يشبه العقل الإنساني المثل القائل «لا يمكنك تعليم كلب عجوز خدع جديدة»، كشفت دراسة جديدة على فئران التجارب بأن الدماغ الإنساني في مرحلة الشيخوخة يصعب عليه تعلم أشياء جديدة في هذه المرحلة، أظهرت الدراسة بأن تراكيب الخلايا الدماغية متناهية الصغر واللازمة لهذه العملية –تعلم أشياء جديدة- تصبح جامدة نوعًا ما في نهاية العمر.

تعد الفئران نماذج يمكن الاعتماد عليها في دراسات دماغ الإنسان، ولهذا يمكن الوثوق بالنتائج كما يدعي الباحثون.

تفحص الباحثون القشرة الجبهية، المنطقة المسؤولة في الدماغ عن العمليات الإدراكية المختلفة في الدماغ وتلعب دورًا في عمليات التعلم العالية، عرف الباحثون أن الخلايا الدماغية في القشرة الجبهية للحيوانات اليافعة تكون مرنة أو بلاستيكية، تستطيع خبرات الحياة وبالأخص التي تتضمن التعلم تغيير الدوائر في هذه المنطقة من الدماغ بشكل عميق.

فعلى سبيل المثال، يؤدي التوتر إلى تقليص الخلايا العصبية وفقدان نقاط الاشتباك العصبي أو الاتصالات بين الخلايا العصبية حيث يحدث التواصل بينها، وعندما تنتهي التجربة المتوترة تسترجع هذه الخلايا عافيتها أو (هي بالأساس مرنة –بلاستيكية) هكذا يحدث في الحيوانات اليافعة.

الدماغ المتوتر

قام العلماء بتعريض الفئران صغيرة العمر والمتوسطة والكبيرة لضغط يقوم بإثارة التغيرات في الخلايا العصبية في القشرة الجبهية وذلك لمعرفة كيف يؤثر التوتر على بلاستيكية الأدمغة الكبيرة في السن.

بعد تعريض الفئران للضغط، نظر العلماء إلى صور قريبة لتراكيب الخلايا العصبية تسمى بالأشواك، تشكل هذه الأشواك نقاط الاشتباك العصبي وهي ضرورية للتعلم، يقول بروفسور علم الأعصاب في كلية ماونت سيناي للطب جون موريسون بأن هذه الأشواك تتعدل عندما تتعلم شيء جديد، وأضاف بأنها في هذه المنطقة يكمن التعلم.

في الفئران الصغيرة، فقدت الخلايا الدماغية الكثير من أشواكها والتي نمت مجددًا في فترة خالية من الضغط، وفي الفئران متوسطة العمر لم تتغير الأشواك على الإطلاق، وهناك أثر آخر سببه التوتر وهو تقلص في الأعصاب الشبيهة بالأغصان المسماة بالتشعبات، بينما استعادت هذه التشعبات عافيتها في الفئران الصغيرة ولم تفعل ذات الشيء في الفئران الكبيرة.

أخبرنا موريسون(المصدر) بأننا نستطيع أن نعلل هذا بأنه مع التقدم في العمر نفقد الكثير من سعة تعلم خبرات جديدة بسبب البلاستكية، وأضاف أن التعلم هو المثال الكلاسيكي لمثل هذا النوع من البلاستكية، وبالتالي نعتقد أن هذا يعطينا نموذج فعال يجيبنا على سؤال لماذا مع التقدم في العمر تظهر هذه الانحدارات الإدراكية وضعف التعلم.

تحدث المشكلة – كما يظن الباحثون – عندما يفقد الفأر أو الإنسان هذه الأشواك مع التقدم في العمر، إن الأشواك النشطة هي من تختفي والتي تحوي على كثير من البلاستيكية تاركة خلفها الأشواك الصلبة، هذه الأشواك لا تمتلك المقدرة الفعالة على الاستجابة للضغط أو التعلم كما يقول موريسون.

الانحدار الإدراكي

ذلك النقص في القدرة على إعادة الاتصال السبب للانحدار الإدراكي لكبار السن.

قد يكون، وأضافيقول أن مثل هذا النوع من الدراسات مهم لأنه يكشف عن التغيرات في الخلايا الدماغية في مراحل مبكرة لمرض ألزهايمر، وذلك قبل أن تموت الخلايا العصبية، في هذه المرحلة المبكرة بالتحديد قد يرغب الأطباء بالتدخل ومعالجة الانحدار الإدراكي قبل فوات الأوان.

في الواقع، لا يوجد حيوانات أخرى باستثناء الإنسان يظهر فيه مرض ألزهايمر بشكل طبيعي، في النماذج الحيوانية من المرض يجب على العلماء إجراء تجارب معينة على الفئران والقردة لتوليد ألزهايمر.


  • ترجمة: فتحي ماهر الحسن
  • تدقيق: رؤى درخباني
  • تحرير: ناجية الأحمد
  • المصدر