توضيح: تتعدد التسميات التي يصف بها الأفراد أنفسهم بعد التعرض لاعتداء جنسي. سنقتصر في هذه المقالة على وصف “ضحية” مع كامل احترامنا لحق كل فرد في استخدام التعبير الذي يجده مناسبًا.

نظرة شاملة: يتعرض العديد من الأطفال للاستغلال الجنسي في سن مبكرة، لذا أصبح ضروريًا معرفة مختلف المؤشرات، الجسدية والنفسية والعاطفية وكذا السلوكية، الدالة على إمكانية وجود اعتداء جنسي.

ما هو الاعتداء الجنسي؟

الاعتداء أو الاستغلال الجنسي هو ممارسة سلوك جنسي من طرف المعتدي رغم أنف المعتدى عليه، عن طريق التهديد أو استعمال القوة، دون أي تراضٍ. بغض النظر عن الجنس أوالعمر أوالعرق، يمكن لأي شخص أن يسقط ضحية لهذا السلوك الشنيع، كما يمكن أن يلعب دور المعتدي.

الاعتداء الجنسي على الأطفال:

الاعتداء الجنسي على الأطفال هو ممارسة سلوك جنسي على قاصر سواء من طرف شخص راشد أو مراهق يفوق ضحيته سنًا. قانونًا، لا يحق للقاصرين الدخول في علاقة جنسية مع راشدين أو مراهقين أكبر سنًّا ولو بالتراضي. وزيادةً على كونه خرقًا للقانون، يُلحق الاعتداء الجنسي أضرارًا طويلة الأمد على ضحيته.
يدخل تحت لواء الاعتداء الجنسي كل من الأفعال التالية:

  • الاتصال الجسدي والمداعبة والجنس بشتى طرقه؛
  • التجارة الجنسية؛
  • الأفلام الإباحية؛
  • جل الأفعال المتعلقة بالجنس.

بنسبة لا تقل عن 93 بالمئة من حالات الاعتداء الجنسي على الأطفال، تكون الضحية على معرفةٍ بالمعتدي. الدافع الأول إلى الاعتداء هو ضعف الضحية بغضّ النظر عن الميول الجنسية للمعتدي، فلا يجد الجاني (إن كان ذكرًا) أي حرج في الاعتداء على طفل ذكر حتى ولو كان مغايرًا، وقس على ذلك في حالة كان أنثى.

مؤشرات الاعتداء الجنسي لدى الأطفال:

نظرًا لكون المعتدي شخصًا مقربًا من الضحية في معظم الحالات، فإن ملاحظة نتائج الاعتداء تصبح أصعب، فغالبًا ما ينجح المعتدي في إقناع ضحيته بأن ما قام به فعل عادي أو يجبرها على الصمت تحت التهديد.

تدل المؤشرات الجسدية والسلوكية على إمكانية تعرض الطفل لاعتداء جنسي، لكن في بعض الحالات لا تظهر أي مؤشرات رغم حدوث اعتداء فعلًا، كما قد تظهر بعض هذه المؤشرات لدى أطفال لم يتعرضوا لأي اعتداء.

وما يزيد الطين بلة أن الضحايا، نظرًا لسنّهم، لا يعرفون إن كانوا يتعرضون لاعتداء أصلًا وغالبًا ما يلزمون الصمت حيال ذلك، لذا يجب ملاحظة أية تغيرات في سلوك الطفل ومزاجه وحركاته ومظهره، إلخ. يجب التنويه إلى أن هذه الخصائص أقرب إلى كونها مؤشرات من كونها دليلًا على وجود اعتداء.

المؤشرات السلوكية للاعتداء الجنسي لدى الأطفال:

من بين المؤشرات الأكثر ظهورًا لدى الأطفال ضحايا الاعتداء الجنسي:

  • قد يقوم الطفل بتفريغ مشاعره السلبية تجاه المعتدي بتعنيف الآخرين؛
  • قد يجد الطفل صعوبة في التواصل مع أقرانه أو يصبح مهووسًا بعوالم وهمية؛
  • قد يتربّى لدى الطفل رهاب أو خوف من بعض الغرف أو أماكن معينة في المنزل؛
  • قد يلجأ الطفل إلى الفرار من الاعتداء كطريقة لطلب المساعدة؛
  • قد يجد الطفل صعوبة في القيام بحركات رياضية كما يصبح الجلوس مؤلمًا أوقات الدراسة؛
  • قد يجد الطفل صعوبات في النوم كالكوابيس أو التبول اللاإرادي؛
  • قد يعبّر الطفل عن كرهه وعدم ارتياحه تجاه المعتدي؛
  • قد يستعمل الطفل ألفاظًا ذات طابع جنسي غير ملائم لعمره.
  • من الضروري معرفة هذه المؤشرات من أجل مساعدة الطفل الضحية.

