نظرة عامة على فرع منسي من فروع الديناميكا الحرارية الذي يحيط بنا في حياتنا اليومية. الثرموديناميكا أو الديناميكا الحرارية، علم يدرس العلاقة بين درجة الحرارة والشغل والطاقة، وعلاقتهم بالطاقة والإشعاع والخواص الفيزيائية للمادة. وهو فرع من الفيزياء يُركز على انتقال الطاقة مع ما يرافقها من تغير في الحرارة والشغل. أما عند حدوث انتقال الطاقة في أثناء التفاعلات الكيميائية، فيُسمى العلم الذي يدرس هذه الحالة الثرموديناميكا الكيميائية.

تعريف الثرموديناميكا الكيميائية

هي ببساطة فرع من الديناميكا الحرارية يدرس التأثيرات والتغيّرات الحرارية في التفاعلات الكيميائية، أي تحول الطاقة الكيميائية إلى طاقة حرارية في إطار قوانين الديناميكا الحرارية.

قوانين الديناميكا الحرارية:

  •  القانون الصفري للديناميكا الحرارية: حال كان نظامان ثرموديناميكيان في حالة توازن حراري مع نظام ثالث –أي لا يوجد تدفق للطاقة الحرارية بينهما- فإنهما في حالة توازن حراري معًا.
  • القانون الأول للديناميكا الحرارية «قانون حفظ الطاقة»: الطاقة لا تُفنى ولا تُستحدث من عدم، بل تتحول من شكل إلى آخر.
  • القانون الثاني للديناميكا الحرارية: الإنتروبيا –العشوائية- تميل إلى الزيادة بمرور الوقت.
  • القانون الثالث للديناميكا الحرارية: الإنتروبيا لنظام ما تظل ثابتة عند درجة حرارة الصفر المطلق. عندما تكون الأنظمة في حالتها الأساسية، فإن الإنتروبيا لا تزداد إلا عند انحلال هذه الحالة الأساسية.

تأسست قوانين الديناميكا الحرارية على قانونين سابقين، هما:

  •  قانون لافوازييه ولابلاس: التغيرات الحرارية الناتجة عن أي تحول، تعادل –وتعاكس- التغير في الطاقة الناتج عن عكس هذه العملية.
  • قانون هيس «قانون التجميع الحراري الثابت»: كمية الانبعاثات الحرارية الناتجة من تفاعل كيميائي تجميعية، لا تعتمد على الخطوات المتخذة لإتمام التفاعل.

دوال الحالة الأساسية في الثرموديناميكا الكيميائية:

  • الإنثالبي «المحتوى الحراري»: من خصائص الثرموديناميكا، وهي كمية الطاقة الحرارية التي يبعثها أو يمتصها النظام من المحيط عند ثبات الضغط. وتُقاس بوحدة الجول.

يمكن حسابها رياضيًا باستخدام المعادلة (H=E+PV)، إذ تمثل (H) الإنثالبي، و(E) الطاقة الداخلية، و(P) الضغط، و(V) الحجم.

يُعد الإنثالبي من أهم دوال الحالة الأساسية في علم الثرموديناميكا الكيميائية. «دالة الحالة: هي خواص النظام التي تعتمد فقط على حالة النظام، ولا تعتمد على الخطوات التي مر بها النظام ليبلغ تلك الحالة».

  •  الطاقة الداخلية (U): الطاقة التي يحتويها نظام ثرموديناميكي. تهتم الديناميكا الحرارية أساسًا بالتغير في الطاقة الداخلية.

في نظام مغلق، يعود التغيّر في الطاقة الداخلية (ΔU) إلى انتقال الحرارة والشغل الديناميكي الحراري الذي يقوم به النظام في محيطه. توصف هذه العلاقة بالمعادلة الرياضية: (ΔU = Q – W)، إذ إن (Q) هي قيمة الطاقة الحرارية المنقولة، و(W) الشغل. تصف هذه العلاقة القانون الأول للديناميكا الحرارية.

  • الإنتروبيا «العشوائية أو القصور الحراري» (S): هي كمية ديناميكية حرارية تُقاس بوحدة الجول/كلفن (J/K) وتُمثل كمية الطاقة الحرارية غير المتاحة للتحول إلى شغل ميكانيكي، أيّ عكس الإنثالبي. غالبًا ما تُعرف الإنتروبيا بأنها قياس لعشوائية الجزيئات في النظام.
  • طاقة غيبس الحرة (G): أقصى كمية من الشغل غير التوسعي -أي لا يسببه التغير في الحجم أو الضغط- يمكن الحصول عليه من نظام مغلق، وهو النظام الذي يمكنه تبادل الحرارة أو الشغل مع محيطه، لكن ليس المادة.

تُحسب طاقة غيبس الحرة رياضيًا بواسطة المعادلة: (ΔG=ΔH−TΔS)، إذ تمثل (ΔG) التغير في الطاقة الحرة، و(ΔH) التغير في الإنثالبي، و(T) درجة الحرارة بالكلفن، و(ΔS) التغير في الإنتروبيا.

  • طاقة هلمهولتز الحرة (A): دالة حالة أساسية في علم الديناميكا الحرارية، وتحسب كمية الشغل «المفيد» الذي يمكن الحصول عليه من نظام ديناميكي حراري مغلق عند ثبات درجة الحرارة والحجم وعدد الجزيئات. تُحتسب بواسطة المعادلة: (A= U – TS) «أو قد يُشار إلى طاقة هلمهولتز الحرة بالرمز (F)»، إذ تمثل (A) طاقة هلمهولتز الحرة، و(U) الطاقة الداخلية، و(T) درجة الحرارة المطلقة، و(S) الإنتروبيا.

