عندما يصطدم اثنان من الثقوب السوداء، يمكن الثقب الأسود الناتج -الذي سيكون أضخم بطبيعة الحال- أن ينفجر بسرعات عالية نتيجةَ الارتداد.

لمعرفة حدود هذه السرعات، أجرى علماء من معهد روتشستر للتكنولوجيا (RIT) في نيويورك 1381 عملية محاكاة لاندماج الثقوب السوداء باستخدام العديد الحواسيب الفائقة.

كشفت الدراسة أنه حتى في الحالات الأكثر تطرفًا، لم تتجاوز سرعة الثقوب السوداء المنبعثة من الارتداد 28500 كيلومتر في الثانية (أي حوالي عُشر سرعة الضوء)، ذلك حتى في الحالات الأكثر تطرفًا.

عندما يتجه اثنان من الثقوب السوداء نحو بعضهما بعضًا، فإنهما يحدثان أشد الاصطدامات تطرفًا في الكون المعروف. تكون التأثيرات هائلةً جدًا لدرجة أن الثقب الأسود الناتج يمكن أن ينفجر ويتجه بعيدًا بفعل طاقة الارتداد، وقد تتحرك هذه الثقوب السوداء بسرعة كبيرة.

وفقًا لبحث جديد أجراه علماء في معهد روتشستر للتكنولوجيا (RIT) في نيويورك، فإن الحد الأقصى لسرعة الثقب الأسود بعد أحد هذه الاصطدامات الكارثية يظل ثابتًا عند 28500 كيلومتر في الثانية، أي نحو عُشر سرعة الضوء؛ بهذه السرعة يمكن السفر من الأرض إلى القمر في 13 ثانيةً فقط.

يقول كارلوس لوستو؛ المؤلف المشارك في الدراسة وأستاذ الرياضيات في جامعة RIT، لموقع لايف ساينس: «نحن في هذه الدراسة نخدش السطح فحسب لظاهرة قد تكون أكثر شمولًأ»، وأضاف قائلًا: «إن مثل هذا الحد يمكن أن يطبق على المستوى الذري أيضًا».

قد يحدث أحد أمرين عندما تتجه الثقوب السوداء نحو بعضها:

إما أن تندمج؛ ما يؤدي إلى إصدار موجات جاذبية في أثناء هذه العملية أو أن تنفصل مبتعدةً عن بعضها. ما يُحدد النتيجة هو المسافة بين الثقبين عند أقرب نقطة لهما.
بمساعدة مرصد موجات الجاذبية بالتداخل الليزري LIGO، وثّق العلماء ما يقرب من 100 تصادم بين الثقوب السوداء.

كان يُعتقد سابقًا أن الثقوب السوداء تشكل مدارات دائريةً تقريبًا في أثناء عمليات الاندماج، لكنّ الأبحاث الحديثة أكدت إمكانية وجود مدارات أكثر انحرافًا، تُعرف أيضًا باسم المدارات الإهليلجية.

أراد لوستو وزميله جيمس هيلي العثور على الحد الأقصى لهذه المدارات اللامركزية وتمييز السرعة القصوى التي قد يرتد بها الثقب الأسود في مثل هذا النوع من الاصطدامات.

للقيام بذلك، أجرى العالمان 1381 محاكاةً باستخدام حواسيب فائقة مع مجموعة متنوعة من المعطيات، مثل الزخم الأولي وأقرب مسافة اقتراب والاتجاه المحوري. إضافةً إلى ذلك حسبت عمليات المحاكاة حركة الثقوب السوداء وتفاعلاتها بالاعتماد على معادلات النسبية العامة.

كانت عمليات المحاكاة هذه معقدةً للغاية لدرجة أن حساب كل واحدة منها استغرق أسبوعين، لذلك وحتى مع وجود العديد من الحواسيب الفائقة، ما يزال البحث يحتاج سنوات حتى يكتمل.

بعد الانتهاء من عمليات المحاكاة أخيرًا، اكتشف لوستو وهيلي أنه بغض النظر عن الخصائص الأصلية للثقوب السوداء، فإن الثقب الأسود الأخير لم يرتد أبدًا بسرعة أكبر من 28500 كيلومتر أو عُشر سرعة الضوء.

للوصول إلى هذه السرعة القصوى، يجب أن يدور اثنان من الثقوب السوداء في نفس المستوى، لكن في اتجاهين متعاكسين. وبسبب هذا الشرط المحدد، فمن غير المرجح أن يسجل مرصد LIGO أو أي مشروع علمي مستقبلي آخر مثل هذا الاصطدام.

لذا فإن هذا هو الحد الأقصى الحقيقي للسرعة، وليس مجرد اقتراح يمكن تجاهله عند القيادة على الطريق السريع.

اقرأ أيضًا:

تصادم ثقبين أسودين بالصدفة يؤدي إلى شيء لم نرصده مسبقًا

ماذا يحدث عند اصطدام الثقوب السوداء ببعضها؟

ترجمة: يوسف الشيخ

تدقيق: منال توفيق الضللي

المصدر