بعض الأحماض آمنة كفاية حتى أنه يمكن استخدامها منزليًا، مثل حمض حمض الهايدروكلوريك المُخَفف (المورياتيك) الذي يُستخدم للتنظيف المنزلي، فهو آمن في حال اتباع التوجيهات واتخاذ جميع التدابير الآمنة، إذ تكون بعض الأحماض الأخرى مواد كاوية وقوية جدًا لدرجة أنه لا يمكن لأي شخص التعامل معها.

عند مزج مادتين من تلك المواد، يمكن تكوين مادة أقوى، فعند مزج كميات متساوية من حمض الهيدروفلوريك (HF) وبنتافلوريد الأنتيمون (SbF5) تكون النتيجة مدهشة جدًا، وليست أي حمضٍ عاديٍ آخر بل أقوى حمض، وهو حمض الفلوروأنتيمونيك، المعروف أيضًا بـ HSbF6.

حمض الفلوروأنتيمونيك:

حمض الفلوروأنتيمونيك سائل عديم اللون يطلق بخارًا سامًا. يمكن أن يكون ابتلاعه أو استنشاقه قاتلًا، ويسبب حروقًا خطيرة.

يحتل هذا الحمض مكانة بارزة في فئة المركبات فائقة الحموضة، وهي مجموعة من الأحماض القوية تفوق في قوة الحموضة حمض الكبريتيك.

لا يمكننا أخذ ثابت تفكك الحمض أو درجة الحموضة في الحسبان لقياس قوته، لذا نتعامل مع مقاييس هاميت الحمضية المُمَثلة بالرمز H.

يُسجِّل حمض الفلوروأنتيمونيك على مقياس هاميت درجة -21 وحمض الكبريتيك -12، لذلك يُعتبَر حمض الفلوروأنتيمونيك أقوى بـ 20 × 10¹⁹ مرة من حمض الكبريتيك النقيّ.

فلوريد الهيدروجين وأيونات الهيدروجين:

أيونات الهيدروجين هي العمود الفقري للأحماض ومنهاحمض الفلوروأنتيمونيك. تجعل أيونات الهيدروجين المادة حمضيةً، وكلما زاد تركيزها زادت قوة الحمض. فلوريد الهيدروجين بمفرده ليس أقوى الأحماض ولكنه عنصر رئيسي في بعض الأحماض القوية جدًا.

نقطة ضعف حمض الفلوروأنتيمونيك: تفلون

مع أن قوة الحمض كبيرة، فإن لحمض الفلوروأنتيمونيك نقطة ضعف وهي أنه لا يمكنه أن يُؤاكل مادة البولي تترا فلوروإيثيلين (PTFE)، المعروف عادة باسم تفلون؛ لذا تُستخدم أوعية تفلون أوعيةً مختارةً لتخزين هذا السائل الفعال، والطريقة الأخرى للتخزين هي داخل محلول حمض الهيدروفلوريك، إذ لا يؤدي الحمض للتفكك الانفجاري، مع أن الحذر واجب؛ لأن هذا الحمض سيُذوّب الزجاج ومعظم البلاستيك وكل مركب عضوي، حتى أنه يتفاعل بشكل انفجاري مع الماء.

ليس الأمر سهلًا لتجربةٍ علميةٍ في المدرسة، بل يتطلب ذلك قدرًا من الحرص ويُفضَّل تركه للكيميائيين المخضرمين وخبراء الكيمياء العضوية.

قدرة حمض الفلوروأنتيمونيك المذهلة في منح البروتونات:

يمتلك حمض الفلوروأنتيمونيك قدرةً فريدةً على منح البروتونات للمركبات العضوية، ما يغيّر بعض خواصه كالكتلة والذوبانية وأُلفة الماء.

ساعدت هذه الميزة الكيميائيين في التفاعلات الكيميائية والنقش على الزجاج وتنقية وقود البنزين وحتى صناعة المتفجرات.

في حين اشتُهِرَ حمض الفلوروأنتيمونيك بأنه أقوى حمضٍ في العالم، وقد تجادل العلماء حول حمض الهايدروفلوريك بأنه أخطر منه بسبب تواجده في العديد من المنتجات الاعتيادية، ما يُرجِّح إمكانية التعرض له.

أما أولئك الذين لديهم الشجاعة الكافية للعمل مع الأحماض فائقة القوة، فمعدات الحماية الشخصية بما في ذلك أجهزة التنفس والنظارات الواقية يجب عدم الاستهانة باستخدامها، لأنها الدرع الكيميائي الحديث ضد المادة التي يمكنها إذابة اللحم والعظام في لمح البصر.

حمض الفلوروأنتيمونيك مقارنةً بالحموض الأُخرى:

إن المجال الكيميائي واسع، ومع أن حمض الفلوروأنتيمونيك له مكانته الخاصة، توجد مجموعة من الأحماض الرائعة الأخرى التي تستحق الذكر. دعونا نستكشف السمات الفريدة لهذه الأحماض، ونرى نقاط قوتها ونقاط ضعفها وأدوارها في العمليات المختلفة:

 أحماض الكربون:

وهي من بين أقوى الأحماض القوية، بعد حمض الفلوروأنتيمونيك فقط. يساعد تركيبها الجزيئي الفريد، المدعوم بأبحاث الجمعية الكيميائية الأمريكية، في الحفاظ على فاعليتها، وما يميّزها عن غيرها هو ارتباطها الضعيف بأيونات الهيدروجين، ما يجعلها أقل تآكلًا من حمض الفلوروأنتيمونيك.

 الحمض السحري:

قد يبدو الأمر خياليًا، لكن الحمض السحري حقيقي جدًا! يُشَكَّل بواسطة خلط حمض الفلوروسلفوريك (HSO₃F) وخماسي فلوريد الأنتيمون (SbF5). ويتفكك هذا الحمض تمامًا في محلول مائي، ويُطلِق تركيزًا عاليًا من أيونات الهيدروجين.

 حمض النيتريك وحمض الفوسفوريك وحمض البيركلوريك:

هذه أمثلة على الأحماض القوية التي تتفكك تمامًا عند ذوبانها في الماء. مع أنها قد لا تتطابق مع الحموضة الشديدة لحمض الفلوروأنتيمونيك، فإنها ضرورية في الصناعات بدءًا من إنتاج الأسمدة إلى وقود الصواريخ.

 حمض البنزويك وحمض الأوكساليك:

هذه الأحماض الضعيفة لا تنحلّ تمامًا في الماء، ومع ذلك فإنها تؤدي أدوارًا حاسمة في حياتنا اليومية، بدءًا من حفظ الطعام وحتى عوامل التنظيف.

 أيون الهيدرونيوم:

عندما تذوب جميع الأحماض في الماء، تُنتِج هذا الأيون موجب الشحنة، وهو السبب الحقيقي وراء الخواص الحمضية للمحلول.

اقرأ أيضًا:

رصد الكيمياء الكمومية الفائقة لأول مرة على الإطلاق

الكيمياء: تاريخها وتطورها

ترجمة: محمد فواز السيد

تدقيق: غفران التميمي

المصدر