قد تتصور أن ذهنك بوسعه أن يكون دومًا حياديًّا في قرارته، لكن للأسف فإن الواقع خلاف ذلك. في كثير من الأحيان نقع في تحيزات معرفية تؤثر على قراراتنا. تتحدث هذه المقالة عن أحد أنواع التحيزات المعرفية، وهي الإجماع الزائف.

في البدء، ما الإجماع الزائف؟

هو ذلك النوع من التحيز المعرفي الذي يدفع الناس إلى الاعتقاد بأن أفكارهم ومعتقداتهم طبيعية، وأن غالبية الناس يشاركونهم الآراء نفسها.

لماذا يحدث الإجماع الزائف؟

اقترح الباحثون وجود ثلاثة أسباب رئيسية وراء حدوث الإجماع الزائف:

  1.  عندما نعرض معتقداتنا ونتناقش فيها، فغالبًا ما يكون ذلك النقاش مع أصدقائنا وأقربائنا، وكثيرًا ما يحمل هؤلاء الأشخاص أفكارًا تشابه أفكارنا، لذا فعند موافقتهم على فكرة ما، نشعر كما لو كان كل الناس موافقين ومجمعين عليها.
  2.  نتحمس للاعتقاد بأن الآخرين مثلنا تمامًا لكي يزداد الشعور بتقديرنا لذاتنا أو الشعور بالرضا عن أنفسنا.
  3.  تتصدر أفكارنا ومواقفنا ومعتقداتنا طليعة الأفكار في أذهاننا، فمن الأرجح أننا سنلاحظ فورًا المواقف المماثلة من الأشخاص الآخرين.

كيف يؤثر الإجماع الزائف على طريقة تفكيرك في الآخرين؟ - تحيزات معرفية تؤثر على قراراتنا - التحيز المعرفي - الإجماع الخاطئ - المبالغة في التقدير

العوامل المؤثرة على الإجماع الزائف:

يكون تأثير الإجماع الزائف أقوى في مواقف معينة:

1. إذا شعرنا أن هذا الشيء مهم حقًّا أو شعرنا بالثقة بوجهة نظرنا فهذا يعني أننا -على الأرجح- نفترض أن كثيرًا من الناس يتفقون معنا.

يكون الإجماع الزائف أكثر تأثيرًا في هذه الحالات، فعلى سبيل المثال، إذا كنت من المهتمين بالبيئة، فمن المحتمل أن تبالغ في تقدير عدد الأشخاص الذين يهتمون أيضًا بالقضايا البيئية.

2. يكون التأثير أقوى في الحالات التي نشعر فيها أننا مستيقنون من أفكارنا ومعتقداتنا بنسبة 100%. فإن كنت نائبًا برلمانيًّا وشعرت أن إصدار قانون معين سيقلل من حجم الجريمة في مجتمعك، فمن المرجح أن تصدق أن غالبية الناخبين في بلدك سيدعمون تمرير القانون.

3. من المرجح أن للعوامل الظرفية أو السياق المكاني دورًا رئيسيًّا في زيادة تأثير الإجماع الزائف. على سبيل المثال، تخيل أنك ذهبت لمشاهدة فيلم، ووجدت بعض الأمور المزعجة في صالة السينما ،مثل: عدم نظافة المكان أو الخدمة السيئة وما إلى ذلك، فإن شعرت أن الفيلم سيئ بسبب هذه العوامل السياقية، فسوف تزداد احتمالية أن تعتقد أن جميع المشاركين الآخرين سيشاركونك الاعتقاد بأن الفيلم غير جيد.

البحوث في تأثير الإجماع الزائف:

وُصف الإجماع الزائف أول مرة في أواخر السبعينيات من قِبل الباحث لي روس وزملائه.

في إحدى التجارب، قرأ الباحثون موقفًا معينًا أمام المشاركين في الدراسة، وخُيِّر المشاركون بين خيارين، فاستجاب المشاركون بطريقتين مختلفتين لهذا الموقف.

بعد ذلك، طُلب من المشاركين تخمين الخيار الذي سيختاره المشاركون الآخرون في التجربة، وكذلك، طُلب منهم إعطاء وصف لنوع الأشخاص الذين سيختارون كل خيار من الخيارين.

اكتشف الباحثون أن المشاركين يميلون إلى الاعتقاد بأن غالبية الأشخاص سيختارون نفس اختيارهم، ووجد الباحثون أيضًا أن الناس يميلون إلى إعطاء وصف أكثر تطرفًا لخصائص الأشخاص الذين يختارون الخيارات البديلة الأخرى المختلفة.

اقرأ أيضًا:

توقف عن اتخاذ قراراتك وأنت جائع !

كيف يمكن تحسين عملية اتخاذ القرارات في الدماغ ؟

ترجمة: جعفر قيس

تدقيق: سلمى عفش

مراجعة: صالح عثمان

المصدر