ازدادت شعبية طاقة الرياح مؤخرًا منذ مايو 2017، إذ ساهمت في قرابة 8% من كهرباء الولايات المتحدة. وتعمل توربينات الرياح شاهقة الارتفاع على تحويل الرياح إلى كهرباء.

لكن الأمر لا يخلو من الجدل، إذ يزعم بعض الأشخاص أن مساوئ طاقة الرياح تشمل مشكلات صحية لأولئك الذين يعيشون بالقرب من مزارع الرياح، فهل هناك أساس لهذا الادعاء؟

طاقة الرياح: قوة متنامية

شكلت طاقة الرياح بدءًا من مايو 2017 نحو 8% من إنتاج الكهرباء في الولايات المتحدة. ويُعد ذلك إنجازًا كبيرًا، مع الأخذ في الاعتبار أن طاقة الرياح تُعد أهم مصادر الطاقة المتجددة.

تهدف وزارة الطاقة الأمريكية إلى استعمال طاقة الرياح لتوفير 20% من الطلب الكهربائي في الولايات المتحدة بحلول عام 2030، و35% بحلول عام 2050.

يظهر الاهتمام الكبير بطاقة الرياح أيضًا على الصعيد العالمي، فمنذ أبريل 2019، انضمت أكثر من 90 دولة إلى فريق طاقة الرياح، و30 منها لديها أكثر من 1 جيجا وات من القدرة المركبة.

تتصدر الدنمارك القائمة عندما يتعلق الأمر بدعم طاقة الرياح، إذ إن 41% من توليدها للكهرباء يأتي من طاقة الرياح.

المشكلات التقليدية:

قبل أن نخوض في الجانب المتعلق بصحة الإنسان، يجب الإشارة إلى السلبيات التقليدية لطاقة الرياح التي تشمل:

  •  موت الطيور والخفافيش: تشير التقديرات إلى موت مئات الآلاف من الطيور كل عام بسبب الاصطدام بالتوربينات.
  •  التكلفة: التكلفة الأولية للمشروع باهظة، لكن تكاليف التشغيل المنخفضة غالبًا ما توازن ذلك بمرور الوقت.
  •  جمال المناظر الطبيعية: لا تعجب الجميع طريقة تغيير المزارع الريحية للمناظر الطبيعية.

توربينات الرياح والصحة: حقيقة أم خيال؟

 ما متلازمة توربينات الرياح؟

أبلغ بعض السكان القاطنين بالقرب من مزارع الرياح عن مجموعة من المشكلات الصحية التي تندرج غالبًا تحت مصطلح (متلازمة توربينات الرياح). وقد تشمل أعراض متلازمة توربينات الرياح ما يلي:

  •  الصداع.
  •  مشكلات في النوم.
  •  الرعب الليلي.
  •  رنين في الأذنين (طنين).
  •  مشكلات المزاج (سرعة الانفعال والقلق).
  •  مشكلات في التركيز والذاكرة.
  •  مشكلات في التوازن والشعور بالدوخة والغثيان.

لكن هل هذه حالة حقيقية أم مجرد كلام فارغ؟

 الموجات تحت الصوتية والضوضاء المسموعة:

تُحدث توربينات الرياح بعض الضوضاء، وقد تسبب تقلبات في ضغط الهواء. وتُعد الموجات تحت الصوتية مصدر القلق الأساسي، وهي ترددات صوتية منخفضة أقل مما يسمعه الإنسان العادي.

يعتقد أولئك الذين يدّعون أن توربينات الرياح تشكل مخاطر صحية أن هذه الأصوات والاهتزازات منخفضة التردد هي السبب الأساسي للأعراض.

 الدراسات والآراء العلمية:

هناك أبحاث متنوعة بهذا الصدد، لكن لم تجد دراسة أجرتها جامعة تورنتو أي صلة مباشرة بين العيش بالقرب من مزارع الرياح والمشكلات الصحية مثل اضطرابات النوم أو التوتر، ويؤكد بعض العلماء أنهم بحاجة إلى مزيد من الأبحاث، خاصةً فيما يتعلق بالموجات تحت الصوتية.

هل توربينات الرياح الحديثة أكثر هدوءًا وأمانًا؟

خضعت توربينات الرياح الحديثة لعدة تحسينات، إذ تعمل أنظمة تخفيف الصوت على جعلها أكثر هدوءًا، في حين تساهم المساكن المعزولة وشفرات التوربينات المحسنة أيضًا مساهمةً أفضل في تقليل الضوضاء.

التوصيات واللوائح:

يوصي العديد من الخبراء بإنشاء مناطق عازلة أكبر بين مزارع الرياح والمناطق السكنية، في حين أن المسافة (المثالية) تظل موضوعًا للنقاش، فمن المتفق عليه عمومًا أن المزيد من المساحة قد يخفف من العيوب المحتملة لطاقة الرياح المتعلقة بالضوضاء والصحة.

