نُواة الأرض مكانٌ بالغ السخونة، وبالتأكيد لن تشعر بهذا الأمر وأنت على سطح الكوكب، لكن عميقاً تحت السطح تُوجد هذه النواة المشتعلة التي تتكوّن من المعدن بشكل كلّي تقريباً.

أما النواة الخارجية للأرض فتتكوّن من خليطٍ من الحديد والنيكل الذي يلعب دور الحاجز بين النواة الداخلية للأرض وطبقة الدثار أو القشرة، وهي طبقة من المواد المصهورة المعروفة باسم الماغما.

 

 

النواة الداخلية للأرض عبارة عن كرةٍ صلبةٍ غنيّة بالحديد، يبلغ سُمكها حوالي 1207 كيلوميتر وهي المكان الأكثر سخونة في الكوكب حيث تصل درجة حرارتها إلى حوالي 11 ألف درجة فهرنهايت (أي ما يُعادل 6,093 درجة سيليسيوس).

ومع الكلام الكثير المُتداول حالياً حول الآثار المُدمّرة للاحتباس الحراري، ربما يعتقد بعض الناس أنه إن بردت حرارة نواة الأرض بعض الشيء فإنها ستُساهم في تخفيف حدة الحرارة على السطح، لكن الحقيقة غير ذلك، فنواة الأرض لا يجب أن تبرد أبداً، بل يجب أن تظلّ ساخنة جداً كي تتمكّن من الاستمرار في حماية الأرض من الآثار المُدمرة والمحتملة التي قد تتسبّب بها الرياح الشمسية والحُطام المُتواجد في الفضاء.

في الواقع، درجة حرارة نواة الأرض مساوية تماماً لدرجة حرارة سطح الشمس، وهي كذلك منذ أن تشكّلت الأرض من غيمة الغبار والغاز قبل حوالي 4.5 مليار سنة.

عملت جاذبية الأرض أثناء تشكّلها على دفع الحديد وغيره من العناصر الثقيلة باتجاه نواة الأرض والاستقرار فيها، بينما صعدت المواد الأخف كالهواء والماء باتجاه القشرة، أما المواد الموجودة في المنتصف فتُعتبر ثقيلةً للغاية، لدرجة أن قوة الجاذبية في النواة الخارجية أكبر بثلاثِ مراتٍ مما هي عليه عند السطح، لكنها مازالت تحتوي على بعض السخونة الأصلية التي كانت قد تولّدت بفعل الاحتكاك الثقالي الناتج عن حركة المواد الأثقل بالقُرب من المركز.

من ناحية أخرى، مازالت تنمو النواة الداخلية للأرض بمعدّل سنتيمتر واحدٍ كل ألف عام، مُكتسبةً المزيد من الحرارة مع تمدّدها، كما تعمل النظائر المشعة المُتحلّلة على إضافة بعض الحرارة إلى المزيج أثناء إشعاعها عبر طبقة الدثار.

لكن إذا بردت النواة بشكل كامل، فسيُصبح الكوكب بارداً وميتاً ومُظلماً بعض الشيء، والسبب في ذلك أن مرافق توليد الطاقة التي صنعها البشر، تقوم بسحب الحرارة القادمة من قشرة الأرض وتستخدمها لتسخين الماء، والبخار الناتج عن هذه العملية هو المصدر المستخدم لتحريك العنفات وبالتالي إنتاج الكهرباء.

كذلك يُمكن أن يؤدي الهبوط في حرارة نواة الأرض إلى تبدّد الدرع المغناطيسي المُغلّف للكوكب والذي هو في الأصل ناتجٌ عن حرارة النواة.

يحمي هذا الدرع الأرض من الإشعاعات الكونية، ويتم توليده من خلال عملية الحمل الحراري الناتجة بدورها عن الحركة المستمرة للحديد داخل الأرض، وكما هو الحال بالنسبة للكوكب، فإن نواة الأرض أيضاً تدور حول نفسها بشكلٍ ثابت، ويعتقد بعض العلماء أن النواة تدور بسرعةٍ أكبر من باقي أجزاء الكوكب، من جهة أخرى، يعمل الاحتكاك الناتج عن هذه الحركة على تحويل الطاقة الحركية إلى طاقة كهربائية ومغناطيسية تُؤدي بدورها إلى إنتاج الحقل المغناطيسي للأرض، الذي يقوم بإبعاد الجزيئات الضارة والمشحونة القادمة من الشمس، بإتجاه القطبين الشمالي والجنوبي للأرض.

لكن إلى الآن ليست هناك فكرة واضحة عن حجم التغيير الذي سيطرأ على الحياة على كوكب الأرض عند اختفاء المجال المغناطيسي للكوكب، ويقول البعض أن الكوكب قد يتعرّض لدفقاتٍ هائلةٍ من الموجات المُشعّة التي ربما ستزيد من حرارة الكوكب وتجعله غير صالحٍ للحياة، بينما يُشير البعض الآخر إلى احتمال أن تتنامى شدة الأشعة الشمسية التي يُعتَقد أنها تُسبب السرطان، من جهة أخرى يقول المزيد من المراقبين أننا ربما نشهد رياحاً شمسية عاتية تُشبه في قوتها تلك التي جرّدت سطح كوكبي المريخ والزُهرة من محيطاتهما وبحيراتهما، لذا من الأفضل لنا أن لا نعرف ما سيحدث للأرض في حال اختفى مجالها المغناطيسي.


اعداد: ايمن عمر

تدقيق: روان ثوابته

مصدر