يعتبر بعض الناس التخدير أكثر أجزاء الجراحة رعبًا، وقد يتساءل كثير من الأشخاص عن مخاطره أيضًا. يقدم طبيب التخدير كريستوفر ترويانوس، بعض الأفكار للمساعدة في فصل الحقيقة عن الخرافات التي تُشاع حول التخدير. ويسلط الضوء على خمس نقاط رئيسية يُساء فهمها أحيانًا أو بعض التغييرات التي اكتُشفت في السنوات الأخيرة.

التخدير لا يعني أن المريض نائم:

يوجد أربعة أنواع مختلفة من التخدير، ولا يكون الشخص فاقد للوعي تمامًا سوى في أحدها فقط.

يفكر الأشخاص بالتخدير العام عند سماع كلمة التخدير والنوم خلال العملية الجراحية. وعادةً ما تُستخدم لجراحات البطن أو الصدر أو الدماغ. أيضًا، قد يوصي الأطباء بالتخدير العام إذا كانوا سيجرون جراحة معقدة أو تستغرق وقتًا طويلًا.

يعرف التخدير عن طريق الوريد (IV) أيضًا باسم “التخدير الواعي” أو “رعاية التخدير المراقبة” (MAC). يستخدم الأطباء مزيجًا من التخدير الوريدي مع التخدير الموضعي لجعل المريض أكثر استرخاءً وراحة، ولكن ليس لجعله نائمًا تمامًا. يُستخدم التخدير الموضعي أساسًا في العمليات الجراحية القصيرة والأقل تعقيدًا مثل تنظير القولون وأخذ الخزعات وعمليات العين والقدم البسيطة.

بعد تخدير المريض، قد لا يتذكر ما حدث ولكن هذا ليس صحيحًا في كل الحالات. قد يظل المرضى الذين يتلقون جرعة أصغر أيضًا قادرين على التحدث مع الطاقم الطبي أثناء العمل الجراحي.

يتضمن التخدير الموضعي تخدير جزء معين من الجسم لمنع الألم في أثناء الجراحة أو الإجراءات الأخرى. وغالبًا ما يُستخدم في أعمال طب الأسنان؛ يُخدر طبيب الأسنان الفم فقط عند الحاجة إلى إجراء حشو أو خلع.

يمنع التخدير الموضعي الألم في جزء كبير من الجسم، مثل الذراع أو الساق، أو تحت الخصر. المثال الأكثر شيوعًا هو فوق الجافية، الذي يمنع الألم حول الرحم في أثناء الولادة.

التخدير آمن:

يقول الدكتور ترويانوس: «حاليًا، يعد التخدير آمنا جدًا ولكنه لم يكن كذلك في الماضي».

ففي الستينيات والسبعينيات من القرن الماضي، كان شائعًا جدًا حدوث وفاة مرتبطة بالتخدير في كل مريض من بين 10000 أو 20000 مريض. الآن أصبح الأمر أشبه بمريض واحد من بين 200000 مريض – إنه نادر جدًا.

ويؤكد أن التخدير أصبح أكثر أمانًا اليوم بسبب التقدم في كل من التكنولوجيا والأدوية.

يستخدم الأطباء مقياس التأكسج لضمان حصول المريض على كمية كافية من الأكسجين في أثناء الجراحة، ويساعد المقياس على التأكد من أن أنبوب التنفس المُستخدم للتخدير العام يدخل في القصبة الهوائية -القصبة الهوائية وليس المريء- وهو أمر كان من الصعب تحديده في الماضي.

شيء آخر يتابعه أطباء التخدير هو الارتفاع في درجة الحرارة، هذا رد فعل نادر لدى بعض الأشخاص لأدوية مخدرة تسبب ارتفاعا في درجة الحرارة وقد تؤدي إلى مضاعفات قد تصل للموت.

يقول الدكتور ترويانوس إن أطباء التخدير أصبحوا الآن أكثر قدرة على علاج هذا بفضل زيادة الوعي واختيار الأدوية الأفضل للعلاج.

مع التقدم في السجلات الطبية الإلكترونية اليوم، أصبح لدى مقدمي الخدمة الآن معلومات كاملة يسهل الوصول إليها لتحسين رعاية المرضى.

