تدخل العناصر الأرضية النادرة مكونًا أساسيًا في الكثير من الأجهزة الإلكترونية، من الهواتف الذكية وكابلات الإنترنت إلى توربينات الرياح والسيارات الكهربائية. لكن استخدام تلك العناصر للتوصل إلى مركبات جديدة يمكن استخدامها عمليًا هو أمر بالغ الصعوبة، ونتائجه غير متوقعة.

توصل العلماء إلى طريقة ذكية تساعدنا في البحث عن مركبات أرضية نادرة جديدة، إذ طوروا نظام ذكاء اصطناعي حديثًا، يتمتع بقدرات تنبؤية ستأخذنا إلى آفاق جديدة تفوق ما يمكن للبشر تحقيقه في المختبر.

يعتمد نهج الذكاء الاصطناعي المستخدم على «التعلم الآلي»، إذ يدرس البرنامج قاعدة بيانات المعلومات -المركبات الأرضية النادرة في هذه الحالة- ويتعرف على الأنماط والارتباطات، التي تمكنه بعد ذلك من اكتشاف مركبات محتملة جديدة، بناءً على قاعدة البيانات المذكورة.

يقول عالم المواد براشانت سينغ، من مختبر أميس بجامعة ولاية آيوا: «التعلم الآلي مهم حقًا، فنحن هنا نتحدث عن مركبات جديدة. ولدينا عدد من المركبات المعروفة جيدًا ضمن مجتمع العناصر الأرضية النادرة».

«لكن عندما نتحدث عن مركبات جديدة، يختلف الأمر تمامًا. إذ يصبح لدينا عدد هائل من المركبات المحتملة، قد تصل إلى ملايين، ولا يمكنك التحقق من جميع التركيبات الممكنة باستخدام النظريات أو التجارب».

في علم المواد، يشير الانتظام أو الفوضى إلى طريقة ترتيب الجسيمات في المادة. مثلًا، قد تترتب على شكل شبكة بلورية مثالية أو في ترتيب آخر أكثر فوضوية وتشتتًا. ما يؤثر مباشرةً في خصائص المادة واستخداماتها.

صُمم نموذج التعلم الآلي في هذه الحالة باستخدام قاعدة بيانات المركبات الأرضية النادرة، وبعض مبادئ النظرية الوظيفية للكثافة، التي تتعامل مع تحليل الهياكل المادية، وهي مثالية لهذا النوع من الأبحاث.

يعتمد تصميم النموذج على إمكانية اختبار مئات التباديل بسرعة كبيرة، واختبار استقرار الطور لكل منها. بعبارة أخرى، يمكن للذكاء الاصطناعي الحكم على قابلية مزيج المركبات النادرة المحتمل للوجود فعليًا، دون أن ينهار.

ثم تُضاف هذه الحسابات إلى معلومات إضافية من الإنترنت -توجد بواسطة خوارزميات خاصة- ويُتحقق من صحتها، وتُجرى فحوص إضافية للتحقق من واقعيتها.

يقول عالم المواد ياروسلاف مودريك، من مختبر أميس: «ليس الهدف اكتشاف مركب معين، بل تصميم نهج جديد أو أداة جديدة لاكتشاف المركبات الأرضية النادرة وتوقع وجودها، وهو ما حققناه».

يمكن أيضًا إعادة إدخال البيانات التجريبية إلى نظام التعلم الآلي، ما يؤدي إلى زيادة دقته وتقليل فرصة حدوث أخطاء، مثل الحصول على مركبات أرضية نادرة غير حقيقية.

حاليًا، ما زال النموذج قيد التقييم والتعديل قبل بدء مهمة البحث الفعلي عن المركبات الأرضية النادرة، ويرى الباحثون أن هذه الخطوة ما هي إلا بداية للنظام المطور حديثًا.

من الجيد أن هذه التقنيات التي يستخدمها الفريق ستبحث عن أنواع أخرى بعيدة المنال من المواد في المستقبل. ففي النهاية، لا ينبغي علينا الاعتماد كثيرًا على الصدفة لإنجاز هذه الأنواع من الاكتشافات.

كتب الباحثون في ختام البحث: «سيكون نهجنا مفيدًا في اكتشاف مركبات أرضية نادرة جديدة ومعقدة، وذات وظائف جديدة».

اقرأ أيضًا:

تطوير مادة كيميائية تعمل على التخلص من اليورانيوم في أجسام الفئران

المركبات والجزيئات

ترجمة: أحمد رجب

تدقيق: أكرم محيي الدين

المصدر