يظن البعض أن النوبة والسكتة القلبية هما في الأساس الحالة نفسها، ومع إن كليهما ترتبطان بالقلب، فإنهما في الواقع حالتان مختلفتان تمامًا، وذلك لاختلاف الأسباب والأعراض والعلاج. فاحداهما تعد اضطرابًا في التروية الدموية، بينما الأخرى تُعد اضطرابًا في النظام الكهربائي القلب.
النوبة القلبية
تعود النوبة القلبية إلى اضطراب في التروية الدموية. وتُعرف أيضًا باسم احتشاء عضلة القلب، وتحدث عندما لا يصل ما يكفي من الدم أو الأكسجين إلى عضلة القلب عبر الشرايين التاجية، وهي الأوعية الدموية التي تمد القلب بالدم المؤكسج.
وعادةً ما يكون سببها انسداد الشرايين التاجية الذي يحدث غالبًا بعد الإصابة بمرض القلب التاجي. إذ يحصل تراكم للرواسب الدهنية ضمن بطانة الشرايين التاجية -التي تُعرف بالتصلب العصيدي- وقد تنفصل في النهاية عن جدار الشريان مشكّلة بذلك جلطة دموية قد تسد الشريان.
قد تحدث النوبة القلبية أيضًا بسبب حالات أخرى غير شائعة، وتتضمن الانخفاض المفاجئ لمستويات الأكسجين في الجسم (نقص الأكسجة)، أو بسبب العقاقير المنشطة مثل الكوكايين والأمفيتامين، أو بسبب تسلخ الشريان التاجي التلقائي -وهو تمزق مفاجئ وخطير في جدار الشريان التاجي-.
في أيّ من هذه الحالات ينتج عدم حصول القلب على الأكسجين الضروري الذي يحتاج إليه ليعمل بطريقة صحيح. ونتيجة لذلك، تبدأ عضلة القلب بالتلف والموت، ما يؤثر في قدرتها على العمل بطريقة طبيعية وقد يؤدي إلى أعراض مثل: الشعور بضغط شديد أو ألم شديد في الصدر لا يتحسن مع الراحة وقد ينتشر إلى الكتفين أو الرقبة أو الذراعين أو الفك، إضافة الى التعرق وصعوبة التنفس والغثيان، وتسرّع النبض أو عدم انتظامه، والدوار والإغماء والضعف أو التعب غير المبرر.
قد تختلف الأعراض من شخص لآخر، ومن الجدير بالذكر أيضًا أن بعض الأشخاص قد لا يعانون من أي أعراض مطلقًا فيما يعرف بالنوبة القلبية الصامتة-بنسبة 20% إلى 33%-. لكن مع إن الشخص قد لا يعلم بحدوثها، فهذه النوبات القلبية ما تزال تسبب ضررًا.
يتضمن العلاج الفوري للنوبة القلبية الأدوية التي تسهّل على القلب ضخ الدم أو تمييع الجلطات أو منع تكون المزيد منها، بالإضافة إلى العلاج بالأكسجين. ثم قد يخضع الشخص في مرحلة لاحقة لعملية جراحية تحسّن تدفق الدم إلى القلب.
السكتة القلبية
تعود السكتة القلبية إلى خلل في وظيفة القلب الكهربائية. إذ تتحكم إشارات كهربائية في معدل ضربات القلب ونظمها، فهي التي تحرّض انقباض عضلة القلب وضخ الدم. وعندما يختل العمل الطبيعي لفعالية القلب الكهربائية، تحدث اضطرابات النظم القلبية، التي قد تؤدي إلى توقف القلب عن النبض تمامًا، ما يعني توقفه عن ضخ الدم.
قد يخلط البعض بين السكتة القلبية والنوبة القلبية، إذ قد تؤدي هذه الأخيرة في بعض الأحيان إلى سكتة القلبية، فبسبب الأضرار التي تُحدثها في أنسجة القلب قد يحدث اضطراب في نظم القلب، ومع ذلك فهي ليست السبب الوحيد المحتمل للسكتة القلبية.
ومن الحالات والمشكلات الطبية الأخرى التي قد تؤدي إلى اضطراب في نظم القلب:
- اعتلالات عضلة القلب وهي مجموعة الأمراض التي تصبح فيها عضلة القلب أكبر أو أضعف أو أسمك أو أكثر صلابة.
- أمراض القلب الخلقية أو العيوب الخلقية.
- نزف الدم الكتلي.
- جرعات المخدرات الزائدة.
- الصعقة الكهربائية.
- ضربة حادة في الصدر، مثل حالة السكتة القلبية التي تعرض لها نجم اتحاد كرة القدم الأمريكية دامار هاملين في عام 2023.
ولكن بغض النظر عن السبب، تبقى السكتة القلبية خطيرة جدًا. فبدون ضخ الدم، لا تتلقى أعضاء الجسم الأكسجين الضروري لتعمل بفعاليتها الكاملة، ما يعني توقّف الأعضاء الحيوية مثل الرئتين والدماغ عن العمل. ونتيجةً لذلك، يفقد الشخص وعيه بسرعة، فإما أن يلهث للحصول على الهواء أو يتوقف عن التنفس تمامًا، ويكون نبضه متوقفًا.
وما لم يُعالج الشخص على الفور، فإن السكتة القلبية تكون قاتلة. وتبعًا للظروف، يبدأ العلاج عادةً بالإنعاش القلبي الرئوي، إذ يضغط شخص ما على الصدر ضغطات عدة لجعل الدم يتدفق في الجسم مرة أخرى، إلى حين وصول مزيل الرجفان -جهاز يصعق القلب كهربائيًا في محاولة لإنعاش وإعادة نظمه الطبيعي-.
الخلاصة
إن فهم الفرق بين النوبة القلبية والسكتة القلبية يتيح للمهنيين الطبيين رؤية أوضح لطريقة علاج المريض، ولكن كلتاهما حالتان طبيتان طارئتان، ويجب معالجتهما على الفور. إذا شكّ أحدهم بإصابة شخص ما بنوبة قلبية أو سكتة قلبية، فإنّ أهم ما يجب فعله هو الاتصال بخدمات الطوارئ الطبية.
قد لا يصل المسعفون على الفور، ولكن بوسعهم تقديم إرشادات إلى ما يجب القيام به في حالة الاشتباه بتوقف القلب، وقد يشمل ذلك الإنعاش القلبي الرئوي العملي، وقد يُستخدم جهاز مزيل الرجفان الخارجي الآلي إن توفر في المستوصف المحلي.
تُحدث الاستجابة السريعة فرقًا كبيرًا. فوفقًا لجمعية القلب الأمريكية، من الممكن لإجراء الإنعاش القلبي الرئوي أن يضاعف فرص نجاة شخص ما من السكتة القلبية مرتين إلى ثلاث مرات.
لا ينبغي لمحتوى هذه المقالة أن يكون بديلًا عن المشورة الطبية المتخصصة أو التشخيص أو العلاج. اطلب دائمًا مشورة مقدمي الخدمات الصحية المؤهلين فيما يتعلق بأسئلتك حول الحالات الطبية.
اقرأ أيضًا:
النوبة القلبية أو احتشاء عضلة القلب
التفريق بين نوبة الهلع والنوبة القلبية: متى يجب أن نطلب الإسعاف؟
ترجمة: حيان الحكيم
تدقيق: وسام صايفي
مراجعة: محمد حسان عجك