الآثار الجانبية خفيفة نسبيًا:

من الشائع المرور بما يلي عند الاستيقاظ من التخدير:

  •  غثيان.
  •  التهاب الحلق بسبب أنبوب التنفس (للتخدير العام).
  •  وجع طفيف في موقع الحقن (للتخدير الموضعي).
  •  ألم خفيف أو انزعاج في الشق أو موقع الجراحة.
  •  مع أن معظم أنواع التخدير تزول بسرعة إلى حد ما، فقد يظل المريض يشعر بالترنح أو بالضعف بعد الجراحة.

يقول الدكتور ترويانوس: «عادة ما نطلب من الناس عدم اتخاذ أي قرارات مهمة في حياتهم أو قيادة السيارة أو تشغيل الآلات خلال الـ 24 ساعة الأولى بعد الجراحة. قد يعاني عدد قليل من المرضى، وخاصة المرضى المسنين الذين خضعوا لعمليات جراحية أطول، مشكلات في الذاكرة، أو صعوبة في تعدد المهام، أو تعلم أشياء جديدة. هذا مؤقت بالنسبة لمعظم المرضى ولكن بالنسبة لآخرين قد تستمر هذه الأعراض لبضعة أشهر بعد الجراحة».

ويقول إنه من غير الواضح ما إذا كانت هذه الحالة ناتجة عن تعرضهم للتخدير العام أو بسبب إجهاد الجراحة. ولكن لهذا السبب يُوصف نوع من التخدير الموضعي للمرضى المسنين من قبل طبيب التخدير.

هناك خطر ضئيل للغاية للإصابة بالشلل بسبب التخدير فوق الجافية:

يقول الدكتور ترويانوس إنه في الماضي كان الذين يُخدرون فوق الجافية أو في العمود الفقري معرضين لخطر الإصابة بالشلل بسبب التخدير.

يقول: «كان المخدر يوضع في قوارير زجاجية، وينظف الموظفون تلك الزجاجات في محلول يحتوي على الكحول. قد يسبب الكحول تلف الأعصاب، لذلك إذا تسرب الكحول إلى الزجاجة، فقد يتسبب ذلك في حدوث شلل».

ونظرًا لأن الزجاجات لم تعد تُعقم بهذه الطريقة، فقد انتهى هذا الخطر.

لا داعي للخوف من الاستيقاظ أثناء الجراحة:

يقول الدكتور ترويانوس: «يشعر بعض الناس بالقلق من الاستيقاظ ولكنهم يكونون مشلولين في أثناء التخدير العام».

ويقول: «ربما تكون قد شاهدت أفلامًا استخدمت هذه الفكرة، لكنها نادرة للغاية. ويستخدم أطباء التخدير استراتيجيات عديدة لمنعه».

يوضح الدكتور ترويانوس: «عادةً، يرتفع ضغط دم المريض ومعدل ضربات القلب قبل أن يستعيد وعيه. لذا فإننا نراقب تلك العلامات الحيوية لضبط مقدار التخدير الذي نستخدمه».

إذا كان شخص ما مريضًا للغاية أو تعرض لحادث خطير، فإن العلامات الحيوية تكون أقل موثوقية. وأولئك الذين يتعاطون المخدرات والكحول يكونون في بعض الأحيان أقل تأثرًا بالتخدير من غيرهم.

ومع ذلك، في الحالات الأكثر خطورة، يراقب أطباء التخدير موجات الدماغ بعناية للمساعدة في التأكد من بقاء المريض نائمًا. يقول الدكتور ترويانوس إن هذا يسمح للأطباء بضبط التخدير للحفاظ على فقدان الوعي حتى انتهاء الإجراء.

يؤكد الدكتور ترويانوس: «لا داعي للخوف من أي إجراء طبي بسبب الخوف من التخدير. التحدث مع الطبيب في وقت مبكر سيحدد أي مخاطر وسيقترح أفضل نوع من التخدير. بغض النظر عن الإجراء الذي يحتاجه المريض، سيكون هناك فريق كامل من اختصاصيي التخدير ذوي الخبرة وظيفتهم الوحيدة هي الاعتناء بالمريض جيدًا في أثناء الجراحة».

اقرأ أيضًا:

لماذا يبقى البعض واعيًا لما يجري تحت تأثير التخدير العام، وهل الأمر شائع حقًا؟!

هل يسبب التخدير فوق الجافية (إيبيدورال) التوحد؟

ترجمة: فاطمة الرقماني

تدقيق:هاجر القفراشي

المصدر