طبقة الأوزون

يتكون الغلاف الجوي للأرض من عدة طبقات. أدنى تلك الطبقات ، التروبوسفير ، تمتد من سطح الأرض إلى حوالي 10 كيلومترات علوًا. تقع كل النشاطات البشرية تقريبًا في طبقة التروبوسفير. يبلغ ارتفاع جبل إفرست –أطول جبل في العالم- ما يقارب الـ 9 كيلومترات فقط. الطبقة التالية، الستراتوسفير ، تمتد من حوالي 10 كيلومترات علوًا إلى نحو 50 كيلومترًا. تطير معظم الطائرات التجارية في الجزء السفلي من الستراتوسفير. تتركز معظم طبقة الأوزون ب الغلاف الجوي في طبقة من الستراتوسفير ، ما بين 15 إلى 30 كيلومترًا فوق السطح. الأوزون عبارة عن جزيئات تتشكل وتتدمر بشكلٍ دائم في طبقة الستراتوسفير. بقي الحجم الإجمالي للأوزون ثابتًا نسبيًا خلال العقود التي قيس فيها. وهذه الطبقة تحمي الأرض من إشعاعات الشمس.

طبقة الأوزون الغلاف الجوي الستراتوسفير إشعاعات الشمس

أساسيات علم طبقة الأوزون

تحمي طبقة الأوزون جميع أشكال الحياة من إشعاعات الشمس الضارة، لكن النشاطات البشرية أضرت بهذا الدرع. سيفسد تحجيم حماية طبقة الأوزون ضد الأشعة فوق البنفسجية المزروعات بمرور الزمن، وسيقود إلى ارتفاع معدلات الإصابة بسرطان الجلد وداء الساد (ضبابية أو إعتام في عدسة العين).

تمتص طبقة الأوزون في الستراتوسفير جزءًا من الإشعاعات القادمة من الشمس، مانعةً إياها من الوصول إلى سطح الأرض. الأهم من ذلك، تمتص تلك الطبقة أيضًا الأشعة فوق البنفسجية التي يُطلق عليها الموجة المتوسطة أو موجة B، أو إختصارًا UVB. هذا النوع الأخير من الإشعاعات مرتبط بالعديد من التأثيرات الخطيرة، بما يشمل سرطان الجلد وإعتام عدسة العين وإلحاق الضرر بالمحاصيل الزراعية والحياة البحرية.

أنشأ العلماء تسجيلات امتدت لعدة عقود تسمح لهم بمعرفة تفاصيل مستويات الأوزون الطبيعية خلال الدورات الطبيعية. يختلف تركيز الأوزون في الغلاف الجوي بشكلٍ طبيعي بسبب الكلفات الشمسية والفصول وخطوط العرض. تلك العمليات مفهومة بشكلٍ واسع بين العلماء ويمكن توقعها. كل انخفاض طبيعي لدرجات تركيز الأوزون تتبعه عملية تعافٍ. لكن بدءًا من سبعينيات القرن الماضي، سجل العلماء انخفاضًا غير طبيعي لدرع الأوزون.

استنفاد الأوزون

عندما تلتقي ذرات الكلورين والبرومين بالأوزون في طبقة الستراتوسفير، تقوم بتدمير جزيئات الأوزون. بإمكان ذرة كلورين واحدة تدمير أكثر من 100.000 جزيء أوزون قبل أن تختفي من طبقة الستراتوسفير. يمكن للأوزون أن يُدمَر بشكلٍ أسرع بكثير مقارنة بعملية تشكله الطبيعية. تطلق بعض المركبات الكلورين والبرومين عند تعرضها لدرجة عالية من الأشعة فوق البنفسجية في طبقة الستراتوسفير.

تساهم هذه المركبات في استنفاد الأوزون، ويُطلق عليها اسم المواد المستنفدة للأوزون أو «ODS» اختصارًا. هذه المواد التي تطلق الكلورين تشمل مركبات الكلوروفلوروكربونات (CFCs) ومركبات الكربون الفلورية الهيدروكلورية (HCFCs) ورابع كلوريد الكربون وميثيل الكلوروفورم. تطلق المواد المستنفدة للأوزون البرومين، بما في ذلك الهالونات وبرومو الميثان. رغم انبعاث تلك المواد من على سطح الأرض، لكنها تصل إلى الستراتوسفير في عملية تستغرق من سنتين إلى خمس سنوات.

في سبعينيات القرن الماضي، دفعت المخاوف من مخاطر المواد المستنفدة للأوزون العديد من دول العالم -مثل الولايات المتحدة الأمريكية- إلى حظر استخدام مركبات الكلوروفلوروكربونات (CFCs) على شكل بخاخات. رغم ذلك، استمر الإنتاج العالمي لتلك المواد والمواد الشبيهة لها بالإرتفاع بشكلٍ سريع نظرًا لاكتشاف استخدامات جديدة لها، كالتبريد وإخماد النيران ومواد العزل وتطبيقات أخرى.

يمكن أن يكون لبعض الأحداث الطبيعية مثل الثورات البركانية الضخمة تأثير غير مباشر على مستويات الأوزون. على سبيل المثال، لم يرفع ثوران جبل بيناتوبو عام 1991 تركيز الكلورين في الغلاف الجوي ، إلا أنه تسبب في إنتاج عدد ضخم من الجسيمات الضئيلة التي يطلق عليها اسم الهباء الجوي أو الآيروسول (تختلف عن المنتوجات المستهلكة بين البشر والتي تسمى كذلك بالآيروسول بالإنجليزية).

ترفع هذه الجزيئات من كفاءة الكلورين في تدمير الأوزون. يخلق الهباء الجوي في طبقة الستراتوسفير سطحًا يسمح للكلورين –تحديدًا الكلورين المُطلق من مركبات الكلوروفلوروكربونات- بتدمير الأوزون. ومع ذلك فإن تأثير البراكين قصير المدى. لا تساهم كل مصادر الكلورين والبرومين في استنفاذ طبقة الأوزون. على سبيل المثال، وجد الباحثون أن الكلورين المستخدم في المسابح والمنشآت الصناعية وملح البحر والبراكين لا يصل إلى طبقة الستراتوسفير.

في المقابل، فإن المواد المستنفدة للأوزون مستقرة للغاية ولا تذوب في المطر. وبالتالي ليست هناك عمليات طبيعية بإمكانها إزالة تلك المواد من الطبقات السفلى للغلاف الجوي.

أحد الأمثلة على استنفاد الأوزون هو «ثقب» الأوزون السنوي فوق القارة المتجمدة الجنوبية (أنتاركتيكا) الذي نشب خلال موسم الربيع في القطب الجنوبي منذ بداية ثمانينات القرن الماضي. هذا ليس ثقبًا في طبقة الأوزون حقيقةً، لكنه عبارة عن مساحة واسعة من طبقة الستراتوسفير تحتوي على كميات ضئيلة للغاية من الأوزون.

لا يقتصر استنفاد الأوزون على المساحة الكائنة فوق القطب الجنوبي. أظهر الباحثون استنفاد الأوزون على خطوط العرض التي تتضمن شمال أمريكا وأوروبا وآسيا ومعظم إفريقيا وأستراليا وجنوب أمريكا.

اقرأ أيضًا:

المصدر

ترجمة: وليد سايس
تدقيق: نغم رابي