عندما جرى تشخيص إصابة الرئيس ترامب بكوفيد-19، كان أحد أحدث العلاجات التجريبية التي تلقاها مزيجًا من الأجسام المضادة وحيدة النسيلة. ولكن قد يصبح اللقاح متاحًا في القريب العاجل، فهل العلاجات الأخرى ضرورية أو ذات فائدة؟ وما هي الأجسام المضادة وحيدة النسيلة تحديدًا؟.

على مدى الأشهر القليلة الماضية، تعرف الناس على العديد من العلاجات المستخدمة لمقاومة كوفيد-19.

يساهم مضاد الفيروسات كريمديسيفير في تثبيط تكاثر الفيروسات في الخلايا البشرية، وقد تحتوي البلازما من دم المتبرعين المتعافين من كوفيد-19 على أجسام مضادة تقمع الفيروس والالتهاب، وتعمل الستيرويدات مثل ديكساميثازون على تغيير الأضرار الالتهابية الخطيرة المؤثرة على الرئتين والتقليل منها، ما يؤدي إلى تباطؤ فشل الجهاز التنفسي.

أصدرت إدارة الغذاء والدواء تصريحًا باعتماد عقار الجسم المضاد وحيد النسيلة لصالح شركة إيلي ليلي المسمى باملانيفيماب في الحالات الطارئة، وتنتظر ريجينيرون الضوء الأخضر من إدارة الغذاء والدواء لاعتماد علاج الأجسام المضادة الخاص بها.

تبدو الأجسام المضادة وحيدة النسيلة واعدة تحديدًا في العلاج لقدرتها على إبطال مفعول فيروس سارس كوف-2 المسبب لمرض كوفيد-19، وتمنع قدرته على إصابة الخلية. قد يكون هذا تدخلًا منقذًا لحياة الأشخاص غير القادرين على توليد استجابة مناعية قوية لهذا الفيروس مثل الذين تتجاوز أعمارهم 65 عامًا أو يعانون ظروفًا صحية تجعلهم أكثر عرضة للخطر.

سيكون للعلاج بالأجسام المضادة وحيدة النسيلة دورٌ في السيطرة على الوباء، حتى عندما يغدو لقاح كوفيد-19 متوفرًا.

ما الأجسام المضادة وحيدة النسيلة ولم نحتاجها إضافة إلى اللقاح - العلاجات التجريبية التي تلقاها المصابون بكوفيد-19 - تثبيط تكاثر الفيروسات في الخلايا البشرية

لماذا يجب أن نهتم؟

يجب على العالم اعتماد تحصينات أخرى في حربه ضد جائحة كوفيد-19 إلى أن تحصل نسبة كبيرة من الناس على الحصانة ضد الأمراض المعدية، إما بواسطة اللقاح أو الانتشار المطلق في المجتمع.

إضافةً إلى العلاجات المذكورة سابقًا، يمكن أن توفر الأجسام المضادة وحيدة النسيلة وسيلة أخرى للقضاء على الفيروس فور في حدوث عدوى.

توفر هذه الأجسام المضادة بشرية الصنع للعالم إمكانية العلاج المناعي المماثل لاستخدام بلازما المتعافين ولكن بإجراء أكثر استهدافًا ودقة.

مع أن اللقاح سيساهم في حماية عامة الناس في نهاية المطاف، فإن التطعيم لن يكون فوريًا حتى يصل اللقاح إلى 100% من السكان، إضافة إلى عدم معرفتنا بمدى فاعليته. إضافةً إلى أن تأثير اللقاح ليس فوريًا، وسيستغرق الأمر عدة أسابيع للحصول على استجابة قوية للجسم المضاد، وفي هذه الأثناء، قد تساهم الأجسام المضادة وحيدة النسيلة في القضاء على الفيروس المتكاثر في الجسم.

الجسم المضاد

الجسم المضاد هو بروتين على شكل Y يُنتجه الجهاز المناعي طبيعيًا في أجسامنا لاستهداف أي جسم غريب أو كل ما ليس جزءًا من الجسم، وتُسمى هذه الأجسام الغريبة مولد الضد ويمكن العثور عليها في المواد المسببة للحساسية والبكتيريا والفيروسات إلى جانب أشياء أخرى كالسموم أو الأعضاء المزروعة.

يُحاكي العلاج بالجسم المضاد وحيد النسيلة استجابة الجسم المناعية الطبيعية ويستهدف المواد الغريبة مثل الفيروسات التي تصيب الأشخاص وتلحق بهم الأذى. توجد أيضًا أجسام مضادة وحيدة النسيلة ابتكرتها شركات الأدوية لاستهداف الخلايا السرطانية.

تُعد الأجسام المضادة وحيدة النسيلة أحد أقوى أنواع الأدوية، ففي عام 2019، كانت الأجسام المضادة وحيدة النسيلة في المرتبة السابعة بين أكثر عشرة عقاقير مبيعًا.

