الزواج المبكر (زواج الأطفال تحت 18 عامًا) انتهاك لحقوق الإنسان، إذ يؤثر في النساء والفتيات وأسرهن ومجتمعاتهن بطرق مختلفة، ويحرم الفتاة من مستقبل تستطيع تحقيق أحلامها فيه، ويقوي دائرة القمع والأذى. توجد أكثر من 720 مليون فتاة متزوجة قبل سن 18 عامًا حول العالم.

ما تأثير الزواج المبكر في تعليم الفتيات؟

يحدد مستوى التعليم السن المحتمل لزواج الفتاة، فإذا كانت الفتاة أكثر تعليمًا قل احتمال زواجها مبكرًا. يمنع الزواج المبكر الفتاة من الحصول على تعليم جيد بسبب قيود المجتمع التي ستمنعها من الذهاب إلى المدرسة، فعندما تتزوج الفتاة أو تُخطب يحق للزوج أو الزوج المستقبلي منعها من الدراسة، وقد تُمنع الفتيات الحوامل من الذهاب إلى المدرسة في بعض الدول مثل تنزانيا وسيراليون بسبب السياسات الحكومية.

قد تمنع أسباب أخرى الفتاة المتزوجة من الذهاب إلى المدرسة، مثل مسؤولياتها في المنزل، التي تتضمن الأعمال المنزلية ورعاية الأطفال والأقارب أحيانًا، وقد تُجبر على العمل لمساعدة الزوج، وقد تكون غير قادرة بدنيًا بسبب الحمل ومضاعفاته. عندما تُمنع الفتيات من التعليم تقل فرصهن في العمل أيضًا، ما يعرضهن لخطر الفقر، الذي سيؤثر بدوره في فرص حصول أطفالهن على التعليم والعمل.

ما هي الآثار النفسية للزواج المبكر - الزواج المبكر (زواج الأطفال تحت 18 عامًا) انتهاك لحقوق الإنسان - يؤدي الحمل المبكر إلى الإجهاض وصعوبة المخاض

هل الفتيات المتزوجات قبل سن 18 أكثر عرضة للعنف المنزلي؟

وفقًا للمجلس الدولي للبحوث المتعلقة بالمرأة، فإن الفتيات ذوات مستوى التعليم المنخفض والنساء المتزوجات اللائي تتراوح أعمارهن بين 15 و19 عامًا يتعرضن للعنف المنزلي أكثر من الفتيات الأكبر سنًا والأكثر تعليمًا. والفتيات المتزوجات قبل سن 18 أكثر عرضةً للعنف البدني والجنسي، إذ تصف معظم الفتيات المتزوجات قبل سن 18 تجربتهن الجنسية الأولى بالاغتصاب أو الإجبار.

تختل العلاقة الزوجية لأن معظم حالات الزواج المبكر تحدث بين فتيات صغيرات ورجال أكبر سنًا، وهو ما يسبب أحيانًا العنف المنزلي والخطر البدني على النساء، وقد يسبب أيضًا آثارًا نفسية دائمة واضطرابات في الصحة العقلية للفتاة.

ما آثار الزواج المبكر في صحة الفتيات؟

يشكل الزواج المبكر خطرًا كبيرًا على صحة الفتيات، والفتيات اللائي تزوجن مبكرًا أكثر عرضة للإصابة بأعراض اضطراب ما بعد الصدمة وأعراض الاكتئاب.

في المملكة المتحدة، يزيد الزواج المبكر خطر الإصابة بأمراض مثل السرطان وأمراض القلب والسكري والسكتة الدماغية بنسبة 23%.

وفي أجزاء من البلاد الواقعة جنوب الصحراء الكبرى بأفريقيا، يرتبط الزواج المبكر بارتفاع معدل الإصابات بفيروس نقص المناعة HIV، وفي كينيا وزامبيا تُعَد الفتيات المتزوجات أكثر عرضةً للإصابة بفيروس نقص المناعة بنسبة 75% مقارنةً بغير المتزوجات.

