صخور القمر المغناطيسية الغامضة قد تكون ذات أصل انفجاري.

على عكس الأرض، لا يمتلك القمر مجالًا مغناطيسيًا قويًا. ومع ذلك، تُظهر مجموعة غريبة من الصخور على الجانب البعيد منه خصائص مغناطيسية غامضة.

تشير دراسة جديدة إلى أن حدثًا كارثيًا ضخمًا، وقع في أقل من ساعة، قد ترك بصمة مغناطيسية دائمة على سطح القمر.

توصل فريق من الباحثين بقيادة علماء من معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا إلى أن اصطدامًا هائلًا ربما ولّد سحابة ضخمة من البلازما، عززت مؤقتًا المجال المغناطيسي الضعيف والقديم للقمر.

وفقًا للمؤلف الرئيسي إسحاق ناريت، وهو عالم كواكب في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا فإن هذه النظرية قد تفسر وجود صخور عالية المغناطيسية رُصدت على الجانب البعيد من القمر، في منطقة قريبة من القطب الجنوبي.

يقول ناريت: «لا تزال هناك أجزاء كبيرة من مغناطيسية القمر غير مفهومة، لكن الغالبية العظمى من الحقول المغناطيسية القوية التي قاستها المركبات الفضائية المدارية يمكن تفسيرها بهذه العملية، خاصةً على الجانب البعيد من القمر».

عام 1959، أجرى المسبار السوفيتي لونا 1 أول القياسات المغناطيسية للقمر، وكشف أنه، بخلاف الأرض، لا يمتلك القمر مجالًا مغناطيسيًا قويًا ذاتيًا.

أظهرت الأبحاث اللاحقة أن القمر يمتلك مجالات مغناطيسية ضعيفة تتركز في قشرته، ويُعتقد أنها ناتجة من تفاعل مع الجسيمات الشمسية المشحونة.

أظهر تحليل العينات التي جلبها رواد الفضاء من بعثات أبولو أن بعض الصخور تشكّلت في بيئات ذات حقول مغناطيسية أقوى بكثير.

أدى هذا إلى توافق علمي على أن القمر، رغم افتقاده للمجال المغناطيسي الذاتي حاليًا، ربما كان يمتلك مثل هذا المجال في الماضي.

في دراسة سابقة، أجرى علماء الكواكب في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا محاكاةً حول كيف يمكن اصطدام هائل أن يعزز الحقول المغناطيسية التي تولدها الشمس على سطح القمر. لكن أشارت نتائج تلك المحاكاة إلى أن هذا التعزيز لن يكون كافيًا لتفسير شدة المغناطيسية التي رُصدت في بعض الصخور السطحية.

في الدراسة الجديدة، اعتمد ناريت وزملاؤه نهجًا مختلفًا، إذ افترضوا أن القمر كان يمتلك مولّدًا داخليًا يولّد مجالًا مغناطيسيًا ضعيفًا.

بناءً على حجم نواة القمر، قدّر الفريق أن هذا المجال لم يكن يتجاوز 1/50 من قوة المجال المغناطيسي للأرض في الوقت الحالي.

أجرى الباحثون محاكاة لاصطدام كبير وسحابة البلازما الناتجة منه، التي تنتج من تبخر المواد السطحية بفعل الطاقة الهائلة. ودرسوا كيفية تدفق البلازما وتفاعلها مع المجال المغناطيسي للقمر.

بيّنت المحاكاة أن هذه العملية كانت سريعة جدًا، واستمرت نحو 40 دقيقة فقط من لحظة تضخيم المجال إلى لحظة عودته إلى حالته الضعيفة الأصلية.

يتماشى هذا مع حقيقة أن أحد أكبر أحواض الاصطدام على القمر، وهو حوض إمبريوم، يقع على الجهة المقابلة تمامًا للمنطقة القطبية الجنوبية على الجانب البعيد.

وفقًا لمحاكاة الفريق، فإن اصطدامًا ضخمًا بما يكفي لتشكيل هذا الحوض كان ليُرسل موجة ضغط تنتقل عبر القمر وتتركز على الجانب الآخر.

تزامنت هذه الصدمة مع تضخيم المجال المغناطيسي بفعل سحابة البلازما.

تحتفظ الصخور بسجلات للحقول المغناطيسية التي تشكلت فيها، وذلك بفضل اتجاهات الإلكترونات داخلها. وفي هذه الحالة، عطلت موجات الصدمة مؤقتًا ترتيب الإلكترونات في الصخور في نقطة التقاء الموجات، وعندما استقرت الإلكترونات مجددًا، ربما التقطت صورة للمجال المغناطيسي القوي والمؤقت.

يصف العالم المشارك في الدراسة، بنيامين فايس من معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا العملية بقوله: «كأنك ترمي مجموعة من 52 من أوراق اللعب في الهواء داخل مجال مغناطيسي، وكل ورقة تحوي إبرة بوصلة. وعندما تعود الأوراق إلى الأرض، تستقر وفق اتجاهات جديدة. هذا هو جوهر عملية التمغنط».

وفقًا للباحثين، تحسم هذه النتائج الجدل بين النظريتين المتنافستين حول مصدر مغناطيسية القمر. فبدلًا من أن يكون السبب إما دينامو ذاتي أو اصطدامًا كبيرًا، تُظهر النتائج أن مزيجًا من وجود دينامو ضعيف واصطدام ضخم، مصحوب بصدمة داخلية، قد يفسر الصخور القمرية عالية المغناطيسية، خصوصًا على الجانب البعيد.

من المتوقع أن تُختبر هذه النظرية في السنوات المقبلة، مع توجه رواد الفضاء إلى القطب الجنوبي للقمر وجمع عينات من الصخور، ضمن برنامج أرتميس.

اقرأ أيضًا:

وجدت العربة القمرية الصينية صخورًا غريبة على الجانب الآخر من القمر

أمطار من الصخور تهطل على سطح القمر ويمكنك رؤيتها من الأرض

ترجمة: لور عماد خليل

تدقيق: باسل حميدي

المصدر