وظائف:

يتوقع مكتب العمل الأمريكي أن يصل معدل نمو فنيي التوربينات الرياح إلى 96% من عام 2016 إلى عام 2026، مقارنةً بنسبة نمو 7% فقط لجميع المهن مجتمعة.

النتيجة النهائية:

إذن، هل تسبب توربينات الرياح مشكلات صحية؟ تشير أغلب الدلائل إلى أنها لا تسبب مشكلات، لكن الجدل ما زال دائرًا، وما نعرفه هو أن قطاع طاقة الرياح يتطور، وأن التقدم التكنولوجي يقلل من العيوب المحتملة لطاقة الرياح.

المفتاح هو العثور على التوازن الذي يتيح لنا الاستفادة من هذا المصدر المذهل من الطاقة المتجددة دون حدوث مشكلات في النوم.

بعض الأسئلة الشائعة بشأن علاقة توربينات الرياح بالصحة:

­هل توربينات الرياح تصدر إشعاعات؟

لا تشكل مزارع الرياح خطرًا إشعاعيًا؛ لأن مستويات المجال الكهرومغناطيسي بالقرب من توربينات الرياح هي في الواقع أقل مما تنتجه معظم الأجهزة الكهربائية المنزلية الشائعة، وهي أقل بكثير من أي مستويات خطرة.

­هل ما زالت توربينات الرياح الحديثة تسبب مشكلات؟

مع التقدم التكنولوجي، صُممت توربينات رياح حديثة لتخفيف الضوضاء، وتُعد آمنة عمومًا.

­ما أعراض متلازمة توربينات الرياح؟

متلازمة توربينات الرياح فكرة مفادها أن طاقة الرياح تعرّض صحة الأشخاص الذين يعيشون بالقرب من طواحين الهواء للخطر. وتشمل الأعراض المُبلّغ عنها الصداع، والغثيان، ومشكلات في النوم، والرعب الليلي، وطنين الأذن، والانفعال، والقلق، ومشكلات في التركيز والذاكرة، ومشكلات في التوازن، والدوار. ويعتقد الكثير من الناس أن هذا قد يعزى إلى الموجات فوق الصوتية؛ أي الصوت الذي يقل تردده عن 20 هيرتز أو دورات في الثانية، الناتج عن توربينات الرياح.

­ما المسافة التي يجب أن تكون عليها توربينات الرياح من الممتلكات المنزلية؟

نظرًا إلى أن المجتمع العلمي لا يتفق على فكرة أن العيش بالقرب من توربينات الرياح له أي عواقب سلبية على صحة الشخص، فلا يوجد حاليًا إجماع على مدى بُعد المنزل السكني عن توربينات الرياح. وقد تُقدّم في نهاية المطاف لوائح المنطقة العازلة، ولكن لا يوجد أي منها في الولايات المتحدة في الوقت الحالي.

­هل العيش بالقرب من توربينات الرياح خطير؟

لوحظت أعراض متلازمة توربينات الرياح، ووثّقها عدد محدود من العلماء الذين يدرسون مجموعات صغيرة من الأشخاص، ولم يتوصل المجتمع العلمي إلى معرفة هل المتلازمة موجودة أو هل العيش بالقرب من توربينات الرياح غير آمن أم لا؟

­كم عدد الوفيات الناجمة عن توربينات الرياح؟

الوفيات الناجمة عن توربينات الرياح كثيرة، ولكن معظمها بين الطيور والخفافيش. وتقدّر المؤسسة الأمريكية للأسماك والحياة البرية (FWS) أن ما بين 140.000 إلى 500.000 حالة وفاة للطيور تحدث في مزارع الرياح كل عام. ومع ذلك، قدّم العلماء في النرويج مؤخرًا دراسة مدتها 9 أعوام، إذ قاموا بطلاء توربينات الرياح باللون الأسود الواضح ولاحظوا انخفاضًا بنسبة 70% في وفيات الطيور. وقد تساعد هذه النتائج على تقليل تسبب توربينات الرياح بوفاة الحيوانات المهاجرة في الولايات المتحدة.

­هل توربينات الرياح تسبب تغير المناخ؟

على العكس تماما! تُعد طاقة الرياح واحدة من أنظف أشكال الطاقة، فهي تساهم مساهمةً أقل بكثير في حدوث انبعاثات الغازات الدفيئة مقارنة بالوقود الأحفوري.

اقرأ أيضًا:

كيف يمكن للمحيطات أن تمدنا بالطاقة النظيفة؟

ما مصادر الطاقة في المستقبل ؟

ترجمة: يوسف الشيخ

تدقيق: باسل حميدي

مراجعة: هادية أحمد زكي

المصدر