وفقًا لدراسة جديدة، قام فريق بحث دولي بحساب جميع البحيرات الموجودة على سطح الأرض باستخدام صور الأقمار الصناعية وتقنيات رسم الخرائط المحوسبة، وجدوا حوالي 117 مليون بحيرة تُغطي ما يقارب الـ4% من مساحة اليابسة، دون حساب الأنهار الجليدية في جرينلاند وأنتاركتيكا. هذه هي المرة الأولى التي يتم فيها حساب البحيرات في العالم باستخدام طريقة موثوقة. أجرى فريق البحث من السويد وإستونيا وفرنسا والولايات المتحدة الدراسة لفهم المزيد عن دور البحيرات في دورة الكربون العالمية والعمليات الطبيعية الأخرى.

قال لارس ترانفيك-Lars Tranvik في مقال نُشر على الموقع الإلكتروني التابع للاتحاد الأمريكي الجيوفيزيائي، وهو أستاذ علم المسطحات المائية في جامعة أوبسالا في السويد: «إذا كنا قادرين على تقديم تقديرات واقعية للآثار التي جُمعت من العمليات المختلفة في البحيرات، على سبيل المثال مساهمتها في ظاهرة الاحتباس الحراري، فإننا نحتاج أولًا إلى خريطة جيدة، لدينا الآن ذلك. يختلف الأمر بشكل كبير عن الافتراضات التي سبق تقديمها فيما يتعلق بعدد البحيرات وتوزيعها».

عندما تتحلل الكائنات الحية الدقيقة إلى مواد عضوية، يُطلَق ثاني أكسيد الكربون والميثان في الغلاف الجوي. توصلت فرق البحث إلى أن البحيرات تساهم بشكل كبير في هذه العمليات الطبيعية وغيرها.

أُجري العد الفعلي من قبل تشارلز فيربوتر-Charles Verpoorter، وهو باحث في جامعة ليل- Lille Nord University في فرنسا ومؤلف رئيسي لمقال عن جرد البحيرات. كما أنه وديفيد سيكيل- David Seekell من جامعة فيرجينيا، عضوان في شبكة المرصد البيئي العالمي (GLEON).

قال فيربوتير: «المنطقة الحدودية بين الأرض والمياه هي منطقة مهمة للعديد من العمليات البيئية». إذا كنت ستقوم بإضافة طول الخط الساحلي لجميع بحيرات العالم، فإجمالي الناتج يقارب من 250 ضعف طول خط الاستواء. ولأن قياس الخط الساحلي مقيَّد بمقياس الدراسة، فإنه سيكون رقمًا أكبر بدرجة دقة أعلى، كما وضح ترانفيك.

التقدم التكنولوجي جعل عَدَّ بحيرات العالم أمرًا ممكنًا

كان يُعتقد أن التقديرات السابقة إما مرتفعة للغاية أو منخفضة للغاية، لذلك طور فريق البحث طريقة موثوقة في عد البحيرات إلى حجم 0.2 هكتار، تقريبًا بحجم واحد ونصف من مسبح أولمبي أو نصف ملعب كرة قدم. ويشمل هذا ما يشار إليه عادة باسم البحيرات والخزانات والبرك.

بدأ تيت كوتسر-Tiit Kutser العمل على طريقة أكثر موثوقية لحساب البحيرات عندما عاد إلى موطنه إستونيا بعد تركه عمله في جامعة أوبسالا في السويد قبل عشر سنوات، وهو عضو فريق البحث وخبير الاستشعار عن بعد في المعهد الإستوني البحري بجامعة تارتو.

البحيرات الكربون الأرض

كما رأينا في الصور الواردة أعلاه من جهاز ALI، فإنه من السهل العثور على أجسام مائية (تبدو سوداء من الفضاء، في حين تبدو الأرض أكثر سطوعًا، لكن البحيرات العكرة أو الضحلة يمكن أن تبدو مشرقة كذلك). يُوضح كوتسير أن الظلال من الغيوم والجبال والغابات المظلمة الصنوبرية قد تبدو غامقة كالبحيرات، ما يجعل التحليل صعبًا للغاية.

