الطباعة الحيوية هي إحدى أنواع الطباعة ثلاثية الأبعاد، تُستخدم فيها خلايا ومواد حيوية أخرى على هيئة أحبار (inks) لتصنيع هياكل حيوية. يمكن استخدام المواد المطبوعة في إصلاح الأعضاء والخلايا والأنسجة التالفة في جسم الإنسان. ومن المتوقع في المستقبل أن تُستخدم الطباعة الحيوية لبناء أعضاء كاملة من الصفر، وهو الأمر الذي سيحدث ثورة في مجال الطباعة الحيوية.

المواد التي يمكن طباعتها

درس الباحثون إمكانية طباعة عدة خلايا، من بينها: الخلايا الجذعية والخلايا العضلية والخلايا البطانية. ومع ذلك، هناك عدة عوامل توضح ما إذا كانت المادة المستخدمة يمكن طباعتها أم لا.

أولًا، يجب أن تتوافق المواد البيولوجية حيويًا مع المواد الموجودة في الحبر والطابعة نفسها. بالإضافة إلى ذلك، تؤثر الخواص الميكانيكية للهيكل المطبوع، وكذلك الوقت المستغرق للعضو أو النسيج حتى تمام النمو على العملية.

يمكن تقسيم الأحبار الحيوية إلى نوعين، كالتالي:

  • المواد الهلامية المعتمدة على الماء أو الهلام المائي (hydrogels)؛ تعمل بمثابة هياكل ثلاثية أبعاد، إذ يمكن للخلايا أن تنمو بداخلها. يُطبع الهلام المائي المحتوي على خلايا بأشكال محددة، وتُربط البوليمرات الموجودة في الهلام المائي معًا بحيث يُصبح الهلام المطبوع أقوى. ويمكن الحصول على هذه البوليمرات من الطبيعة أو عن طريق تصنيعها، وفي كلتا الحالتين يجب أن تتوافق مع الخلايا.
  • مجاميع الخلايا؛ والتي يمكن أن تندمج تلقائيًا معًا لتنتج الأنسجة بعد الطباعة.

آلية عمل الطباعة الحيوية ثلاثية الأبعاد

تتشابه الطباعة الحيوية في كثير من الخواص مع الطباعة ثلاثية الأبعاد التقليدية. وتنقسم الطباعة الحيوية بشكل عام إلى الخطوات التالية:

  • المعالجة الأولية: يُعدّ نموذج ثلاثي الأبعاد اعتمادًا على إعادة تشكيل رقمية للعضو أو النسيج المراد طباعته. يمكن الحصول على الصور المستخدمة في إعادة التشكيل إما من دون تدخل جراحي مثل التصوير بالرنين المغناطيسي، أو بتدخل جراحي عن طريق سلسلة من الشرائح ثنائية الأبعاد تُصوّر بالأشعة السينية.
  • المعالجة: يُطبع العضو أو النسيج بناء على النموذج ثلاثي الأبعاد المأخوذ من مرحلة المعالجة الأولية. وكما هو الحال في الأنواع الأخرى من الطباعة ثلاثية الأبعاد، تُضاف المواد المستخدمة معًا لطباعة المراد.
  • العملية الختامية: هناك إجراءات لازمة لتحويل المواد المطبوعة إلى أعضاء أو أنسجة وظيفية. قد تشمل هذه الإجراءات وضع العضو المطبوع في غرفة خاصة تساعد الخلايا على النمو بصورة صحيحة وبسرعة.

أنواع الطابعات الحيوية

مثل بقية الأنواع الأخرى من الطباعة ثلاثية الأبعاد، يمكن طباعة الأحبار الحيوية (bioinks) بطرق مختلفة عديدة. وكل طريقة لها مميزاتها وعيوبها.

