تأثير راتشيت -السُقاطة- عملية اقتصادية يصعب إبطالها عندما تكون جارية أو حدثت بالفعل. يرجع الاسم إلى تشبيه العملية بالسقاطة الميكانيكية، التي تدور في اتجاه واحد فقط، إذ تتجه العملية الاقتصادية إلى العمل بطريقة واحدة. إذ إن النتائج أو الآثار تعزز الأسباب، بالتأثير في الدوافع أو التوقعات بين المشاركين.

يرتبط تأثير راتشيت بفكرة دائرة من الآثار المرتدة الإيجابية. مثل إطلاق السقاطة الميكانيكية المستخدمة لضغط النابض. قد تكون العملية الاقتصادية المتضمنة لتأثير راتشيت سريعةً وفعالة ويصعب التحكم فيها.

فهم تأثير راتشيت

يشير تأثير راتشيت في الاقتصاد إلى الزيادة في الإنتاج والأسعار أو الهياكل التنظيمية التي تميل إلى الاستدامة الذاتية، إذ تغير العملية المعنية الشروط الأساسية التي تؤدي إلى العملية ذاتها. ما يخلق أو يعزز الدوافع والتوقعات لدى صانعي القرار لإبقاء العملية أو تصعيدها، فيما يشبه حلقة التغذية الراجعة الإيجابية، أو النموذج المعزز لذاته.

تتميز العمليات الاقتصادية المشتملة على تأثير راتشيت بتراكم قوى تعويضية بمرور الوقت، ما قد يؤدي إلى انعكاس سريع للعملية، وربما تعطيلها، حال حدوث تخفيف للظروف التي تولد تأثير راتشيت.

تأثير راتشيت في الاقتصاد السياسي

ظهر مصطلح «تأثير راتشيت» أول مرة في كتاب آلان بيكوك وجاك وايزمان: «نمو الإنفاق العام في المملكة المتحدة»، وجد بيكوك ووايزمان أن الإنفاق العام يزداد بعد فترات الأزمة، فيما يشبه تأثير السُقاطة.

بالمثل، تواجه الحكومات صعوبة في إلغاء دور بيروقراطية المؤسسات الضخمة التي أُنشئت أساسًا للاحتياجات المؤقتة، مثل أوقات النزاع المسلح أو الأزمات الاقتصادية. إذ يكون لدى صناع القرار ضمن الأجهزة الحكومية، الدافع للحفاظ على مناصبهم ضمن المؤسسات، وتحسين وحجم وحالة المؤسسة ذاتها. فيشكلون مجموعة ضغط تؤثر في الرأي العام، لتعزيز المؤسسات البيروقراطية وتوسيع وزيادة نفوذها.

كشف المؤرخ روبرت هيغز ذلك التأثير، إذ وصف استخدام الأزمات والطوارئ لتوسيع نفوذ الوكالات الحكومية، التي تبدأ غالبًا على أساس مؤقت مزعوم، ثم تصبح لاحقًا أداةً لتوسع نفوذ الحكومة وسيطرتها على الاقتصاد بعد انتهاء الأزمة.

لاحقًا، وصف الاقتصادي سانفورد إيكيدا أن عكس هذه العملية غالبًا لا يتسم بالتصعيد التدريجي، بل بتغير مفاجئ أو ثوري، نحو حكومة أقل ميلًا إلى التدخل، في عملية قد تكون مصحوبة باضطراب عام.

في مجال الأعمال

يظهر تأثير راتشيت في الأنشطة التجارية والاستثمارات، بعدة آليات، منها النفقات غير المستردة والأصول الخاصة بالعلاقات وتبعيات المسار.

مثلًا، في صناعة السيارات، تدفع المنافسة الشركات إلى إضافة ميزات جديدة إلى سياراتهم باستمرار. ما يتطلب استثمارات إضافية في الآلات وتوظيف عمال مهرة، ما يرفع التكلفة. عندما تنفذ الشركة تلك الاستثمارات وتضيف تلك الميزات، يصبح من الصعب تقليص الإنتاج. إذ لن ترغب الشركة في إهدار الاستثمار الذي أنفقته على تحديث الآلات أو توظيف عمال جدد.

من أمثلة ذلك أيضًا، إنه إذا عانى متجر ما ركود مبيعاته بعض الوقت، فإنه يضع استراتيجيات جديدة للإدارة، مثل توظيف عمال جدد أو وضع نظام مكافآت، لتحقيق إيرادات أعلى. حال تحقق ذلك، سيجد المتجر صعوبة في تبرير تقلص الإنتاج. إذ تسعى الشركات دائمًا إلى النمو والهوامش الربح الأعلى، ما يجعل تراجع الإنتاج غير ممكن.

يشبه نموذج الأعمال المحتوي على تأثير راتشيت البيروقراطيات الحكومية، إذ يكون لدى الوكلاء -في هذه الحالة، المديرين- الدافع لدعم مجموعة أكبر وأعقد من المنتجات والخدمات والبنية التحتية الأساسية، التي تدعم بدورها العمليات التي يديرونها.

في الاستهلاك

تُطبق مبادئ مشابهة لتأثير راتشيت من منظور المستهلك، إذ تصعّد التوقعات المتزايدة من عملية الاستهلاك. مثلًا، إذا كانت شركة ما تنتج عبوة مشروب غازي بحجم 500 مل طوال عشر سنوات، ثم قلصت حجم العبوة إلى 400 مل، فسيشعر المستهلك بالخداع، حتى وإن صاحب ذلك انخفاض مكافئ في السعر.

في سوق العمل

ينطبق تأثير راتشيت أيضًا على الأجور. إذ نادرًا ما يقبل العمال تخفيض أجورهم، بل قد يكونون غير راضين عن زيادة الأجور حال كانت غير كافية. مثلًا، إذا حصل الموظف على زيادة 10% من راتبه، ثم 5% في العام التالي، فسيشعر أن الزيادة غير كافية، مع أن مرتبه قد ازداد فعليًا.

أيضًا يظهر التأثير في سوق العمل، حين يختار العمال بمحض إرادتهم تقليص الإنتاج، لأنهم يتوقعون أن الإدارة ستستجيب لزيادة الإنتاج برفع الحد الأدنى المطلوب، ما سيؤدي إلى تقلص الأجور.

يؤدي ذلك إلى الكثير من التوتر بين العمال وأصحاب الأعمال، إذ إنه إذا زاد العمال الإنتاج، فإنهم يكشفون معلومات عن إنتاجيتهم لرؤسائهم، الذين سيزيدون بدورهم مقدار الإنتاج المطلوب من العمال تبعًا لذلك. لكن غالبًا يقل ظهور تأثير راتشيت في هذا المجال في ظل أسواق العمل القائمة على المنافسة. سواءً كانت ظروف سوق العمل في صالح الشركات أم العمال.

اقرأ أيضًا:

أثر أحمر الشفاه

تراجع التصنيع.. ما أسبابه؟

ترجمة: يوسف حمد

تدقيق: تسبيح علي

المصدر