بمئات مليارات الدولارات.

رغم كل هذا التأثير المدمر يبدو أن لجائحة كوفيد-19 تأثيرًا إيجابيًا بسبب إجراءات الوقاية والعزل والتباعد الاجتماعي التي تعلمناها جميعًا وفُرضت علينا خلال الجائحة، فهذه الإجراءات المُطبقة لإيقاف انتشار فيروس كورونا -أو تخفيف انتشاره على الأقل- ساهمت في تقليل انتشار الأمراض المعدية الأخرى.

كيف أثرت إجراءات الوقاية من كورونا في معدل الإصابات بالأمراض المعدية الأخرى - إجراءات التباعد الاجتماعي - انتشار الأمراض المعدية

بدا واضحًا منذ بداية تفشي فيروس كورونا وانتشاره على مستوى العالم وعدم وجود علاج أو لقاح فعال أن الحل الوحيد المتوفر بين أيدينا حاليًا يتمثل بتطبيق قواعد الحجر الصحي التي تعلمتها البشرية منذ مئات السنين، فأغلقت الدول حدودها وقُيّدت الحركة بين المدن والبلدات وأُغلقت الجامعات والمدارس وجميع الأعمال غير الأساسية.

هذا على الصعيد العام، أما على الصعيد الشخصي زاد الالتزام بقواعد النظافة العامة وإجراءات التباعد الاجتماعي كغسل الأيدي المتكرر بالماء والصابون وارتداء الأقنعة وتجنب مخالطة المصابين والبقاء في المنزل إلا للضرورة القصوى. ساهمت هذه الإجراءات وغيرها في الحد من انتشار فيروس كورونا وأنقذت ملايين الأرواح، ولكن يبدو أيضًا أنها ساهمت من جهة أخرى وبشكلٍ غير مقصود في الحد من انتشار العديد من الأمراض الشائعة.

درس باحثون في ولاية ماساتشوستس الأمريكية تأثير إجراءات التباعد الاجتماعي على انتشار 12 مرضًا من الأمراض المعدية الشائعة عند الأطفال، وتشمل هذه الأمراض:

  •  الإنفلونزا
  •  نزلات البرد
  •  التهاب الأذن الوسطى
  •  التهاب الجيوب
  •  التهابات البلعوم الجرثومية
  •  التهابات البلعوم الفيروسية
  •  الخناق (الدفتيريا)
  •  التهاب القصبات
  •  ذات الرئة
  •  التهاب المعدة والأمعاء
  •  التهاب المسالك البولية
  •  التهاب الجلد والأنسجة الرخوة

حلَّل الباحثون بيانات أكثر من 375 ألف طفل تتراوح أعمارهم بين 0 – 17 عامًا، وراقبوا معدل حدوث الأمراض المعدية آنفة الذكر عند هؤلاء الأطفال مع مقارنتها بمعدل حدوثها في السنة الماضية. أكدت النتائج أن معدل انتشار الأمراض المعدية الشائعة أقل بشكل ملحوظ بعد تطبيق إجراءات التباعد الاجتماعي الخاصة بفيروس كورونا، فمثلاً اختفت أمراض كالإنفلونزا والتهاب القصبات والخناق بشكل شبه كامل (إصابة واحدة من بين كل 100 ألف طفل)، في حين انخفض معدل الإصابة ببقية الأمراض بشكل مهم ما عدا التهاب المسالك البولية (لا يعتبر مرضًا معديًا رغم شيوعه).

تكمن أهمية نتائج الدراسة السابقة إذا علمنا حجم انتشار الأمراض المعدية وتأثيرها، فمثلاً تصيب ذات الرئة 500 مليون إنسان حول العالم (7% من سكان العالم) وتؤدي إلى وفاة أكثر من 4 ملايين شخص سنويًا، في حين تسبب الإنفلونزا أكثر من 5 ملايين إصابة شديدة حول العالم سنويًا وتؤدي إلى وفاة مليون شخص.

اقرأ أيضًا:

ما الذي يتوقع الخبراء حدوثه خلال سنة من الآن في ظل جائحة كورونا ؟

هل ينتقل فيروس كورونا بواسطة الطعام؟

إعداد: د. محمد الأبرص

تدقيق: جعفر الجزيري

مراجعة: رزان حميدة

المصادر: 1 2

Acute and Critical Care Medicine at a Glance, Richard Leach, 2ed.