كيف يخدع السرطان جهازنا المناعي؟


اكتشف باحثون في جامعة كولومبيا البريطانية الطريقة التي تجعل الخلايا السَّرطانيَّة غير مرئيَّة بالنسبة للجهاز المناعي في الجسم، وبالتالي السَّماح للأورام الخبيثة بالانتشار.

يقول (وايلفريد جيفريز – Wilfred Jefferies) المؤلف الرئيسي للدراسة الذي يعمل في مختبرات مايكل سميث وأستاذ علم الوراثة الطبيَّة وعلم الأحياء الدَّقيقة والمناعة بجامعة كولومبيا البريطانيَّة في كندا: «الجهاز المناعي قادرٌ على تمييز الأورام الأولية وإيقاف نموها، لكنه يعجز عن ذلك عند انتشار الأورام السَّرطانيَّة الخبيثة».

ويضيف: «لقد اكتشفنا آلية جديدة تبيّن كيف تقوم الأورام الخبيثة بخداع الجهاز المناعي، وبدأنا بعكس هذه العمليّة حتى يتمكن من كشفها من جديد».

يتلخص الموضوع بأنَّ الخلايا السَّرطانيَّة تتطور مع مرور الوقت وتصادف تغيراتٍ على المستوى الجيني، وبحسب ما اكتشفه الباحثون أنَّه خلال تطوّرها تفقد السَّرطانات القدرة على تصنيع بروتين الإنترلوكين-33 (interleukein-33) أو(IL-33).

والذي باختفائه يفقد الجهاز المناعي قدرته على تمييز الخلايا السَّرطانيَّة، لتبدأ بالانتشار والنمو والتحول إلى ورمٍ خبيثٍ.

ولوحظ أيضًا أنَّ فقدان بروتين انترلوكين-33 يحدث في السَّرطانات الظهارية التي تنمو على الأنسجة المبطِّنة لأعضاء الجسم الدَّاخلية.

وتشمل هذه السَّرطانات: سرطان البروستات وسرطان الكلى والرئة وسرطان الثَّدي وسرطان الرَّحم وعنق الرَّحم والبنكرياس والجلد وغيرها.

بالتعاون مع باحثين في مركز فانكوفر لسرطان البروستات وبعد دراسة عدة مئات من الحالات، وجد الباحثون أيضًا أنَّ المرضى الذين يعانون من سرطان البروستات أو سرطان الكلى – أي من الأورام التي تفتقد لبروتين الانترلوكين-33 – تتزايد لديهم احتمالات عودة الأورام مرة أخرى على مدى الأعوام الخمسة اللاحقة.

وسيبدأ العلماء دراسةً جديدةً لتحديد فيما إذا كان اختبار بروتين الانترلوكين-33 وسيلةً فعالةً لمراقبة تطوّر بعض أنواع السَّرطانات.

تقول (إريانا سارنشوفا – Iryna Saranchova) الطالبة في مرحلة الدكتوراه في علم الأحياء الدقيقة وعلم المناعة والمؤلفة الأولى للدراسة: «من الممكن أن يكون بروتين إنترلوكين-33 أحد المؤشرات الحيويَّة المناعيَّة الأولى لسرطان البروستات، ومن المخطط دراسة هذا الأمر في المستقبل القريب، على عدد أكبر من المرضى».

وقد حاول الباحثون منذ فترة طويلة استخدام الأجهزة المناعيَّة الطبيعيَّة في الجسم لمحاربة السَّرطان، لكنهم لم يتوصلوا إلى علاجات ذات إمكانيات عالية حتى الأعوام القليلة الماضية.

أما المشاركون في التأليف إريانا وجيفري وزملائهم من مختبرات مايكل سميث وجدوا أنَّ إعادة بروتين انترلوكين-33 للخلايا السَّرطانية تساعد الجهاز المناعي في التَّعرف على الأورام الخبيثة. وستُجرى المزيد من البحوث للتحقق من فعالية هذه الطريقة في معالجة السَّرطان عند البشر.

كيف يعمل بروتين انترلوكين-33؟

تتطور الخلايا السَّرطانيَّة وتصادف تغيراتٍ على المستوى الجيني، ومع تطورها تفقد القدرة على تصنيع بروتين الإنترلوكين-33.

وهو بروتين محفز لمركب آخر من البروتينات يعرف بـ (مركب التوافق النسيجي- major histocompatibility complex) الذي يساعد على تحديد نوع خلية معيَّنة سواء جيدة أم ضارة.

ومع هذه البروتينات تحمل الخلايا السرطانية الأولية على سطحها الخارجي دلالات تمكِّن الخلايا المناعيَّة من التَّعرف عليها وتدميرها.

وعندما يختفي بروتين انترلوكين-33 من الأورام تختفي تلك الإشارات تدريجيًا ويفقد الجهاز المناعي قدرته على تمييز الخلايا السَّرطانية التي تأخذ بالانتشار داخل الجسم.


ترجمة: رزان بن سلمان
تدقيق: دعاء عساف
المصدر