لا تستطيع الفتيات مناقشة استخدام وسائل منع الحمل مع أزواجهن بسبب تعرضهن للعنف المنزلي، ويؤدي ذلك إلى الحمل المبكر والمتكرر الذي قد يسبب الوفاة نتيجة مخاطره العديدة وغياب الرعاية الطبية.

ما آثار الحمل المبكر في صحة الفتيات؟

تعد مضاعفات الحمل والولادة السبب الرئيسي لوفاة الفتيات المتزوجات بعمر 15 – 19 عامًا، إذ تموت نحو 70 ألف فتاة سنويًا لهذا السبب. إضافةً إلى ذلك، يزداد تعرض الطفل الذي يولد لأم مراهقة لخطر الموت بنسبة 50% مقارنةً بأطفال الأمهات اللائي ينجبن بعد سن العشرين.

وقد يؤدي الحمل المبكر إلى الإجهاض وصعوبة المخاض ونزيف ما بعد الولادة، لأن جسم الفتاة لم يتهيأ بعد، إضافةً إلى الصعوبات التي تمنع الفتيات الصغيرات من الحصول على الرعاية الصحية في أثناء الحمل.

للزواج المبكر دور رئيسي في مشكلات الحمل والولادة، إذ إن 90% من الفتيات اللائي يلدن في سن 15-19 متزوجات بالفعل.

هل يزيد الزواج المبكر احتمال الفقر؟

يُعَد الفقر السبب الرئيسي لزواج الفتيات المبكر. قد تتزوج الفتاة لأن عائلتها لا تستطيع الإنفاق على دراستها أو احتياجاتها الأساسية، إذ إن الفرص الاقتصادية محدودة في المجتمعات المحلية، والفتيات الفقيرات عرضة للزواج المبكر أكثر بثلاثة أضعاف من الفتيات الأغنى.

يمنع الزواج المبكر الفتاة من التعلم والعمل والحصول على الاستقلالية، ما يجعلها تعاني الفقر، ويؤثر أيضًا في حياة أطفالها وأسرتها ومجتمعها، أما المرأة المتعلمة فتزداد فرص حصولها على عمل ودخل كافٍ لتستطيع الإنفاق على نفسها وأسرتها.

الآثار النفسية للزواج المبكر في غانا:

تُعَد غانا من دول العالم التي يكثر بها زواج الأطفال، لكن المشكلة بها أخف مقارنةً بدول غرب إفريقيا ووسطها. تشير دراسة أُجريت سنة 2018 أن أكثر من 19% من الفتيات الغانيات يتزوجن قبل بلوغهن سن 18، و5% منهن يتزوجن قبل سن 15، وتختلف هذه النسب حسب المناطق، إذ تبلغ 28% في المناطق الشمالية (النسبة الأعلى)، و %8 في منطقة أكرا.

يحدث زواج الأطفال في غانا بسبب عدة عوامل، مثل عدم المساواة بين الجنسين والفقر والممارسات التقليدية والعرفية والمعايير الاجتماعية وضغط الأهل والجهل وعدم وجود عقاب رادع.

أُجري بحث لفهم الأسباب التي تجعل المراهقات يتزوجن في وقت مبكر، وآثار ذلك في حياتهن وصحتهن، وهدف البحث أيضًا إلى فهم أفكار أهالي الفتيات عن المراهقة والزواج. تبين النتائج أن زواج الأطفال في بعض المجتمعات الغانية ناتج عن عدة عوامل اجتماعية وثقافية واقتصادية، وتساعدنا هذه النتائج على فهم طبيعة زواج الأطفال وممارسته وآثاره في غانا.

من آثار الزواج المبكر ترك الفتيات المدرسة وخسارتهن فرصة اكتساب المعرفة والمهارات وابتعادهن عن الأصدقاء والشبكات وأنظمة الدعم، وفقدانهن مراحل الطفولة والمراهقة بسبب انشغالهن بمسؤوليات البالغين ما يسبب لهن التوتر والضغط، إضافةً إلى المخاطر الصحية وخطر الإصابة بالأمراض المنقولة جنسيًا.