المؤشرات السلوكية لدى الأطفال الأكبر سنًّا:

لا تختلف المؤشرات السلوكية لدى الأطفال الأكبر سنًّا عن نظيراتها لدى الأصغر سنًّا، ويضاف إليها مؤشرات أخرى.

عندما يتعرض مراهق لاعتداء أو استغلال جنسي:

  • قد يعاني من اضطرابات في الشهية أو القلق أو الاكتئاب؛
  • قد يدمن على المخدرات أو الكحول للتأقلم مع الاعتداء؛
  • قد يتبنى توجهًا غير أخلاقي أو يتجه نحو امتهان الدعارة؛
  • قد يهمل مظهره هادفًا إلى جعل مظهره أقل جاذبية قدر الإمكان؛
  • قد يحاول الانتحار؛
  • قد يتحصل على مبالغ مالية مجهولة المصدر من طرف المعتدي كي يحافظ على صمته.
    هذا ويبقى للاعتداء الجنسي تأثيرات أخرى على سلوكيات المراهقين مما يجعل ملاحظة أية تغيرات في سلوكهم أمرًا ضروريًا.

المؤشرات الجسدية للاعتداء الجنسي لدى الأطفال:

تتعدد هذه المؤشرات أيضًا، ومن بينها أن الطفل:

  • قد يصاب بمرض منقول جنسيًا؛
  • يصبح حاملًا في حال كان أنثى؛
  • يحمل سائلًا منويًا على ملابسه؛
  • يعاني من ألم أو حكة على مستوى أعضائه التناسلية؛
  • يجد صعوبة في الجلوس والمشي؛
  • يحمل ملابس ملطخة بالدم أو ممزقة؛
  • يدخل أجسام غريبة في المؤخرة أو المهبل؛
  • يعاني من جروح أو كدمات قرب أعضائه التناسلية؛

هذه الأمثلة ليست شاملة أو حاصرة، فنتائج الاعتداء الجنسي على أجسام الأطفال متعددة.

سبل التعامل في حال اشتباه تعرض طفل لاعتداء جنسي:

في حالة ساورتك شكوك حول تعرض طفل لاعتداء جنسي، فمن الواجب عليك التدخل العاجل لمساعدته قدر المستطاع.

بدايةً، يلزم التحدث إلى الضحية مباشرة مع الأخذ بعين الاعتبار الوضع الراهن في نبرة كلامك.

حاول أن تهدئ من روعه وتحوطه بجو من الأمان، وتفادى استعمال ألفاظ قد تربك الطفل الضحية.

بالإضافة إلى ذلك يجب إعطاء الطفل فرصة للتعبير عن نفسه دون أدنى ضغط: مهما حدث، لا تلقي أي حكم على الضحية ولا تُحمّله أدنى مسؤولية فيما حدث.

كما يجب تذكيره بأنك تود مساعدته وأنه في أمان بعيدًا عن المشاكل.

وكإنسان راشد، من الواجب عليك إبلاغ السلطات بهذه الجريمة ضد الطفولة.

في حال تعذّر عليك التواصل مع الطفل، فإن طلب مساعدة خارجية أمر في غاية الأهمية حتى في حالة الشك فقط، فالاحتياط خير من انتظار وقوع مكروه.

ستتعامل الشرطة أو سلطات حماية الطفولة مع الوضع بالطريقة الأنسب بعد ذلك.

بناءً على علاقتك بالضحية، قد يكون إبلاغك للسلطات أمرًا إجباريًا خاصةً إن كان موقعك يجعلك نائبًا عن ولي أمره ومسؤولًا عن سلامته.

هذا ويلزمك أن تُشعر الطفل بالأمان وتطمئنه وتخبره بأنه سيتلقى المساعدة اللازمة.

ملاحظات ختامية:

تبقى للاعتداء الجنسي مخلفات جسيمة وتأثيرات طويلة الأمد على الطفل الضحية.

ولكونه غير قادر على الدفاع عن نفسه، فإن تدخّل إنسان راشد ضروري من أجل سلامته، وتبقى القدرة على إدراك المؤشرات المذكورة أعلاه أمرًا حاسمًا والخطوة الأولى لمساعدة ناجعة.


  • ترجمة: عبد العزيز برقوش
  • تدقيق: هدى جمال عبد الناصر
  • تحرير: ناجية الأحمد
  • المصدر