ثابت هابل هو وحدة القياس المُستخدمة لوصف توسّع الكون، إذ إن كوننا يتوسّع منذ أن بدأ من خلال الانفجار الكبير منذ 13.82 مليار سنة، ويزداد تسارعًا أيضًا في توسّعه.

ما هو مثيرٌ للاهتمام حول التوسّع ليس فقط المعدّل، بل وآثار التوسّع، فوفقًا لوكالة ناسا، إذا تباطأ التوسّع فهذا يعني أن هناك شيئًا في الكون يجعل التوسع بطيئًا وربما يكون المادة المظلمة، والتي لا يمكن استشعارها بالأدوات التقليدية، أما إذا تسارع، فمن المحتمل أن الطاقة المظلمة تدفعه بشكلٍ أسرع.

ومنذ يناير 2018، أظهرت نتائج عدة تلسكوباتٍ أن معدل توسع الكون يختلف تبعًا للمكان الذي يُنظر منه، ففي الأماكن القريبة في الكون (يُقاس بواسطة تلسكوب هابل والتلسكوب الفضائي غاي) يتوسّع بمعدل 45.6 ميلًا في الثانية (73.5 كيلومترًا في الثانية) لكل ميغابارسيك، في حين أن الأماكن الأكثر بُعدًا (والتي تُقاس بواسطة تلسكوب بلانك) يتوسع أبطأ قليلًا بمعدّل 41.6 ميلًا في الثانية (67 كيلومترًا في الثانية) لكل ميغافرسخ (مليون فرسخ، أو حوالي 3.3 مليون سنة ضوئية) وهذا سريعٌ بشكلٍ لا يمكن تصوّره.

أول من اقترح الثابت هو إدوين هابل، كان هابل عالمًا فلكيًا أمريكيًا درس المجرات، ولا سيما تلك البعيدة عنا.

وفي عام 1929 واستنادًا إلى ملاحظة عالم الفلك هارلو شابلي -أن المجرات تبدو وكأنها تبتعد عن مجرة درب التبانة- وجد هابل أنه كلما كانت هذه المجرات أبعد عن الأرض، بدت أنها تتحرك بشكلٍ أسرع.

في حين اعتقد العلماء سابقًا أن المجرات تبتعد عن بعضها البعض، يعرف علماء الفلك اليوم أن ما لُوحظَ هو توسّع الكون.
بعض النظر عن مكان تواجدك في الكون، سترى نفس الظاهرة تحدث بنفس السرعة.

لقد تحسّنت حسابات هابل الأولية على مرّ السنين، إذ استُخدمت المزيد من الأدوات الحساسة لإجراء القياسات، بما في ذلك هابل وغايا (التي درست نوعًا من النجوم المتغيرة تُسمّى متغيرات سيفيدي)، وغيرها من التلسكوبات التي وجدت الثابت استنادًا إلى القياسات من الخلفية الميكروية الكونية، قياساتٌ تعتمد على درجة حرارة الخلفية الثابتة في الكون تُسمّى أحيانًا بالشفق، والناتجة عن الانفجار العظيم.

هناك أنواع كثيرة من النجوم المتغيرة، ولكن الأكثر فائدة لقياس ثابت هابل تُسمّى المتغير السيفيدي، تغيّر هذه النجوم سطوعها بانتظامٍ على مقياس يتراوح عادة بين يوم و100 يوم، يأخذ الفلكيون قياس المسافات لهذه النجوم من خلال قياس تباين لمعانها.

فكلما كان السيفيدي أكثر إشراقًا، أصبح من السهل قياسه، يمكن رؤية بعض السيفيديات من الأرض، ولكن من أجل قياساتٍ أكثر دقة، فإن القياس من الفضاء أفضل، واستطاع إدوين هابل قياس السيفيديات على بُعد حوالي 900000 سنة ضوئية، وهي مسافةٌ قريبة نسبيًا من الأرض.

بعيدًا في الفضاء، تكون السيفيديات أكثر خفوتًا وتتراجع سرعة ابتعادها، وهو ما تمكّن تلسكوب هابل الفضائي من فهمه في التسعينيات بعد إطلاقه.

في عام 2013، أطلق تلسكوب غايا الفضائي خريطةً دقيقة لمواقع وإضاءة ما يقارب مليار نجم، وقد ساعدت بياناته أيضًا في تحسين حسابات ثابت هابل.

لكن السيفيديات ليست مثاليةً لقياس المسافات الكونية، ومن بين الصعوبات أنها غالبًا ما تكون في المناطق المُتربة (التي تحجب بعض الأطوال الموجية في الصور)، والصغير منها يصعب تحديده لأنه باهتٌ جدًا بالنسبة لنا.

وقد ظهرت تقنيات أخرى لإتمام قياس السيفيديات، مثل علاقة تولي فيشر (العلاقةُ بين لمعان مجرةٍ حلزونيةٍ وسرعة دورانها).
وفقًا لشوكو ساكاي، باحثٌ في المرصد الفلكيّ الوطني البصريّ، إن الفكرة هي أنه كلما كانت المجرة أكبر كانت أسرع في دورانها، وهذا يعني أنه إذا كنت تعرف سرعة دوران المجرة الحلزونية، فيمكنك أن توجد باستخدام علاقة تولي فيشر مدى سطوع هذه المجرة، وبمقارنة سطوعها مع حجمها الظاهر يمكن حساب بعدها.

استخدمت التلسكوبات التي تقيس الخلفية الميكروية الكونية -مثل بلانك- أيضًا تقنيةً أخرى لفحص التقلّبات في الخلفية الميكروية الكونية لتحديد الثابت.


  • ترجمة: أحمد طريف المدرس.
  • تدقيق: تسنيم المنجّد.
  • تحرير: سهى يازجي.
  • المصدر