تهدف معظم الشركات عمومًا إلى إنتاج وخلق قيمة ما لأصحاب الأسهم في الشركة. لكن كيف تُقاس هذه القيمة؟ أليس من الأفضل وجود صيغة مبسطة لمعرفة هل تحقق الشركة أرباحًا؟ مثل العديد من المعادلات الاقتصادية، تُعد القيمة الاقتصادية المضافة من المعادلات الذكية المثيرة للاهتمام، إضافةً إلى كونها مضللة ومحيرة. عادةً ما يُطرح السؤال: هل تسهل القيمة الاقتصاديّة المضافة مهمة التعرف على الشركات المحققة للأرباح؟ أم أنها تزيد تعقيد الأمور؟

ما القيمة الاقتصادية المضافة؟

هي مقياس للأداء، يحسب قيمة الثروة المضافة إلى أصحاب الأسهم في الشركات. يختلف هذا المقياس عن سائر مقاييس الأداء المالي للشركات، مثل صافي الربح وعائد السهم. تُقاس هذه القيمة باحتساب ما تبقى من الأرباح بعد احتساب تكاليف رأس مال الشركة، إذ تُقتطع تكاليف الدين وحقوق الملكية من الربح التشغيلي. تُعَد الفكرة واضحة مبدئيًّا، لكن تطبيقها يتطلب الدقة. باختصار، يجب حساب الربح الحقيقي بناءً على تكلفة رأس المال.

يوضح المثال التالي الفرق بين القيمة الاقتصادية المضافة وصافي الدخل:

لنفترض أن الشركة (س) المتخصصة في صناعة أدوات المطبخ، حققت ربحًا قدرة 100 ألف دولار على أساس رأس مال قدره مليون دولار. توحي مقاييس المحاسبة التقليدية أن الشركة تؤدي عملًا جيدًا، إذ تحقق ربحًا بنسبة 10%. لكن الشركة بدأت التشغيل منذ سنة واحدة، ويحمل سوق أدوات المطبخ أخطارًا وشكوكًا. إضافةً إلى أن التزامات الدين والعائد المتوقع الذي يطالب به المستثمرون يُضاف إلى كلفة رأس المال ليصبح 13%، ما يعني أن 3% من المساهمين لا يحصلون على أرباح. بمعنى آخر، مع أن الشركة تحقق أرباحًا وفقًا للحسابات التقليدية، لم تحقق عائدات للمساهمين فيها.

إنتاج وخلق قيمة ما لأصحاب الأسهم في الشركة - وجود صيغة مبسطة لمعرفة هل تحقق الشركة أرباحًا - القيمة الاقتصادية المضافة - الشركات المحققة للأرباح

وعلى العكس، إذا كان رأس مال الشركة ذاتها 100 مليون دولار متضمنًا الديون وحقوق المساهمين، وكانت كلفة استعمال رأس المال -الفائدة على الدين وكلفة الاكتتاب على حقوق الملكية- 13 مليون دولار سنويًّا، حينها ستضيف الشركة قيمةً اقتصادية للمساهمين حال تخطت الأرباح 13 مليون دولار سنويًّا. فإذا كسبت الشركة 20 مليون دولار، تصبح القيمة الاقتصادية المضافة للشركة 7 ملايين دولار.

بمعنى آخر، تفرض القيمة الاقتصادية على الشركة التزامًا بتعويض المستثمرين لدعمهم تشغيل الشركة، تعويضًا عن الفرص الضائعة منهم نتيجة استثمار أموالهم في هذه الشركة دون سواها، ويجب على الشركة تعويضهم مقابل ذلك. تبيّن القيمة الاقتصادية المضافة هذه التكاليف التي تتجاهلها سائر مقاييس المحاسبة التقليدية.

أصبح مقياس القيمة الاقتصادية المضافة شائع الاستخدام في تسعينيات القرن الماضي بفضل شركة ستيرن ستيوارت للاستشارات الإدارية. تطبق كبرى المؤسسات التجارية مثل كوكاكولا وجنيرال إلكتريك وشركة الاتصالات (AT&T) مقياس القيمة الاقتصادية المضافة داخليًا لقياس أداء تحقيق الثروة. كذلك بدأ المستثمرون والمحللون بتدقيق هذه القيم الخاصة بالشركات، مثلما استعملوا سابقًا مقاييس مثل العائد على الحصة ومعدل السعر/العائد، وتمكنت شركة ستيرن ستيوارت من تحقيق إنجاز أكبر بتسجيل هذا المقياس بوصفه علامةً تجارية.