  • طباعة حيوية النافثة للحبر: تعمل بصورة مشابهة للطباعة نافثة الحبر المكتبية. عندما يُطبع تصميم ما باستخدام الطابعة النافثة للحبر، يُطلق الحبر من خلال العديد من الفتحات الصغيرة على الورق. يؤدي هذا إلى خلق صورة مصنوعة من عدة قطرات صغيرة جدًا تصعب رؤيتها بالعين المجردة. تبنّى الباحثون الطباعة النافثة للحبر لاستخدامها في الطباعة الحيوية، بما في ذلك الطرق التي تستخدم الحرارة والاهتزاز لدفع الحبر عبر الفتحات.
    تُعتبر هذه الطابعات غير مكلفة مقارنة مع بقية الأنواع الأخرى. ولكنها تقتصر على أنواع معينة من الأحبار الحيوية منخفضة اللزوجة، وبالتالي تعمل على طباعة أنواع قليلة من المواد.
  • الطباعة الحيوية بمساعدة الليزر: يُستخدم الليزر لتحريك الخلايا من المحلول إلى السطح بدرجة عالية من الدقة.
    يسخن الليزر جزءًا من المحلول، ما يخلق تجويفًا في الهواء ويدفع الخلايا باتجاه السطح. ولأن هذه الطريقة لا تتطلب فتحات صغيرة مثل الطباعة النافثة للحبر؛ يمكن استخدام مواد عالية اللزوجة لا يمكنها أن تتسرب بسهولة من خلال الفتحات. وبالتالي تسمح الطباعة بالليزر بطباعة مواد عالية الدقة. ومع ذلك، يمكن أن تسبب الحرارة الناتجة عن الليزر تلف الخلايا المراد طباعتها. وأيضًا، من الصعب رفع مستوى هذه التقنية لطباعة هياكل بسرعة أكبر.
  • الطباعة الحيوية المعتمدة على الدفع: يُستخدم الضغط لدفع المادة إلى الخروج من فتحة لإنشاء أشكال معينة. لهذه الطريقة استخدامات متعددة الجوانب؛ إذ يمكن طباعة مواد حيوية ذات لزوجة مختلفة عن طريق التحكم بالضغط، ولكن يجب توخي الحذر؛ لأن الضغوط المرتفعة يمكن أن تسبب تلف للخلايا. ويمكن رفع مستوى هذه التقنية من أجل التصنيع، ولكنها لن تكون متقنة مثل بقية التقنيات الأخرى.
  • الطباعة الحيوية باستخدام الترذيذ الإلكتروني والغزل الكهربائي: باستخدام الحقول الكهربائية لإنشاء قطرات أو ألياف؛ تصل هذه التقنية لدرجة عالية من الدقة يمكن أن تصل إلى مستوى النانومتر. ولكنها تعتمد على الجهد العالي الذي يُعد غير آمن على الخلايا.

تطبيقات الطباعة الحيوية

نتيجة للدقة العالية للهياكل الحيوية الناتجة عن الطباعة، غالبًا ما تُستخدم هذه التقنية في العديد من تطبيقات الطب الحيوي.
استخدم الباحثون الطباعة الحيوية لإدخال خلايا تساعد في إصلاح القلب بعد نوبة قلبية، وأيضًا في وضع خلايا في الجلد المصاب والغضاريف. واستُخدمت الطباعة الحيوية لصنع صمامات القلب لاستخدامها للمرضى الذين يعانون من أمراض قلبية، وكذلك في بناء أنسجة العظام والعضلات والمساعدة في إصلاح الأعصاب.

وبالرغم من أننا بحاجة إلى المزيد من العمل لتحديد طريقة الحصول على نتائج سريرية أفضل، أظهرت الأبحاث أن الطباعة الحيوية يمكن استخدامها في تجديد الأنسجة أثناء الجراحة وبعد الإصابات. وفي المستقبل، يمكن أن تتيح الطباعة الحيوية إنشاء أعضاء كاملة مثل الكبد والقلب من الصفر واستخدامها في عمليات زرع الأعضاء.

الطباعة الحيوية رباعية الأبعاد

بالإضافة إلى الطباعة الحيوية ثلاثية الأبعاد، بحثت مجموعة من العلماء في إمكانية استخدام الطابعة رباعية الأبعاد في الطباعة الحيوية. وتأخذ هذه التقنية في الاعتبار البعد الرابع وهو الوقت.

تعتمد الطباعة رباعية الأبعاد الحيوية على فكرة أن الهياكل ثلاثية الأبعاد المطبوعة يمكنها أن تستمر في التطور مع الوقت حتى بعد طباعتها. وبالتالي قد تغير الهياكل المطبوعة من شكلها أو وظيفتها إذا تعرضت للمحفز الصحيح؛ الحرارة على سبيل المثال.

يمكن أن تُستخدم هذه التقنية في بعض مجالات الطب الحيوي؛ مثل صنع الأوعية الدموية بالاستفادة من عمليات الانقباض والانبساط الموجودة في بعض الأنظمة البيولوجية.

مستقبل الطباعة الحيوية

بالرغم من أن الطباعة الحيوية بإمكانها المساعدة في إنقاذ العديد من الأرواح؛ هناك العديد من التحديات التي تواجهها. على سبيل المثال، يمكن أن تكون الهياكل المطبوعة ضعيفة وغير قادرة على الحفاظ على شكلها بعد نقلها إلى الجسم. بالإضافة إلى ذلك، فإن تركيب الأعضاء والأنسجة معقد للغاية، وتحتوي على العديد من الخلايا المختلفة المرتبة بدقة عالية، ويصعب على تقنيات الطباعة الحالية أحيانًا تقليد هذا النمط المعقد.

أخيرًا، ما تزال التقنيات الحالية مقتصرة على أنواع معينة من المواد، وعلى درجة محدودة من اللزوجة والدقة. وكذلك كل تقنية يمكنها أن تسبب تلفًا للخلايا بطريقة ما. ولكن مع استمرار الباحثين في تطوير الطباعة الحيوية، سوف تُحل هذه التحديات في يوم ما.

اقرأ أيضًا

علماء جامعة أوكسفورد يطورون طريقة جديدة لطباعة أنسجة حية بتقنية ثلاثية الأبعاد
قلب مطبوع بتقنية الطابعة ثلاثية الأبعاد ينبض كالقلب الحقيقي
الطباعة ثلاثية الأبعاد تدخل ميدان طباعة المبايض

المصدر

ترجمة شيماء ممدوح – تدقيق رزان حميدة