فيما يتعلق بالرئيس ترامب، تضمن العلاج التجريبي الذي قدمته شركة أدوية ريجينيرون اثنين من الأجسام المضادة.

عادة ما يتناسب البروتين الشوكي الموجود على فيروس كورونا مثاليًا مع مستقبلات الإنزيم المحول للأنجيوتنسين 2 على الخلايا البشرية، وهو بروتين مُنتشر في خلايا الرئة وغيرها من الأعضاء، وعند حدوث هذا الترابط، يكون الفيروس قادرًا على إصابة الخلايا والتكاثر بداخلها. قد تبطئ الأجسام المضادة وحيدة النسيلة العدوى أو توقفها بالارتباط بالبروتين الشوكي الفيروسي قبل أن تصل إلى مستقبلات الإنزيم المحول للأنجيوتنسين2. في حال حدوث ذلك، يصبح الفيروس غير ضار لأنه لم يعد بإمكانه الدخول لخلايا أجسامنا والتكاثر فيها.

كيف تتكون الأجسام المضادة وحيدة النسيلة؟

تُعد عملية التصنيع والإنتاج للأجسام المضادة وحيدة النسيلة التي تقضي على فيروس كورونا معقدة، إذ لا بد من صنعه داخل خلايا مأخوذة من مبيض الهامستر وزراعتها في أحواض فولاذية عملاقة، ثم استخراج الأجسام المضادة التي تصنعها هذه الخلايا وتنقيتها. لكن من المؤسف أن هذه الأجسام المضادة وحيدة النسيلة التي استخدمت في علاج أمراض أخرى لسنوات غالبًا ما تكون مُكلفة.

استهدف الجسمان المضادان اللذان أنتجتهما شركة ريجينيرون البروتين الشوكي لفيروس سارس كوف-2 ، إذ تمنحه النتوءات الموجودة على سطح الفيروس مظهرًا شبيهًا بالتاج، وهي ذات أهمية بالغة لإصابة الخلايا البشرية.

أحد الجسمين المضادين لشركة ريجينيرون نسخة طبق الأصل أو مستنسخ عن جسم مضاد مستخرج من شخص تعافى من كوفيد-19. حُدد الجسم المضاد الثاني في فأر تمت هندسته بيولوجيًا ليتوفر لديه جهاز مناعي بشري. عند حقن الفأر بالبروتين الشوكي، أنتج جهازه المناعي البشري أجسامًا مضادة، بعد ذلك استخرج أكثر الأجسام المضادة فعالية للفأر واستُخدم في تشكيل جزء من هذا العلاج.

جرى تحديد علاج الجسم المضاد وحيد النسيلة لدى شركة إيلي ليلي باملانيفيماب من عينة دم أخذت من شخص كان من بين أوائل المتعافين من كوفيد-19.

تمتلك كلتا الشركتين صناعة واسعة النطاق مع وجود سلاسل إمداد عالمية قوية لإنتاج الأجسام المضادة وحيدة النسيلة، بالإضافة لإنشاء العديد من مواقع التصنيع العالمية لزيادة مستوى التوريد. حصلت إيلي ليلي على موافقة إدارة الغذاء والدواء، وما تزال ريجينيرون تنتظر الموافقة، ولسوء الحظ سيُشهد نقص في الأجسام المضادة بعد الموافقة.

الأجسام المضادة وحيدة النسيلة إضافةً إلى اللقاح

ستوفر الأجسام المضادة وحيدة النسيلة الحماية السريعة ضد العدوى استكمالًا لعمل اللقاحات. ستساهم الأجسام المضادة وحيدة النسيلة عندما تُعطى للأفراد في توفير حماية فورية تمتد من أسابيع إلى أشهر، إذ تستغرق اللقاحات وقتًا أطول لتوفير الحماية نظرًا لضرورة مجابهتها للجهاز المناعي، لكن ميّزة اللقاحات هي أنها عادة ما توفر حماية طويلة الأجل.

تُحقن منتجات ريجينيرون وإيلي ليلي وريديًا، ولا بد بعدها من وضع المريض تحت الملاحظة. ونظرًا لكونها توفر الحماية الفورية، فإن الآثار المترتبة على معالجة الفئات المعرضة للخطر الشديد أو توفير الحماية لها تكون جسيمة.

تمتلك هذه الأدوية القدرة على علاج المصابين وقد تمنع إصابة العاملين في مجال الرعاية الصحية الأساسية واختصاصيي الرعاية الصحية العامة في صفوف مواجهة الوباء. قد تكون الأجسام المضادة وحيدة النسيلة مفيدة أيضًا لكبار السن والأطفال الصغار ومن يعانون نقص المناعة ولا تجدي اللقاحات نفعًا معهم أو قد تكون خطيرة عليهم.

اقرأ أيضًا:

ما هي الأجسام المضادة ؟ وكيف يتم اختبار الكشف عنها؟

الأجسام المضادة التي تحمينا من فيروس كورونا لا تستمر إلا بضعة شهور

ترجمة: لارا الطراونة

تدقيق: سمية بن لكحل

المصدر