في كل مرة تقفز فيها، فإنك تختبر الجاذبية، إنها تدفعك نحو الأسفل إلى الأرض. ودون الجاذبية، ستطفو في الغلاف الجوي عاليًا. إنك ترى الجاذبية تعمل في كل وقت تُسقط فيه كتابك، أو عند وقوفك على الميزان أو ترمي كرةً في الهواء. إنها ثابت موجود في حياتنا، ونادرًا ما نتعجب من غموضها، على الرغم من النظريات التي لاقت رواجًا واسعًا في محاولة تفسير سبب سقوط الكتاب على الأرض (وبنفس المعدل التي تسقط فيه حجارة أو أريكة)، إلا أنها ما زالت مجرد نظريات. إذ أن لغز قوة الجاذبية سليم للغاية.

إذن ما الذي نعرفه عن الجاذبية ؟

نعلم بأنها تسبب انجذاب أي جسمين في الكون إلى بعضهما. ونعرف بأن الجاذبية ساهمت في تشكيل الكون، وأنها حافظت على بقاء القمر في مداره حول الأرض، ويمكن تسخيرها في التطبيقات البشرية مثل المحركات التي تعمل بالجاذبية أو مصابيح الجاذبية.

أما بالنسبة للعلم وراء هذا الفعل، فإننا نعلم بأن إسحاق نيوتن قد عرف الجاذبية على أنها قوة تجذب جميع المواد إلى جميع المواد الأخرى. كما نعلم أن ألبرت إينشتاين قال بأنها نتيجة لانحناء نسيج الزمكان. هاتان النظريتان هما التفسير الأكثر شيوعًا وانتشارًا (حتى وإن كانتا غير مكتملتين).

في هذا المقال، سنلقي نظرة على نظرية نيوتن للجاذبية، ونظرية أينشتاين للجاذبية، وسنتطرق إلى وجهة نظر أكثر حداثة بخصوص هذه الظاهرة. وعلى الرغم من أن العديد من الناس قد أقروا بوجود الجاذبية، فقد كان نيوتن أول من طور تفسيرًا ملائمًا للجاذبية، لذلك سنبدأ عنده.

جاذبية نيوتن

وضع نيوتن فكرة أن الجاذبية قوة يمكن التنبؤ بها. وأكسبته جهوده الناجحة نصبًا تذكاريًا في مرصد جريفيت. على اليسار عالم الفلك ويليام هيرشيل.

وضع نيوتن فكرة أن الجاذبية قوة يمكن التنبؤ بها. وأكسبته جهوده الناجحة نصبًا تذكاريًا في مرصد جريفيت. على اليسار عالم الفلك ويليام هيرشيل.

في القرن السادس عشر، كان الرياضي والفيزيائي الإنجليزي إسحاق نيوتن جالسًا تحت شجرة تفاح -حسب ما تخبرنا به الأسطورة- ويبدو أنه قد سقطت تفاحة على رأسه، وعندها بدأ يتسائل عن سبب انجذاب التفاحة إلى الأرض.

أعلن نيوتن نظريته عن الجاذبية الكونية في ستينيات القرن السادس عشر. وقد أوضحت نظريته فكرة أن الجاذبية هي بشكل أساسي قوة يمكن التنبؤ بها وتطبق على كل شيء موجود في الكون، وهي تابعة لكل من الكتلة والمسافة.

وتنص النظرية على أن كل جسيم من المادة يجذب كل جسيم آخر بقوة تتناسب مع حاصل كتلتهم وتتناسب تناسبًا عكسيًا مع مربع المسافة بينهما، وبالتالي كلما كانت الأجسام أبعد و/أو أقل كثافة، كانت قوة الجاذبية أقل.

لمعرفة الصيغة النموذجية لقانون الجاذبية اذهب إلى الرابط

Gravitational Force = (G * m1 * m2) / d2

إذ أن G هي ثابت الجاذبية، و m1 و m2 هي كتلة كلًا من الجسمين الذين تحسب قوة الجاذبية بينهما، و d هي المسافة بيم مركز الجاذبية لكل من كتلتي الجسمين.

تأخذ G القيمة: 6.67x10E-8 dyne * cm2/gm2

الداين هي وحدة قياس قوة.

أي إذا وضعت جسمين كتلة كل منهما 1 غرام على مسافة 1 سم عن بعضهما البعض، فسوف ينجذبان إلى بعضهما بقوة تساوي 6.67x10E-8 dyne. واحدة الداين تساوي وزن يقارب 0.001 غرام، ما يعني أنه إذا كان لديك داين واحد من قوة متاحة، فيمكنها رفع 0.001 غرام في مجال الجاذبية الأرضي. لذلك تعتبر 6.67x10E-8 dyne قوة ضئيلة.

