ينبغي أن أبدأ بالقول إن معظم الرسائل الإلكترونية في هذه الأيام لا تستغرق أكثر من بضع دقائق، على الأكثر، للوصول إلى وِجهتها.

بعبارة أخرى، إن رسائل البريد الإلكتروني تصل تقريبًا بنفس السرعة التي تصل بها الرسائل الفورية في معظم الحالات.

لكن بطبيعة الحال، يجب أن تكون الرسائل الفورية أسرع قليلًا، لكن ذلك لا يعني أن رسائل البريد الإلكتروني يجب أن تكون بطيئة بالمقارنة.

لماذا لا تصل رسائل البريد الإلكتروني مباشرةً كما هو الحال مع الرسائل الفورية؟

السبب الرئيسي وراء تأخّر رسائل البريد الإلكتروني دقائق أو حتى ساعات للوصول إلى وجهتها هو أنها مصمّمة للمرور خلال عدد من خوادم البريد، وهو أمر يمكن أن يستغرق بعض الوقت.

على عكس الرسائل الفورية، يجب أن تمرّ الرسائل الإلكترونية عبر بضع «محطات» قبل عرضها أخيرًا في البريد الوارد للمستلِم.

كيف يعمل البريد الإلكتروني؟

عند الانتهاء من كتابة محتوى البريد الإلكتروني والضغط على زر «الإرسال»، يتصل خادم البريد الإلكتروني (مثل Webapp أو Outlook أو Gmail أو تطبيق البريد الإلكتروني للهاتف) بخادم بريد إلكتروني آخر.

بمجرّد إنشاء الاتصال، يتم إرسال البريد الإلكتروني الخاص بك إلى ذلك الخادم، حيث يجلس في طابور الرسائل الصادرة. الفكرة مشابهة نوعًا ما لترك رسالة في مكتب البريد.

يبحث الخادم الآن عن مكان إرسال البريد الإلكتروني ويتصل بخادم البريد للمستلِم.

إذا كان كل شيء يسير على ما يرام، فإن خادم المستلِم سيردّ: «كل شيء على ما يرام. سأرسل بريدك الآن». ويتم تسليم البريد الإلكتروني إلى خادم المستلِم ثم إضافته إلى قائمة الانتظار للرسائل الواردة.

الآن يتحقّق خادم المستلِم من أن عنوان البريد الإلكتروني الذي راسلته موجود بالفعل.

إذا كان الأمر كذلك، سيقوم الخادم بإجراء فحص على البريد الإلكتروني (فحص للفيروسات، تصفية رسائل البريد المزعجة.. إلخ) وأخيرًا يحوّله إلى البريد الإلكتروني الخاص بالمستلِم.

هنا يبقى البريد الإلكتروني حتى يضغط المستلِم على زر «التحديث»، ويسأل عميل البريد الإلكتروني الخاص به: «هل لديك شيء جديد لي؟» فيظهر البريد الإلكتروني في صندوق البريد الخاص بالمستلِم.

كيف تعمل برامج المراسلة الفورية؟

الشيء الذي يضع الرسائل الفورية بعيدًا عن أشكال الاتصال الأخرى هو طبيعتها في التواصل بالوقت الحالي (الوقت الحي).

بعبارة أخرى، يجب أن يتواجد الطرفان، المرسل والمتلقي، في نفس الوقت للتواصل عبر الرسائل الفورية، مثل الكثير من المحادثات الهاتفية وحتى المحادثات المباشرة (وجهًا إلى وجه).

هناك الكثير من تطبيقات وبرامج للمراسلة الفورية اليوم، بما فيها(Whatsapp)  (Facebook) ،(Messenger) (Telegram) و(Yahoo messenger) وما إلى ذلك، والتي يمكن للأشخاص استخدامها للتحدّث مع أصدقائهم من جميع أنحاء العالم.

عند استخدام تطبيق أو برنامج للمراسلة فورية، فإنه يُنشئ رابطًا مباشرًا بينك وبين صديقك (أي الشخص الذي تحاول الاتصال به).

عند تسجيل الدخول، يتحقّق خادم مركزي للتطبيق لمعرفة من هم متصلون بالإنترنت الآن من بين جهات الاتصال لديك، ثم يرسل الخادم عنوان IP الخاص بكل شخص يجده على الإنترنت.

وبالتالي، عند إرسال رسالة نصية إلى شخص ما، يصلك الخادم مباشرةً بجهاز المستلم، ومن ثم يمكنك إرسال الرسائل وتلقّيها في الوقت الحالي.

هذا هو السبب في أن الإنترنت يأتي مع إيجابيات وسلبيات خاصة به.

تعمل تطبيقات المراسلة الفورية بسرعة لأن كلًا من المرسل والمستلِم يستخدمان نفس التطبيق أو البرنامج، ما يعني أنه سيتم التعامل مع الرسائل من كلا الجانبين بواسطة خوادم نفس الخدمة، بخلاف رسائل البريد الإلكتروني.

باختصار، يعمل البريد الإلكتروني على نموذج الإرسال والتخزين (Forward and Store)، ما يعني أنه يتم تخزين بريدك على الخادم حتى يتم تسليمه إلى الجانب الآخر.

يأتي هذا النموذج بافتراض أن جهاز المستقبل لا يتوقّع استلام البريد في الوقت الفعلي للحدث.

يتميّز هذا النموذج أيضًا بميزة مهمة: ميزة ضمان للإرسال مدمجة فيه، أي أنه في حالة تعطّل الخادم الأساسي يتم توجيه بريدك الإلكتروني إلى خادم النسخ الاحتياطي، حيث يتم تخزينه لاسترداده مرة أخرى في وقت لاحق.

إذا لم يتم تسليم البريد الإلكتروني على الفور، ستقوم الخوادم بإعادة المحاولة مرّات عدة قبل التخلص منه في النهاية.

من ناحية أخرى، صُمِّمَت خدمات المراسلة الفورية للعمل في الوقت الفعلي، لذلك إذا لم يتم تسليم الرسالة دفعة واحدة، فيمكن نسيانها والمضي قدمًا.

لا تُجري البرامج محاولات متكررة لإرسال الرسالة نفسها، بخلاف خدمات البريد الإلكتروني.

هذا هو السبب في أن رسائل البريد الإلكتروني ليست دائمًا سريعة كرسائل التواصل الفورية.


  • ترجمة: ليث أديب صليوة
  • تدقيق: علي فرغلي
  • تحرير: كنان مرعي
  • المصدر