ما هو مصير القطب الشمالي بحلول العام 2050 ؟


إذا لم نفعل شيئًا لإيقاف ذلك، فسيكون القطب الشمالي خاليًا من الجليد تمامًا بحلول العام 2050، وذلك بسبب انبعاثات غاز ثاني أكسيد الكربون الناتجة عن النشاطات البشريًّة.
معدل انبعاثات غاز ثاني أكسيد الكربون في الولايات المتحدة للشخص الواحد، تتسبب في نسفِ مساحة 50 متر مربع من الجليد في بحر القطب الشمالي كل سنة.
هذه هي النتائج التي خرجت بها دراسة جديدة، فقد وجدت أنَّ كل طن متري إضافي يبعث نحو الجو من ثاني أكسيد الكربون، ينتج عنه خسارة مباشرة تبلغ 3 أمتار مربَّعة من جليد البحر القطبي مع نهاية الصيف.

للمرَّة الأولى اليوم، بإمكاننا معرفة حجم «مشاركة كلّ شخص منا في النتائج الملموسة لنظام المناخ العالمي»، حسب دريك نوتز (Dirk Notz) المؤلف المساعد في الدراسة، وعالم المناخ من معهد ماكس بلانك للأرصاد الجوية بمدينة هامبورغ الألمانيَّة.

بشكل عالم، يتسبب البشر في انبعاث حوالي 36 مليار متر طني من ثاني أكسيد الكربون كل سنة. مع إضافة مليار متر طني آخر إلى ذلك الرقم، سيكون للمحيط القطبي الشمالي صيفًا خاليًا من الجليد تمامًا وعلى الأرجح سيكون ذلك لأوَّل مرة منذ 125 ألف سنة. وقد يحصل ذلك قبل أفق عام 2050، حسب تقديرات نوتز وجوليين ستروييف (Julienne Stroeve) من جامعة لندن في دراسة نشرها الثنائي في مجلَّة ساينس. يجدر بالذكر، أنَّ العديد من الدراسات السابقة قالت أنَّ جليد فصل الصيف على القطب الشمالي قد يصمد لسنوات أطول.

في هذا الشأن تقول سيسيليا بيتز (Cecilia Bitz) عالمة المناخ من جماعة واشنطن، والمشاركة في الدراسة: «يكون الجليد البحري في غاية المتانة، عندما تقف فوق جليدٍ بإمكانه حمل وزنك، أو إنزال طائرة عليه، لكن الدراسة الجديدة تجعله يبدو في غاية الهشاشة».

إنَّ تقلص الجليد في قمة الكوكب يعرض الكائنات القطبية الشماليَّة للخطر، ويساهم في نشر التلوث، وقد يترتب عن ذلك فتح منطقة القطب الشمالي للنقل البحري.
في سنة 2012، بلغت مساحة جليد القطب الشمالي أدنى مستوياتها، فقد بلغت 3.39 مليون كيلومتر مربع، بعيدًا للغاية عن المعدل المسجل بين 1981 و2010 والذي بلغ 6.22 مليون كيلومتر مربع.
إلى أي مدى ستبلغ سرعة اختفاء الجليد؟ يبقى ذلك الأمر غير واضح حتى الآن.

من أجل تقديراتهما، حلّل نوتز وستروييف سجلَّات درجة حرارة سطح البحر القطبي الشمالي ومساحة البحر الجليدي منذ سنة 1953. وتراجع الحجم المتوسط للبحر الجليدي لشهر أيلول/سبتمبر بموازاةٍ مع تزايد انبعاثات ثاني أكسيد الكربون بسبب النشاطات البشريَّة، كما وجد الباحثون.

ويقترح الباحثون أنَّ العلاقة بين انبعاثات الكربون وخسارة الجليد تنبع من آلية واضحة واحدة. فعندما يشتد تركيز ثاني أكسيد الكربون في الجو، فهو يعزز الاحتباس الحراري، ويرسل بعضًا من الحرارة نحو الأرض، في حين يجب عليها الذهاب نحو الفضاء. يرفع هذا من حجم الأشعة تحت الحمراء التي تضرب القطب الشمالي وترفع من حرارة الجليد، مما ينتج عنه تراجع الحافة الخارجيَّة من البحر الجليدي نحو الشمال، فتصل أشعة الشمس بشكلٍ أقل نحو الكوكب، وهذا ما يخفّض من حجم التغطية الجليديَّة.

وحسب فريق البحث القائم على الدراسة، فإنّ المحاكاة المناخيَّة أساءت تقدير هذه التأثيرات، ولا تعكس حقيقةَ حساسيَّة القطب الشمالي للمستويات المرتفعة لثاني أكسيد الكربون. ويذكر نوتز أّنَّ العوامل الأخرى المرتبطة بخسارة البحر الجليدي، مثل التغيرات في درجة حرارة مياه المحيط المتدفقة من المحيط الأطلسي، كان لها تأثير ضئيل للغاية مقارنة في الفترة التي أجريت فيها الدراسة مقارنة بارتفاع التسخين الإشعاعي.

من جهة أخرى، تذكر رونج زانج (Rong Zhang) عالمة المحيطات من برينستون، أنَّ التقليل من شأن تسخين المحيط يعتبر خطأً. وتصل تغطية البحر الجليدي إلى قمتها خلال فصل الشتاء، فتصل أشعة شمسٍ أقل إلى القطب الشمالي ويكون الاحتباس الحراري أقل أهميَّة. ولكن كما تراجع حجم أدنى امتداد للبحر الجليدي في القطب الشمالي، تراجع أيضًا حجم أقصى امتداد له في العقود القليلة الماضية، وسجَّل رقمًا قياسيًّا كأدنى نسبة مسجلَّة في آذار/مارس من السنة الحالية 2016. ويحتاج الأمر مراقبات إضافيَّة من أجل تحديد ما إذا كانت العوامل الأكثر تأثيرًا هي التي تأتي من أسفل أو من أعلى، ونختم بقول زانج: «لا وجود لتفسيرٍ واحد».


إعداد: وليد سايس
تدقيق: عبدالسلام محمد
المصدر