يعتقد الخبراء بوجود علاقة بين زواج القاصرات والمشكلات الصحية وحمل المراهقات وارتفاع معدل وفيات الأطفال. وتشير الدراسات إلى أن معظم الفتيات المتزوجات غير مؤهلات نفسيًا وجسديًا لأداء دور الأم والزوجة.

في محاولة لمنع هذه العادة، يحظر قانون الأطفال في غانا زواج القاصرات ويمنحهن حق الرفض. وكذلك أنشأت وزارة الشؤون الجنسانية والأطفال والحماية الاجتماعية إدارة خاصة لمنع زواج الأطفال بالتعاون مع عدة منظمات حكومية وغير حكومية، ونتيجةً لهذه الإجراءات انخفض عدد حالات الزواج المبكر.

أشارت النتائج الرئيسية للدراسات إلى أن الزواج المبكر له آثار سلبية وإيجابية، بناءً على عدة عوامل تشمل سن الفتاة وعلاقتها بزوجها والأعمال المنزلية التي تؤديها وتعرُّضها للمعاملة السيئة والعنف المنزلي.

تجد الكثير من الفتيات الزواج طوق نجاة من سوء المعاملة في بيوت الأهل، وقالت بعض الفتيات المتزوجات إن بيوت أزواجهن أقل سوءًا من بيوت عائلاتهن ما يشعرهن بالأمان والراحة، وقد يفسر هذا موافقة الفتيات على الزواج المبكر في غانا. ومن المحتمل أن تؤثر الشابات اللائي عشن تجربة زواج جيدة في قرار زواج رفيقاتهن.

ولكن الآثار السلبية كثيرة أيضًا، فقد ندمت معظم المشاركات على الزواج مبكرًا لأنه منعهن من إكمال تعليمهن، إضافةً إلى أنهن قلقات بشأن مستقبلهن ومعيشتهن ومعيشة أطفالهن، ولم يجدن في الزواج ما توقعن من راحة وأمان.

ماذا نستطيع أن نفعل؟

نستطيع فعل العديد من الأشياء لمنع الزواج المبكر، منها:

  •  قد تساعد توعية المجتمع حول دور المرأة وقيمتها على الحد من زواج الأطفال وإساءة معاملة المرأة.
  •  تعزيز فرص حصول الفتيات على التعليم وبقائهن في المدارس، إذ يرتبط إكمال التعليم ارتباطًا وثيقًا بتأخر الزواج.
  •  دعم الفتيات اللائي تركن التعليم بسبب الحمل والمشاكل المالية، ومساعدتهن على إكمال دراستهن.
  •  تثقيف المجتمعات حول السن القانونية المقبولة للزواج، والتوعية حول الصحة الجنسية والإنجابية، والآثار الناجمة عن زواج الأطفال، إضافةً إلى كيفية التصرف في حالات حمل المراهقات، وحث الآباء على الانتظار حتى تنضج بناتهن قبل السماح لهن بالزواج.
  •  توفير حوافز اقتصادية للوالدين.

لا نستطيع فعل الكثير لمساعدة الفتيات المتزوجات، ما نفعله هو تزويدهن بالمعرفة والمهارات التي تساعدهن على إدارة زواجهن، وتساعد الخدمات النفسية على تخفيف شدة الأذى الذي تعانيه الفتيات بسبب العنف الجسدي والصدمات النفسية الناتجة عن الزواج.

اقرأ أيضًا:

رهاب الزواج: الأسباب والأعراض والعلاج

أيهما أفضل، الزواج أم البقاء عازبًا؟

ترجمة: محمد طوسون

تدقيق: غزل الكردي

مراجعة: أكرم محيي الدين

المصادر: theconversation، equalitynow