طريقة حساب القيمة الاقتصادية المضافة

لحساب هذه القيمة 4 خطوات:

  1.  حساب صافي الدخل التشغيلي بعد اقتطاع الضريبة.
  2.  حساب إجمالي رأس المال المُستثمَر.
  3.  تحديد متوسط التكلفة المرجح لرأس المال.
  4.  حساب القيمة الاقتصادية المضافة.

القيمة الاقتصادية المضافة= صافي الدخل التشغيلي بعد الضريبة – متوسط التكلفة المرجح لرأس المال X إجمالي رأس المال المستثمَر

تبدو هذه الخطوات بسيطة ومباشرة، لكن المظاهر مضللة أحيانًا. بالنسبة إلى المبتدئين، يمثل صافي الدخل الإجمالي بعد اقتطاع الضريبة بصعوبة مؤشرًا موثوقًا، يدل على ثروات المساهمين في الشركة.

يُظهر هذا المؤشر الربح اعتمادًا على مبادئ المحاسبة المقبولة عمومًا، لكن نادرًا ما تعكس الأرباح المحاسبية القياسية مقدار الأموال المتبقية لأصحاب الحصص في نهاية السنة المالية، وحسب شركة ستيرن ستيوارت، يجب تطبيق العديد من التعديلات على العوائد والموازنات المالية فيما يخص تعاملات مثل البحث والتطوير والمخزون والتكاليف، واستهلاك الأصول المادية وغير المادية قبل احتساب الربح المحاسبي القياسي، ثم حساب القيمة الاقتصادية المضافة.

تُعد إمكانية فهم ومعرفة التوسط المرجح لتكلفة رأس المال أيضًا من العمليات الصعبة نسبيًا. إضافةً إلى أن حسابه من الوظائف المعقدة في هيكلية رأس المال (نسب كل من الدين وحقوق الملكية في الموازنة)، وقياس مدى تقلب الأسهم بمعدل بيتا، إضافةً إلى علاوات المخاطر السوقية. قد يؤدي أي تغيير بسيط في هذه المدخلات إلى تغير كبير في حساب متوسط التكلفة المرجح لرأس المال.

باختصار، يساعد حساب القيمة الاقتصادية المضافة -حال تطبيقها باستمرار- على تحديد الاستثمارات الأفضل، إضافةً إلى الشركات التي تولد ثروات وعوائد أكثر من منافسيها، على فرض ثبات باقي المتغيرات.

من المفترض أن تتفوق الشركات التي تملك قيمة اقتصادية مضافة أعلى على الشركات الأخرى المنافسة التي تحقق قيم سالبة. لكن التغير في مستويات هذه القيم يؤثر في صنع القرار أكثر من المستويات الحالية لهذه القيم. وتبعًا للأبحاث التي أجرتها ستيرن ستيوارت، اتضح أن القيمة الاقتصادية المضافة تُعد محركًا مهمًا لأداء أسهم الشركات.

فمثلًا، لا تُعد إشارة جيدة لأسهم الشركة أن تكون القيمة الاقتصادية المضافة موجبة في حين من المتوقع أن تنخفض لاحقًا. والعكس بالعكس، تُعطى إشارة الشراء عندما تكون القيم سلبية لكن من المتوقع أن ترتفع إلى معدلات إيجابية بمرور الوقت.

لا تُعد ستيرن ستيوارت متحيزة فيما يتعلق بتحديد القيمة الاقتصادية المضافة. وتحاول بعض الأبحاث فهم العلاقة المتقاربة بين القيم الاقتصادية المضافة المتصاعدة وأداء أسعار الأسهم. مع ذلك، تبقى الشعبية المتزايدة لهذا المفهوم انعكاسًا لأهمية المبدأ الأساسي للقيمة الاقتصادية المضافة، لذلك يجب علينا عدم تجاهل حساب الكلفة الإجمالية لرأس المال، بل يجب أن نعطيه الأولية بين اهتمامات المستثمرين. وأهم من ذلك أن هذه القيمة تعطي المحللين والأفراد فرصة التحقق من تقارير وتوقعات معدلات العائد على الحصة.

اقرأ أيضًا:

ضوابط رأس المال

ترجمة: لميس عبد الصمد

تدقيق: علي البيش

مراجعة: أكرم محيي الدين

المصدر