وعندما تتعامل مع أجسام ضخمة مثل الأرض، والتي تبلغ كتلتها حوالي 6×1024 كيلوغرام (انظر لأي مدى يبلغ وزن الأرض؟)، فإنها تعطي قوة جاذبية كبيرة إلى حد ما. ولهذا السبب أنت لا تطفو في الفضاء الآن.

إن قوة الجاذبية التي تؤثر على جسم ما هي وزن ذلك الجسم أيضًا. وعندما تقف على الميزان، فإنه يقرأ مقدار قوة الجاذبية المطبقة على جسمك. ومعادلة تحديد الوزن من المصدر هنا

Weight = m * g

إذ أن m هي كتلة الجسم، وg هو تسارع الجاذبية. وتسارع الجاذبية الأرضية يساوي 9.8 m/s² لا يتغير أبدًا، بغض النظر عن كتلة الجسم. ولهذا السبب إذا قمت بإسقاط حجارة وكتاب أو أريكة فستصل إلى الأرض في نفس الوقت.

لمئات السنين، كانت نظرية الجاذبية للجاذبية قائمة وحدها في المجتمع العلمي. إلى أن تغير ذلك في بدايات القرن التاسع عشر.

جاذبية أينشتاين

كيف تعمل الجاذبية انجذاب أي جسمين في الكون إلى بعضهما الفرق بين جاذبية نيوتن وجاذبية أينشتاين انحناء في نسيج الزمكان انجذاب التفاحة إلى الأرض

وصف أينشتاين الجاذبية على أنها تشوّه بنسيج الزمكان.

ساهم ألبرت أينشتاين، الحائز على جائزة نوبل في الفيزياء في عام 1921، بوضع نظرية بديلة للجاذبية في بدايات القرن التاسع عشر. وقد كانت جزءًا من نظريته الشهيرة في النسبية العامة، كما قدم شرحًا مختلفًا تمامًا عن قانون نيوتن للجاذبية. لم يؤمن أينشتاين بأن الجاذبية كانت قوة أبدًا، وقال أنها تشويه في شكل نسيج الزمكان، والمعروفة من ناحية أخرى باسم البعد الرابع.

تنص الفيزياء الأساسية على أنه في حال عدم وجود قوى خارجية تعمل، فإن الجسم سيسافر دومًا بخط مستقيم. وفقًا لذلك فإنه دون القوة الخارجية سيسافر جسمان بمسارين متوازيين وسيبقيان دائمًا متوازيان، ولن يلتقيا أبدًا.

إلا أن الجسمين يجتمعان في الواقع. فالأجسام التي تبدأ بمسارات متوازية تنتهي أحيانًا بالتصادم. تقول نظرية نيوتن أن ذلك يحدث بسبب الجاذبية، وهي قوة تجذب الجسمين إلى بعضهما أو إلى جسم ثالث. ويقول أينشتاين أيضًا أن ذلك يحدث بسبب الجاذبية لكن في نظريته الجاذبية ليست قوة، إنها انحناء في نسيج الزمكان.

وفقًا لأينشتاين، يبقى الجسمان يسافران في أقصى خط مستقيم، ولكن بسبب تشوه الزمكان، يصبح خطًا مستقيمًا على مستوى كروي. لذلك فالجسمان اللذان كانا يتحركان في مستوى مسطح، يتحركان على مستوى كروي، وينتهي مساران مستقيمان على طول هذا المجال الكروي بنقطة واحدة.

ما تزال نظريات الجاذبية الحديثة تعبر عن الظاهرة بمصطلحات الجسيمات والأمواج. تنص إحدى النظريات على أن جسيمات تدعى جرافيتون تتسبب في جذب المواد إلى بعضها البعض.

لكن لم يرصد الجرافيتون مطلقًا، وليس لديه موجات جاذبة، في بعض الأحيان تسمى إشعاع الجاذبية، والتي من المفترض أنها تتولد عندما يتسارع جسم بتأثير قوة خارجية. (المصدر: scientific American).

بوجود الجرافيتون أو بعدمه، فإننا نعلم بأن ما يرتفع عن الأرض يجب أن يسقط، على أمل أن نعرف يومًا ما. ولكن حتى ذلك الوقت، يمكننا الشعور بالرضا بمجرد معرفة أن كوكب الأرض لن يقذف إلى الشمس في أي وقت قريب. فالجاذبية تبقيها بأمان في المدار.

اقرأ أيضًا:

قواعد الجاذبية من الممكن أن تكون ذات ارتباط جوهري مع الحوسبة الكمومية

هل الجاذبية كمومية ؟ وما هو الغرافيتون ؟

ترجمة: فارس بلول

تدقيق: سلمى توفيق

المصدر