لم تُستخدم صور ALI في الدراسة الحالية، لكن فريق البحث يستخدم الآن صور Landsat 8 للمرحلة التالية من عملهم. سيستغرق الأمر بضع سنوات قبل إتاحة البيانات الخالية من السحاب لمعظم الأرض. مع هذه التكنولوجيا الحديثة، يأمل كوتسير أن تكون قادرة على تقدير محتوى الكربون في العالم بشكل مباشر من الفضاء، وهو أمر لم يكن ممكنًا مع التقنيات السابقة.

كيف تمكن مقارنة الأرقام بالأعداد السابقة؟

وفقًا لكوتسير، العدد الأخير أصغر من التقدير الإحصائي السابق البالغ 304 مليون بحيرة، لكن المساحة الإجمالية لبحيرات العالم أكبر مما كان يُعتقد من قبل. وبحسب الدراسة، فإن البحيرات في العالم لديها مساحة سطح مجتمعة تبلغ حوالي 5 ملايين كم²، أي 3.7% من مساحة الأرض غير المتجمدة (يُستبعد بحر قزوين من العد).

هناك نتيجة رئيسية أخرى لهذه الدراسة، هي أن البحيرات الكبيرة والمتوسطة تُسيطر على مساحة سطح البحيرات الكلية على الأرض، على عكس ما وُجد باستخدام الطرق الإحصائية.

من حيث التوزيع، وجدت الدراسة أن أعلى تركيز ومساحة ومحيط من المسطحات المائية تظهر عند خطوط العرض الشمالية والقطبية بين درجتي 45 و75 شمالًا.

ووجدت الدراسة أيضًا أن توزيع كميات المسطحات المائية ينخفض بشكل كبير عبر الارتفاع، حيث توجد 85٪ من البحيرات، و50٪ من مساحة البحيرة، و50٪ من إجمالي محيط البحيرة على ارتفاعات أقل من 500 متر فوق مستوى سطح البحر.

بالمجْمع حوالي 90 مليون بحيرة هي الأصغر من حيث الحجم، بين 0.2 و1 هكتار. وهذا يعني أن حوالي 27 مليون من بحيرات العالم هي ما أشير إليه على أنه “أكبر من بركة المزرعة”.

قضية الحجم في تقدير دور البحيرات في دورة الكربون العالمية، لماذا من المهم معرفة حجم البحيرات؟

عمومًا، تميل البحيرات الضحلة الصغيرة إلى أن تكون غنية بالمغذيات، والضوء يخترق أغلبها، كما كتب كوتسر. وهذا يعني أن هذه البحيرات هي المكان الذي تحدُث فيه الكثير من العمليات المتعلقة بالكربون.

وقال كوستر: «في البحيرات الكبيرة العميقة، تحدث هذه العمليات أبطأ بكثير، فيكون الماء عادة أكثر تميُّعًا، والضوء متاح فقط في الطبقة العليا من الماء، ونسبة السطح إلى الحجم صغيرة جدًا. هذا الأخير مهم لأن تفريغ غاز ثاني أكسيد الكربون والميثان يحدث عبر سطح البحيرة».

تجاهل تقرير عام 2007 الصادر عن الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ (IPCC) بشكل أساسي الأنهار والبحيرات من نماذج الكربون العالمية. قال كوتسر: «لقد اعتُبرت البحيرات والأنهار على أنها أنابيب تنقل الكربون من الأرض إلى المحيطات».

أقر تقرير الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغيُّر المناخ لعام 2013 بأهمية الدور الذي تلعبه البحيرات في دورة الكربون العالمية، ولكن التقارير المستقبلية سوف تحتاج إلى إعادة النظر والتنقيح استنادًا إلى الإحصاءات الحديثة، فضلًا عن نتائج البحوث الجديدة الأخرى.

مع نتائج هذه الدراسة الأخيرة، سيتمكن الباحثون من تقدير كمية المياه الموجودة في البحيرات في جميع أنحاء العالم بدقة أكبر. خلال السنوات القليلة المقبلة، سيكون فريق الدراسة قادرًا على إعادة تقييم كميات غاز الميثان وثاني أكسيد الكربون التي أُطلقت في الجو من البحيرات.

منذ عقد من الزمن تقريبًا، استوقفتني أول خريطة شاملة لبحيرات العالم، شملت 250 ألف بحيرة على مساحة 10 هكتار. من المدهش أن نرى كيف أن التقدم التكنولوجي والتعاون الدولي يسمح لنا بالحصول على تقدير أكبر لأهمية البحيرات على هذا الكوكب.

اقرأ أيضًا:

تدقيق: براءة ذويب

المصدر