سواءً أكانت زيارتك للطوارىء بسبب سقوطك عن دراجتك الجبلية أو زيارة روتينية لفحص السرطان، من المحتمل أن يطلب الطبيب صور باطنة لجسمك حتى يقيّم حالتك الصحية.

إحدى طرق التقاط الصور لأعضاء جسمك الداخلية هي التصوير المقطعي المحوسب (computed tomography (CT) scan).

بحسب المعهد القومي للتصوير الطبي الحيوي والهندسة الحيوية (NIBIB) تستخدم أجهزة التصوير المقطعي CT، وتسمى أيضًا (CAT scan)، جهازَ أشعةٍ سينيةٍ دوارًا حتى يكوّن صورة مقطعية، أو ثلاثية الأبعاد، لأي جزء من أجزاء الجسم.

وهي طريقة غير مؤلمة وغير جراحية وسريعة تساعد الأطباء على فحص العظام والأعضاء والأنسجة الداخلية (الباطنة).

كيف تعمل أجهزة التصوير المقطعي CT

بحسب (NIBIB) أثناء التصوير المقطعي CT، يستلقي المريض على منضدة تتحرك من خلال حلقة تشبه الكعك المحلى (الدونات) تعرف بالجسر (gantry).

يحوي الجسر على أنبوب أشعة سينية (X-ray) يدور حول المريض مطلقًا حزم أشعة سينية ضيقة عبر الجسم.

وتلتقط الأشعة السينية بواسطة كاشفات رقمية (digital detectors) تقع مقابلها مباشرة.

وبعد انتهاء الجهاز من تصوير دورة كاملة، يكوّن جهاز حاسوب ذكي صورة ثنائية الأبعاد لتلك الشريحة في الجسم، والتي يتراوح مدى سمكها بين ٠.٠٤ إلى ٠.٤ إنشات (١ إلى ١٠ ملليمتر).

بعدها يدمج الحاسوب عدة شرائح ثنائية الأبعاد مكونًا صورة ثلاثية الأبعاد للجسم، مُسهلًا على الطبيب تحديد موطِن المشكلة في المريض.

يأخذ التصوير عادة ١٥ د تبعًا لجمعية علم الأشعة في أمريكا الشمالية معتمدًا على المنطقة التي أُخذت منها الصورة في الجسم.
ولجعل الأمر أكثر سهولة في التعرف على العِلل، قد يُعطى المريض مادة مُقَارَنة (contrast material). وهي عبارة عن محاليل تحتوي على مواد مُقَارَنة، مثل الأيودين أو الباريوم، تُقدّم عبر الفم إلى داخل الجسم، أو عبر فتحة الشرج، أو تحقن مباشرة إلى الدم، بحسب النسيج المُستهدَف. وبحسب جمعية علم الأشعة في أمريكا الشمالية (Radiological Society in North America) تعمل المواد الموجودة في المحاليل على تعديل طريقة تفاعل الأشعة السينية مع أنسجة الجسم المختلفة، بالتالي تُظهرها بشكل مختلف على الصورة.

لم تطلب التصوير المقطعي CT

يساعد التصوير المقطعي CT الأطباء على تشخيص وتحديد العدوى، واضطرابات العضلات، وكسور العظام، والسرطان، والأورام وعِلل أخرى.

بحسب جمعية علم الأشعة في أمريكا الشمالية أنه فِي حالات الطوارئ، يعتبر التصوير المقطعي CT أداة إنقاذ حياة تسمح للأطباء بتحديد درجة الإصابات الباطنة أو النزيف الداخلي.

وبحسب المعهد القومي للسرطان، التصوير المقطعي CT تقنية مهمة جدًا لتشخيص وعلاج السرطان وأبحاثه.

المخاطر المحتملة

بالرغم من كون التصوير المقطعي CT مهم في تقييم الحالة الصحية، إلا أن بعض المخاطر ترافقه.

تذكر الكلية الأمريكية لشبكة التصوير الإشعاعي (ACRIN) أنه بحسب منطقة الجسم التي تُصوَّر، هناك خطر التعرض للإشعاع. تعتبر الأشعة السينية مصدرًا للإشعاع المتأين (ionizing radiation)، والذي يدمر الأنسجة الحساسة مثل الأعضاء الليمفاوية والدم. كما لا ينصح التصوير المقطعي CT لبَطن المرأة الحامل ذلك أنه قد يجعل الجنين عرضة للإشعاع الخطر.
يذكر الدكتور فوونغ آن دوونغ (Phuong-Anh Duong)، رئيس قسم التصوير المقطعي والأستاذ المساعد في جامعة إموري (Emory) قسم علوم الأشعة والتصوير في ولاية جورجيا الأمريكية، أنه كلما طال وقت التعرض للأشعة المقطعية نتجت صور أكثر جودة، لكن هذا يزيد من جرعة الإشعاع أيضًا.