إذن هل الديناميكا الحرارية فرع من الفيزياء أم الكيمياء؟

مع أن الديناميكا الحرارية تُعد غالبًا فرعًا من الفيزياء، فإنها تُطبق أيضًا على الكيمياء. إذ تُستخدم لشرح طريقة عمل المحركات البخارية والتفاعلات الكيميائية. وتتعامل مع الطاقات الحرارية والميكانيكية «الشغل»، أي أنها تُطبق سواءً على الكيمياء والفيزياء.

لعلمي الكيمياء والفيزياء قواسم مشتركة عديدة إضافةً إلى الديناميكية الحرارية. إذ تفسر قوانين الفيزياء خواص المركبات الكيميائية. مثلًا، يمكننا استخدام القوى الكهربائية لتفسير التفاعلات الكيميائية، إذ يحدث تبادل الأيونات والإلكترونات.

كِلا العلمين يدرس المادة والطاقات التي تتداخل معها، لكن مع نطاق وأهداف مختلفة، ومع بعض الاستثناءات التي تنطبق على الفيزياء دون الكيمياء، مثل المادة المظلمة والكواركات. رغم تلك الاختلافات، لا يُعد هذان التخصصان مختلفين جذريًا، لذا توجد تخصصات فرعية تشملهما معًا، مثل الكيمياء الفيزيائية والفيزياء الكيميائية والكيمياء الكهربائية وتكنولوجيا النانو والديناميكا الحرارية.

تتضمن الديناميكا الحرارية عدة فروع إضافةً إلى الثرموديناميكا الكيميائية، وهي:

  • الثرموديناميكا الكلاسيكية: إذ تأسست قبل اكتشاف بنية الذرة في القرن التاسع عشر، لذا تتعامل مع العلاقات المرتبطة بخصائص المادة العيانية والقابلة للقياس فقط.
  • الثرموديناميكا الإحصائية: أو الميكانيكا الإحصائية للتوازن، وتُعد حلقة وصل بين الميكانيكا والديناميكا الحرارية للأنظمة الكبيرة. تستخدم الثرموديناميكا الإحصائية الخصائص الجزيئية لتوقع سلوك الكميات العيانية من المركبات، باستخدام الأساليب الإحصائية ونظرية الاحتمالات.
  • الثرموديناميكا المتوازنة «التوازن الثرموديناميكي»: يركز على تحولات المادة والطاقة ضمن الأنظمة في حالة التوازن الثرموديناميكي، أي عدم وجود تدفق للطاقة. هذا المفهوم هو أساس القانون الصفري للديناميكا الحرارية.

كيف يستخدم مهندسو الكيمياء الديناميكا الحرارية؟

تُعد الهندسة الكيميائية واجهة لعلمي الفيزياء والكيمياء. لفهم كيف يمكن مهندسو الكيمياء الاستفادة من الديناميكية الحرارية في عملهم، يجب أن نفهم أولًا: ما الهندسة الكيميائية؟

أسّس الهندسة الكيميائية المهندس الإنجليزي جورج إي ديفيس، الذي كتب دليل الهندسة الكيميائية سنة 1904، بناءً على 12 محاضرة قُدِمت في مدرسة مانشستر للتكنولوجيا. آنذاك، وُصِف المهندسون الكيميائيون بأنهم أشخاص يطبقون المعرفة الكيميائية والميكانيكية «لاستخدام التأثير الكيميائي» في نطاق التصنيع.

يكرس المهندسون الكيميائيون أنفسهم للتصنيع الكيميائي وتصميم المنتجات وتصنيعها بواسطة العمليات الكيميائية، متضمنةً البحث عن المعدات والطُرق لتطبيق تلك العمليات.

وفقًا لمكتب العمل الأمريكي، يشارك المهندسون في تصنيع الوقود والمطاط الصناعي والبطاريات والطلاء والمتفجرات والأسمدة والبلاستيك والمنظفات والمنسوجات والأسمنت والورق وغيرها. ويعملون غالبًا في المصانع أو المصافي أو المختبرات.

يُطبق المهندسون الكيميائيون قوانين الفيزياء والكيمياء لتحويل المواد الخام إلى منتجات نهائية وفق كل حالة. مثل استخدام قوانين الديناميكا الحرارية لتحديد حالات الطور والتوازن الكيميائي، ما يُمكّنهم من تصميم مفاعلات كيميائية أكفأ، واكتشاف طُرق أكفأ لعمليات الخلط والفصل، وعمليات التحكم في التوازن.

تُعد ثرموديناميكا الهندسة الكيميائية إحدى مجالات الهندسة الكيميائية في المؤسسات المرموقة مثل معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا. تساعد الثرموديناميكا المطبقة في الهندسة الكيميائية على حساب مقدار الشغل الذي تنتجه أنواع معينة من الوقود، أو الظروف المُثلى من درجة حرارة وضغط لتنفيذ عمليات كيميائية معينة.

يمكن القول إنك لا تحتاج إلى الكيمياء لفهم الديناميكا الحرارية، بل إن الكيمياء -خاصةً الهندسة الكيميائية- تعتمد على الديناميكا الحرارية لتوجيه العمليات الكيميائية وفهمها وتحليلها.

اقرأ أيضًا:

ما هو القانون الصفري للديناميكا الحرارية ؟

ما هي طاقة جيبس الحرة في الكيمياء ؟

ترجمة: رفيف داود

تدقيق: روان أحمد أبوزيد

مراجعة: أكرم محيي الدين

المصدر