أصبح الفضاء القريب من كوكبنا مزدحمًا للغاية. فنحن البشر نميل إلى ترك الفوضى خلفنا، ويبدو أن المدار الأرضي المنخفض لا يخرج عن هذه القاعدة. إحدى المخاوف الكبرى هي تأثير كيسلر، وهي ظاهرة تحدث عندما تؤدي حادثة واحدة -مثل انفجار قمر صناعي- إلى سلسلة من التصادمات في المدار، إذ يدمر الحطام أقمارًا صناعية أخرى، ما يخلق المزيد من الحطام، وهكذا.
قد يؤدي هذا التفاعل المتسلسل إلى تعطيل الاتصالات وربما جعل أجزاء من الفضاء غير قابلة للوصول بواسطة المركبات الفضائية.
في أسوأ الأحوال، يحذر بعض العلماء من أننا قد نجد أنفسنا محاصرين على الأرض، غير قادرين على إرسال أي شيء إلى الفضاء.
بينما توجد جهود لتنظيف الفضاء القريب من الأرض من الحطام والأقمار الصناعية المعطلة، ينظر البعض في طرق لجعل المركبات الفضائية أكثر استدامة قبل الإطلاق.
«يركز أحد الاتجاهات البحثية على استخدام المواد العضوية بديلًا للمواد المعدنية التقليدية، بهدف تقليل الأثر البيئي عند احتراق المركبة في أثناء دخول الغلاف الجوي. يُدرس استخدام أشرعة السحب القابلة للطي لتسريع تدهور المدار للأقمار الصناعية في نهاية عمرها التشغيلي، بهدف الحد من الحطام الفضائي. قد يُشكل مفهوم الطائرة الورقية «أوريغامي»، الورق المطوي باليابانية، تقاطعًا بين هذين الاتجاهين، ويفتح آفاقًا جديدة لاستخدام الفضاء واستكشافه باستدامة».
لاستكشاف هذه الإمكانية، صمم الفريق محاكاة لما سيحدث لطائرة ورقية مصنوعة من ورقة A4 واحدة إذا أُطلقت من محطة الفضاء الدولية على ارتفاع 400 كيلومتر، درس الباحثون معدل تدهور مدار الطائرة، واتجاهها بالنسبة إلى حركتها، وكمية الحرارة التي قد تتعرض لها عند دخولها الغلاف الجوي للأرض.
إضافةً إلى المحاكاة، أُجريت اختبارات في نفق هوائي باستخدام نموذج معدل قليلًا، إذ دُمج الألمنيوم مع الورق في التجربة. أظهرت النتائج أن الطائرة قد تطير بثبات في البداية.
«الطائرة الفضائية تتمتع باستقرار ثابت حول محور تدفق الهواء في الاتجاه الطولي والجانبي. هذا يشير إلى أنها قد تكون قادرة على الحفاظ سلبيًا على محاذاتها مع اتجاه المدار في أثناء التحليق في الغلاف الجوي في المدار الأرضي المنخفض».
وفقًا للدراسة، سيتدهور مدار الطائرة الورقية بسرعة بعد إطلاقها، لتدخل الغلاف الجوي للأرض خلال نحو 3.5 أيام. وأظهرت التجارب في نفق الهواء أن الطائرة ستتعرض لتشوه بسيط فقط خلال اختراقها الغلاف الجوي، ولكن هذا لا يعني أنها ستنجو.
«استنادًا إلى نتائج اختبار نفق الهواء فائق السرعة والمحاكاة، لا يُتوقع أن تسبب القوى السطحية المؤثرة في الطائرة في أثناء دخول الغلاف الجوي تشوهًا كبيرًا».
مع ذلك، ستتعرض الطائرة الورقية لتسخين هوائي شديد يصل إلى نحو 105 واط/متر مربع لعدة دقائق، من المرجح أن تتعرض للاحتراق أو التحلل الحراري خلال الدخول.
مع أن إرسال طائرة ورقية لتحترق في الغلاف الجوي قد لا يبدو مفيدًا، فإن هذه القابلية للتلف كانت من السمات المستهدفة في البحث.
يقترح الباحثون إمكانية استخدام الطائرات الورقية الفضائية في مهام منخفضة التكلفة ضمن المدار الأرضي المنخفض، خاصةً مع تزويدها بأنظمة تصوير رقيقة جدًا.
اقرأ أيضًا:
ناسا تبدأ بإعداد بديل عن محطة الفضاء الدولية التي ستدمَّر عام 2030
أصوات غريبة سمعها رواد الفضاء العالقون على متن محطة الفضاء الدولية قادمة من كبسولة بوينغ
ترجمة: لور عماد خليل
تدقيق: أكرم محيي الدين