(تقول صحيفة Harvard Health أن تصويرًا مقطعيًا لمنطقة الصدر فقط، يساوي سبعين مرة كمية التعرض للإشعاع بالنسبة للتصوير بالأشعة السينية التقليدية).

يتحدث دوونغ ويقول أنه من المهم الموازنة بين جودة صورة الأشعة المقطعية وبين كمية التعرض للإشعاع، وهو ما يتعارف عليه بين الأطباء بـ(ALARA, or as low as reasonably achievable) بمعنى بلوغ المطلوب بأقل كمية مناسبة.

يقول دوونغ أن هناك بضع طرق لتقليل التعرض للإشعاع.

مثل أن تؤخذ الصور عند الضرورة وللجزء المطلوب فقط من الجسم، واستخدام إشعاع قليل الطاقة واستعمال التكنولوجيا الأحدث، مثل كاشفات أشعة سينية أكثر حساسية.

وبحسب جمعية علم الأشعة في شمال أمريكا، قد يصادف المرضى أحيانًا تفاعلات حساسية بسبب مواد المُقَارَنة (contrast materials)، لكن من النادر حدوث تفاعلات حساسية شديدة.

وفِي حال معرفة الحساسية مُسبقًا عند المريض، يُعطى المريض بعض الأدوية لتقليل أثر مواد المُقَارَنة.

والناس الذين يشكون الربو، أو حمى القَشّ (hay fever)، أو الحساسية، أو أمراض القلب أو الكُلى، أو اضطرابات الغدة الدرقية قد يعانون من خطر الإصابة بالتفاعلات الحساسية تجاه مواد المُقَارَنة أكثر، ومع ذلك لا يعرف الباحثون السبب حتى الآن.

الجيل القادم لأجهزة التصوير المقطعي CT

وفِي حديثه لموقع (Live Science) يقول دوونغ يُدمج الذكاء الاصطناعي (AI) الآن على أجهزة التصوير المقطعي CT لتكوين صور أفضل بكمية إشعاع أقل.

سابقًا هذا العام، دمج باحثون من جامعة Central Florida برنامج ذكاء اصطناعي في نظام تصوير مقطعي وكان قادرًا على تحديد آثار كميات من سرطان الرئة.

وفِي تقدُّم آخر هذه السنة، صنع مجموعة من الباحثين في كلية الطب (Mount Sinai) في مدينة نيويورك نظام ذكاء اصطناعي باستطاعته فحص صور أشعة مقطعية للدماغ.

يستطيع النظام تحديد المشاكل مثل الجلطات خلال ١.٢ ثانية.

ونشر الفريق نتائج أبحاثه في مجلة نيتشر (Nature) الطبية.

قفزة هي الأخرى في التقنية، أجهزة عد الفوتونات في التصوير المقطعي.

بإمكان هذه الأجهزة تشغيل كاشف يعد ويتتبّع الفوتونات كل على حدَة من مصدر الأشعة السينية ويكشف تفاعلاتها منفردة.

والنتيجة صورة أوضح مع درجة نقاء وتباين محسنتين، بعكس صور أجهزة التصوير المقطعي CT التقليدية التي تستخدم كاشفات طاقة تجميعية (energy-integrating detectors) لكشف عدد كبير من الفوتونات مرة واحدة ثم تقيس الكثافة.

يقول دوونغ أنه بإمكان أجهزة عد الفوتونات للتصوير المقطعي تقليل جرعات الأشعة السينية، وإلى تمايز أفضل للأنسجة، وجعل جودة الصور أكثر حدّة وتقليل الحاجة لمواد المُقَارَنة.

تصبح أجهزة التصوير المقطعي CT أكثر تخصصية.

بحسب (NIBIB) فإن أجهزة التصوير المقطعي CT المصممة خصيصًا لفحص أنسجة الثدي، إذ تقدم معلومات تشابه أجهزة الماموجرام التقليدية لكن دون الحاجة لضغط الثدي، كما يتعرض الصدر لكمية أقل من الإشعاع.

هل ستتطور أجهزة التصوير المقطعي CT لتصبح أداة فحص محمولة مثل الـ«ترايكوردرز» في فيلم «ستار تريك»؟ لا يعتقد دوونغ ذلك ويقول أنه وبالرغم من وجود أجهزة التصوير المقطعي CT محمولة مثل الهاتف المحمول، جهاز التصوير المقطعي CT فان-ماونتد (van-mounted CT scanner) المستخدم من قبل نظام غرادي الصحي Grady Health System من جامعة إموري في كلية الطب.

لكن الأجهزة الصغيرة ليست بكفاءة الأجهزة التقليدية، كما أنه يصعب حماية العاملين من التعرض للإشعاع


  • ترجمة: لُبيد الأغبري
  • تدقيق: مرح منصور
  • تحرير: محمد سفنجة
  • المصدر