ما سبب صعوبة الهبوط على سطح القمر. إن الفضاء قاسٍ. كان ما حدث في 7 سبتمبر مؤسفًا حقًا، عندما فقدت منظمة البحوث الفضائية الهندية ISRO الاتصال مع المسبار القمري Vikram خلال محاولة للهبوط على القطب الجنوبي للقمر. كانت الهند تستعد لتصبح الأمة الرابعة عالميًا التي تنجح في الهبوط على تراب القمر بسلام، في مكانٍ لم يسبق لدولة أخرى أن هبطت فيه. وتعاني الوكالة الفضائية في استعادة الاتصال مع Vikram الذي شوهد في المدار القمري.

تشابه حادثة الهبوط المحزنة خبرًا مؤلمًا سابقًا حصل هذه السنة، وذلك عندما اصطدم المسبار الآلي الإسرائيلي الخاص بيريشيت بقمر اصطناعي.

سيكون من الصعب إعادة الهبوط على القمر، بصرف النظر عن حقيقة هبوط البشر على سطح القمر لمراتٍ عدة أثناء مهمات أبولو منذ نصفِ قرن مضى، فقد غرَّدت الصحفية ليزا غروسمان-Lisa Grossman أنه من بين 30 محاولة هبوط لوكالات فضائية وشركات حول العالم، انتهى أكثر من الثلث بالفشل.

لكن ما سبب صعوبة الهبوط على سطح القمر بالتحديد؟

لا يوجد أمر بحد ذاته مسؤول عن المحاولات العديدة الفاشلة، وفقًا لمهندسة الطيران Alicia Dwyer Cianciolo بمركز لانغلي البحثي التابع لشركة ناسا في مدينة هامبتون، فرجينيا. كما قالت أنه عند الهبوط على القمر: «هناك العديد من الأشياء التي يجب أن تحدث بالترتيب المناسب تمامًا»، وقالت أيضًا: «فإن لم يحدث واحد من هذه الأشياء، هنا ستبدأ المشكلة».

أولًا، يجب الاهتمام بالوصول إلى مدار القمر، وهي خطوة ليست سهلة. اختزنت مركبة Saturn V التابعة لبرنامج أبولو طاقة دفع كافية لوصول رواد الفضاء إلى القمر بثلاثة أيام فقط. ولكن بهدف توفير تكاليف الوقود، اتخذت مهمة Chandrayaan-2 التابعة لمنظمة البحوث الفضائية الهندية (ISRO) -التي حملت مركبة -Vikram طريقًا أكثر دائرية، فاستغرقت أكثر من شهر للوصول إلى القمر.

تبقى المركبة الفضائية على تواصل مع الأرض من خلال شبكة ناسا الفضائية العميقة Deep Space Network ريثما تصل إلى المدار القمري، إذ تتألف هذه الشبكة من ثلاث مؤسسات في أجزاء مختلفة حول العالم مُزَودة بصحون استقبال بشكل قطع مكافئ تتواصل دائمًا مع المسبارات الآلية البعيدة في الفضاء.

قد تكون مشكلة في الاتصالات هي السبب وراء مشاكل Vikram، وذلك عندما فقدت الوكالة الاتصال مع المسبار عندما كان عند سطح القمر بمسافة 1.2 ميل (2 كيلومتر).

ما سبب صعوبة الهبوط على سطح القمر منظمة البحوث الفضائية الهندية ISRO المسبار القمري Vikram القطب الجنوبي للقمر شبكة ناسا الفضائية العميقة

حدث الخطأ عندما كان المسبار ينطلق باتجاه نقطة الهبوط بسرعة الصاروخ. الخطأ في آلة نقل المعلومات قاد محرك المسبار الإسرائيلي إلى التعطل التام في 11 من أبريل. وذلك وفقًا لتايمز إسرائيل.

وقالت Dwyer Cianciolo إنه يمكن للمهندسين على سطح الأرض أن يعتمدوا على نظام تحديد المواقع العالمي (GPS) ليساعدهم في قيادة المركبات ذاتية التحكم، لكن لا يوجد أنظمة مماثلة على باقي الأجرام السماوية. وأضافت قائلةً: «عندما تكون مسافرًا بسرعة عالية وعليك أن تُبطئ في فراغ تعرف معلومات قليلة عنه، يكون ذلك صعبًا بعيدًا عمّن أنت وما تحاول فعله».

تعمل شركة ناسا حاليًا مع شركات تجارية تُخطط لتوصل رجال آليين إلى القمر في السنين القادمة. وتقول Dwyer Cianciolo أنه على مستكشفي القمر المستقبليين أن يكونوا قادرين على الوثوق بحساساتهم.

وأضافت أيضًا، أنه لهذا السبب تُصمم الوكالة آلاتٍ توضع على الهيكل السفلي للمركبة لتكشف عن التضاريس القمرية التي توجد فيها الصخور والفوهات البركانية والمخاطر الأخرى لتجعل المسار صحيحًا، وهذا ما يمكن استخدامه في المركبة الفضائية الخاصة في مهمات ناسا المستقبلية. ستُختَبر هذه التقنية خلال بعثة مارس روفر 2020 التابعة لناسا، والتي ستُطلق السنة القادمة، ومن المخطط لها أن تهبط على سطح الكوكب الأحمر في فبراير 2021 م.

لم تكن أكثر مهمات القمر الفاشلة مأهولة (لم يكن على متنها أشخاص)، هذا قد يقترح أنه من المفيد وجود شخص في غرفة القيادة عندما تبدأ المشاكل بالظهور. رجوعًا إلى أيام أبولو، ساعدت العيون البشرية ورؤاها على نجاح عمليات الهبوط. فعندما لاحظ نيل أرمسترونغ التضاريس الصخرية في نقطة الهبوط المحددة، تحكم بمركبة أبولو 11 الهابطة وطار بها بحثًا عن مكان أكثر أمانًا يستطيع الهبوط عليه.

وقالت Dwyer Cianciolo أن رواد الفضاء في تلك الأيام كان يُتوقع أن يكونوا قادرين على التحكم بسبب حصولهم على خبرة أثناء الطيران الاختبار التجريبي.

وأضافت: «نحن نتقبل التحكم الذاتي بشكل أكبر في أيامنا هذه» وقالت أن المهندسين يودون معرفة متى يمكن للمستكشفين البشر المستقبليين أن يعتمدوا على أنظمة كهذه لتساعدهم على السفر من وإلى سطح القمر.

أطلق المسبار الصيني Chang’e-4 probe المركبة يوتو 2 لاستكشاف الجانب البعيد (المظلم) للقمر حيث هبط، وهذا سيوفر بعض الراحة لهؤلاء القلقين من صعوبة الوصول للقمر. يواسي المهندسون الهنود أنفسهم بحقيقة أن المركبة المدارية تشانداريان 2 ما زالت تعمل وخدمتها للعلم قائمة، ولعل المحاولة القادمة ستكون أكثر نجاحًا.

وقالت Dwyer Cianciolo: «قلبي كان معهم، بُذِل الكثير من العمل والوقت في سبيل ذلك كما تعلم. أنا متفائلة، لأن الإصرار في هذا العمل يؤتي ثماره».

اقرأ أيضًا:

الهند تستعد للهبوط على سطح القمر للمرة الأولى في تاريخ البلاد

لماذا نريد العودة إلى القمر ؟

ترجمة: محمد يزبك

تدقيق: غزل الكردي

المصدر