يزداد خطر الإصابة بتسوس الأسنان وأمراض اللثة لدى الأشخاص المصابين بداء السكري، بل قد يكتشف طبيب الأسنان مؤشرات الإصابة بالسكري لدى المريض فقط بملاحظة الأسنان واللثة.
تُعزى مشكلات الأسنان واللثة المرتبطة بالسكري غالبًا إلى تأثيرات ارتفاع مستويات السكر في الدم، سواءً أكانت من ضمن المضاعفات المزمنة الناجمة عن الإصابة السكري طيلة سنوات، أم علامةً مبكرة لاحتمال الإصابة بمقدمات السكري أو بالسكري ذاته.
تشير البيانات إلى أن مرضى السكري أكثر عرضةً للإصابة بتسوس الأسنان وتقرحات الفم وأمراض اللثة وجفاف الفم ورائحة الفم الكريهة، إلى جانب العدوى الفطرية المعروفة بالقلاع الفموي.
مع ذلك يمكن تحسين صحة الفم بالتزام عادات يومية للنظافة الفموية، مثل تنظيف الأسنان بالفرشاة والخيط، مع الحفاظ على مستويات السكر في الدم ضمن النطاق المطلوب.
لماذا يواجه المصابون بالسكري مضاعفات فموية؟
تشير الدراسات إلى أن بعض مرضى السكري أكثر عرضة للإصابة بمشكلات الفم والأسنان مقارنةً بسواهم.
ترتبط مستويات السكر في الدم ومتوسط السكر التراكمي ارتباطًا وثيقًا بالحالة الصحية العامة لمريض السكري واحتمال إصابته بمضاعفات. إضافةً إلى ذلك، يُعد التدخين عاملًا إضافيًا يزيد خطر الإصابة بالمشكلات الفموية لدى المصابين بالسكري، مقارنةً بنظرائهم الذين لا يدخنون.
أيضًا قد تسبب بعض الأدوية المخصصة لعلاج السكري جفاف الفم ضمن تأثيراتها الجانبية، مثل أدوية الاعتلال العصبي الناجم عن السكري.
يوضح الأطباء عادةً العلاقة بين علاج داء السكري وصحة الفم، مثل التأثيرات المحتملة لبعض أدوية السكري على الفم واللثة.
ما العلاقة بين داء السكري وصحة الأسنان؟
تشير الإحصائيات إلى أن المصابين بالسكري أكثر عرضةً للإصابة بتسوس الأسنان مقارنةً بسواهم، إذ أظهرت دراسة أجريت عام 2022 أن احتمال إصابة مرضى السكري بالتسوس أعلى بنسبة 40%، ويُعزى ذلك جزئيًا إلى معالجة المرض، وأيضًا إلى مدى التزام المريض بزيارة الأطباء وأطباء الأسنان، والتكاليف المرتبطة بالرعاية الصحية عمومًا.
تشير الدراسات أيضًا إلى أن مرضى السكري الذين تتجاوز أعمارهم خمسين عامًا، أكثر عرضة لفقدان الأسنان.
هل يسبب السكري أمراض اللثة؟
يرتبط السكري بارتفاع معدل الإصابة بأمراض اللثة، ومنها التهاب اللثة، ما قد يؤدي إلى تورم الفم ونزيف اللثة وظهور خراجات قد تسبب لاحقًا مشكلات إضافية في الأسنان، مثل تآكل عظام الفك.
هذا النوع من المخاطر أكثر احتمالًا لدى المصابين بالسكري من النوع الأول، نظرًا إلى تأثيرات ارتفاع سكر الدم التي تستمر على المدى الطويل في هذه الحالة.
يساهم علاج أمراض اللثة أيضًا في ضبط مستويات السكر في الدم، لا سيما أن التهاب اللثة المزمن يستنزف قدرات الجسم المناعية، بسبب استمرارية الالتهاب فترةً طويلة.
مضاعفات أخرى متعلقة بصحة الفم:
قد يواجه مرضى السكري مشكلات فموية إضافية إلى جانب تسوس الأسنان وأمراض اللثة، منها:
- رائحة الفم الكريهة.
- عدوى فطرية في الفم «القلاع الفموي».
- جفاف الفم.
- تغيرات في حاسة التذوق.
- بطء التئام الجروح داخل الفم.
- فقدان العظم المحيط بالأسنان.
