لن تبقى شمسنا على حالها إلى الأبد، إذ يتوقع العلماء موتها بعد نحو 4.5 مليار سنة، وهو حدث كوني بعيد المنال لكنه سيأتي يومًا ما، ما يدفعنا إلى التساؤل حول مصير نظامنا الشمسي آنذاك.

تبدأ المشكلة قبل موت الشمس، بدايةً يجب أن نتعامل مع الشمس في آخر لحظات حياتها، إذ يستمر الهيدروجين في الاندماج داخل الشمس والتحول إلى الهيليوم في النواة.

يؤدي ارتفاع تناثر المخلفات الكيميائية حول الشمس إلى صعوبة أداء عملية الدمج النووي، لكن جاذبية الشمس تستمر في سحق غلافها الخارجي إلى الداخل، وللحفاظ على الوضع مستقرًا يجب على شمسنا أن تزيد درجة حرارة تفاعلاتها الاندماجية التي تؤدي إلى ارتفاع درجة حرارة نواتها، يعني ذلك أن الشمس كانت أقل بريقًا في زمن الديناصورات، فهي تزداد سطوعًا مع تقدمها في العمر فتزداد سخونة الأرض حتى تصل إلى درجة لا تطاق، وهذا يؤدي إلى تجرد كوكبنا من غلافه الجوي وتبخر محيطاته، إلى أن يبدو بعد فترة وجيزة مثل كوكب الزهرة، فنُحبس في جو خانق من ثاني أكسيد الكربون، ومن ثم تزداد الأمور سوءًا.

في المراحل الأخيرة من اندماج الهيدروجين، ستتضخم شمسنا وتنتفخ حتى تصبح نجمًا عملاقًا أحمر يلتهم عطارد والزهرة، قد تنجو الأرض، لكن إذا وصل غلاف الشمس الجوي المنتفخ إلى عالمنا، فسيذوب كوكبنا في أقل من يوم.

ما مصير نظامنا الشمسي بعد زوال الشمس - اندماج الهيدروجين داخل الشمس والتحول إلى الهيليوم في النواة - المخلفات الكيميائية حول الشمس

حتى لو توقف تمدد الشمس فترةً قصيرة، فلن يصب ذلك في صالح الأرض، وستتبخر الصخور نتيجة الطاقات الشديدة المنبعثة من الشمس، ولن تخلف إلا النواة الحديدية الكثيفة لكوكبنا. لن تسلم الكواكب البعيدة من تضخم الشمس وإشعاعاتها المرتفعة، فستتبخر حلقات زحل المصنوعة من جليد الماء النقي، وستفقد الأقمار المحيطة بهذه الكواكب العملاقة، مثل قمر أوروبا وإنسيلادوس، قشرتها الجليدية.

بدايةً، يؤدي التدفق المتزايد لإشعاعات الشمس إلى تدمير الكواكب الخارجية الأربعة (المشتري وزحل ونبتون وأورانوس)، وتجريدها من غلافها الجوي الهش، لكن مع استمرار تضخم الشمس، قد تجد بعض الكتل الخارجية لغلافها الجوي طريقها إلى هذه الكواكب العملاقة متنقلةً عبر مسارات الجاذبية، ومُلتهمةً المواد التي تجدها في طريقها، فتغذي هذه الكواكب الحاضنة لها، ما يزيد من حجمها.

في المراحل الأخيرة من احتضار الشمس، ستنتفخ وتنكمش مرارًا، وتنبض ملايين السنين، ما ينتج خللًا في مسارات الكواكب الخارجية التي ستُسحب في اتجاهات غريبة، فإما ستنجذب إلى الشمس وتلقى مصيرها المحتوم، أو تُطرد تمامًا من النظام الشمسي.

مواطن جديدة

ستكون المناطق البعيدة في نظامنا الشمسي صالحةً لاستضافة الحياة مئات ملايين السنين، إذ ستعمل الانبعاثات الحرارية القادمة من العملاق الأحمر على إذابة قشرة العوالم الخارجية وإخراج المياه السائلة من باطنها.

في البداية ستذوب أقمار العوالم الخارجية، وتفقد قشورها الجليدية، وربما تستضيف محيطات مائية سائلة على سطحها، ثم ستفقد أجسام حزام كويبر جليدها مثل بلوتو وأشباهه، وقد يتحول أكبر هذه الأجسام إلى كوكب صغير يدور حول شمس حمراء بعيدة ومنتفخة.

في النهاية، ستتخلى شمسنا عن هذا الصراع وتقذف غلافها الجوي الخارجي في سلسلة من الانفجارات إلى أن تُخلّف وراءها نواة نجم، وهي كتلة بيضاء ساخنة من الكربون والأكسجين.

ستصبح شمسنا آنذاك بطريقة مذهلة قزمًا أبيض ساخنًا باعثًا للأشعة السينية التي قد تُلحق أضرارًا جسيمة بالحياة التي نعرفها، ولكن في غضون مليار سنة، سيستقر هذا القزم الأبيض في درجات حرارة معتدلة ويبقى على هذا الحال تريليونات السنين.

سيستضيف هذا القزم الأبيض الخافت منطقةً جديدةً صالحةً للحياة، ولكن نظرًا إلى درجة حرارته الباردة جدًا، ستكون تلك المنطقة قريبةً منه للغاية، أقرب بكثير من مدار عطارد حول شمسنا اليوم.

وفي تلك المسافة، سيكون أي كوكب -أو نواة كوكبية- عرضة لاضطراب المد والجزر الناتج عن القزم الأبيض، وقد تؤدي جاذبيته إلى تمزيق الكوكب إلى أشلاء.

اقرأ أيضًا:

النجوم – بقلم البروفيسور سليم زاروبي

النجوم الحمراء العملاقة قد تدعم وجود حياة في كواكب حولها

ترجمة: رضوان بوجريدة

تدقيق: راما الهريسي

مراجعة: صهيب الأغبري

المصدر