هل يؤثر نوع السكري في طبيعة المضاعفات الفموية؟
نمط السكري ليس العامل الوحيد المؤثر في المضاعفات الفموية المحتملة، لكن ترتبط المضاعفات عمومًا بارتفاع مستويات السكر في الدم وارتفاع معدل السكر التراكمي على المدى الطويل، ما يعني أن طول مدة الإصابة بالسكري يزيد احتمالية ظهور مضاعفات، ومن ضمنها تلك التي تؤثر في الأسنان والفم واللثة.
أشارت دراسة نُشرت عام 2023 إلى أن المصابين بالسكري من النوع الأول يواجهون خطرًا أكبر للإصابة بأمراض اللثة، مقارنةً بالمصابين بالنوع الثاني أو الأشخاص الأصحاء.
توصل الباحثون إلى أن هذا الاختلاف مرتبط بتقلبات مستويات الغلوكوز في الدم، التي تكون أشد لدى مرضى النوع الأول من داء السكري، الذين يتلقون حقن الإنسولين ضمن علاجهم.
لذا قد يطرح أطباء الأسنان بعض الأسئلة عن كيفية معالجة السكري إذا أظهرت فحوصات الفم تأثيرات محتملة تشير إلى ارتفاع مستويات سكر الدم، ويستحسن مناقشة ذلك مع الطبيب المختص.
لأطباء الأسنان دور مهم في المساعدة على اكتشاف حالات السكري أو مقدماته التي لم تُشخّص مسبقًا.
قد يطرح طبيب الأسنان أو مختص صحة الفم أسئلة تتعلق بتشخيص السكري بناءً على ما يكتشفه في أثناء الفحص الفموي.
كيف يمكن التعرّف على المشكلات الفموية المرتبطة بالسكري؟
قد تشير بعض الأعراض إلى وجود مرض لثوي أو مشكلة فموية أخرى مرتبطة بمرض السكري، منها:
- نزيف اللثة، لا سيما في أثناء استخدام فرشاة الأسنان أو خيط التنظيف.
- تغيرات في كيفية تطابق الأسنان أو في ترتيبها.
- رائحة فم كريهة مستمرة، حتى بعد تنظيف الأسنان.
- انحسار اللثة عن الأسنان، ما قد يعطي الأسنان مظهرًا أطول أو أكبر.
- تخلخل الأسنان الدائمة أو الشعور بعدم ثباتها.
- احمرار اللثة أو تورمها.
سبل الوقاية من مضاعفات السكري الفموية:
يمثل ضبط مستويات السكر في الدم الوسيلة الأهم للوقاية من المضاعفات الفموية المرتبطة بالسكري.
يمكن الاستعانة بالطبيب لتوضيح العلاقة بين مستويات سكر الدم وصحة الفم، وتحديد الأهداف الأنسب لتفادي المشكلات الفموية المحتملة.
هل تتطلب المشكلات الفموية المرتبطة بالسكري علاجًا خاصًا؟
تعتمد علاجات الحالات الفموية الناجمة عن السكري على طبيعة الحالة ومدى شدّتها. مثلًا، يُعالج مرض اللثة بتنظيف عميق للأسنان يسمى تقليح الأسنان وكشط الجذور، ويهدف إلى إزالة التكلسات فوق خط اللثة وتحته.
قد يصف الطبيب أيضًا مضادات حيوية قبل إجراء تدخلات فموية أو بعدها، للحد من الالتهاب ومنع الإصابة بالعدوى التي قد تنجم عن الإجراءات العلاجية.
خاتمة:
يواجه الأشخاص المصابون بالسكري خطرًا أكبر للإصابة بمشكلات متعددة في الفم، تبدأ من رائحة الفم الكريهة وتسوس الأسنان، وتصل إلى أمراض اللثة ومضاعفات أعقد.
يمكن الحفاظ على لثة وأسنان سليمة بالتزام معالجة السكري والاهتمام بصحة الفم، ويُنصح بزيارة طبيب الأسنان دوريًا والإفصاح عن الإصابة بالسكري، وأي أعراض مرافقة، إضافةً إلى العلاجات المستخدمة، لمساعدة الطبيب على تقديم أفضل الخيارات العلاجية الممكنة.
اقرأ أيضُا:
الطريقة الأكثر فعالية لتنظيف أسنانك تتطلب ثلاث خطوات بسيطة
تزداد حالات سرطان الفم مؤخرًا، والمشروبات السكرية قد تكون السبب
ترجمة: رحاب القاضي
تدقيق: أكرم محيي الدين
مراجعة: ميرڤت الضاهر