تعد متلازمة شيهان حالةً نادرة تتمثل بأذية الغدة النخامية نتيجة خسارة المرأة كميةً كبيرةً من الدم في أثناء الولادة. يحرم ذلك النخامى من الأكسجين اللازم لعملها على نحو صحيح، ما يؤدي إلى تموُّت جزء من نسيج الغدة.

تسبب أذية الغدة النخامية أضرارًا واسعة النطاق على الجسم وذلك لكونها الغدة الرئيسة، فلا تقتصر وظيفة الغدة النخامية على إفراز الهرمومات المسؤولة عن تحفيز العمليات المهمة في الجسم، بل تحث الغدد الأخرى أيضًا على إفراز هرموناتها. تساعد النخامى على تنظيم العمليات الحيوية المؤثرة في الدماغ، والجلد، والطاقة، والمزاج، والأجهزة التكاثرية، والنمو، وغيرها.

تسمى متلازمة شيهان أيضًا بقصور الغدة النخامية بعد الولادة أو احتشاء النخامى.

ما مدى شيوع متلازمة شيهان؟

تعد متلازمة شيهان حالةً شديدة الندرة، وتظهر لدى نحو 5 من أصل 100,000 ولادة. تزداد احتمالية الإصابة بها عند وجود رعاية طارئة غير كافية وغير مؤهلة لمنع حدوث نزف شديد مهدد للحياة في حالات الحمل المعقدة.

كيف تؤثر متلازمة شيهان في جسد المرأة؟

يسبب تضرر الغدة النخامية انخفاض إفراز الهرمونات اللازمة لتنظيم العمليات الحيوية الضرورية. قد تعاني المرأة بعد الولادة نقص الهرمونات التالية، وذلك تبعًا لنطاق تأثير الإصابة:

  •  الهرمون الموجه لقشر الكظر (ACTH): الذي يحفز إنتاج هرمون التوتر الأساسي في الجسم، وهو الكورتيزول. يحافظ الكورتيزول على مستوى سكر الدم وضغط الدم، ما يساعد الجسم على الاستجابة إلى التوتر والإجهاد.
  •  الهرمون المنبه للدرق (TSH): الذي يحث الغدة الدرقية على تنظيم الاستقلاب والطاقة والجهاز العصبي.
  •  هرمون النمو (GH): الذي يحافظ على الكثافة العظمية والكتلة العضلية وتوزع الشحوم في الجسم.
  •  الهرمون المنبه للجريب (FSH): الذي يحفز إفراز الإستروجين من المبايض ما يحث نمو البويضات شهريًا.
  •  الهرمون الملوتن (LH): الذي يحرض الإباضة في أثناء الدورة الشهرية (وهي تحرير المبايض للبويضة كل شهر).
  •  البرولاكتين: الذي يحث على إنتاج الحليب في أثناء الحمل ما يسمح بإرضاع الأم لطفلها.
  •  الهرمون المضاد لإدرار البول (ADH أو الفازوبرسين): الذي ينظم مستويات الماء والصوديوم في الجسم ويوازنها. يؤدي انخفاض مستويات الهرمون المضاد لإدرار البول إلى الإصابة بالسكري الكاذب (مرض يحدث نتيجة اضطرابات في تنظيم مستويات الماء والملح في الجسم)، وهو يصيب نحو 5% من مرضى متلازمة شيهان.

ما هي علامات وأعراض متلازمة شيهان؟

تلاحظ أعراض متلازمة شيهان على الفور في حالات الإصابة الحادة. لكن تظهر الأعراض تدريجيًا على مدى عدة أشهر أو سنوات في معظم الحالات. وتتضمن أعراض المتلازمة ما يلي:

  •  صعوبات في الإرضاع أو عدم خروج الحليب من الثدي بعد الولادة.
  •  انقطاع الطمث أو عدم انتظامه.
  •  ترقق جدران المهبل وجفاف المهبل (ضمور المهبل) ما يجعل الجماع مؤلمًا.
  •  رغبة بشرب الماء غير مسيطر عليها أو التبول المتكرر ليلا ونهارًا.
  •  انكماش الثدي وفقدان شعر الإبط والعانة.
  •  ازدياد الوزن أو انخفاض الكتلة العضلية.
  •  عدم تحمل البرودة.
  •  إرهاق وصعوبة في التركيز.
  •  انخفاض الرغبة الجنسية.
  •  جفاف الجلد.

قد لا تلاحظ المريضة هذه الأعراض حتى تمر بحدث مرهق (مثل الجراحة أو العدوى أو الإصابة)، وتظهر الأعراض حينها نتيجة عدم امتلاك الجسم كمية كافية من هرمون التوتر للتعامل مع عامل الإجهاد، وهو يعرف بالنوبة الكظرية. تستدعي الأزمة الكظرية عناية طبية فورية.

ما أسباب متلازمة شيهان؟

تحرم خسارة الدم الشديدة في أثناء الولادة الغدة النخامية من الأكسجين اللازم للبقاء بصحة جيدة، ما يؤدي إلى الموت الخلوي فيها. تنمو الغدة النخامية في أثناء الحمل حتى تتضاعف في الحجم، تجعلها زيادة حجمها ضعيفة ومعرضة أكثر للإصابة عند عدم تلقيها كمية مناسبة من الأكسجين.

لا تستطيع الغدة النخامية نتيجة لذلك إنتاج كمية كافية من الهرمونات اللازمة لتنظيم بعض الوظائف الحيوية في الجسم. يؤثر نقص الهرمونات سلبيًا في عدد من مهام الجسم الأساسية، وخصوصًا المتعلقة منها بالجهاز التكاثري، والجهاز العصبي، وغيره.

ما كمية الدم المفقودة المرافقة لمتلازمة شيهان؟

تخسر المريضة كمية مهددة للحياة من الدم في هذه الحالة، ما قد يؤدي إلى هبوط شديد في ضغط الدم، أو الصدمة، أو حتى الوفاة. تعد معظم فرق الرعاية الصحية لحسن الحظ مؤهلة للتعامل مع الحالات الطارئة كهذه، ما يقلل من خطر الإصابة بمتلازمة شيهان.

هل تعد متلازمة شيهان مرض مناعة ذاتية؟

قد ترتبط متلازمة شيهان برد فعل مناعي ذاتي في الجسم. يهاجم جهاز المناعة في حالة الإصابة بأمراض المناعة الذاتية (وهو ما يجب أن يحدث مع الأجسام الغريبة الضارة مثل الفيروسات) خلايا الجسم نفسها. وجد الباحثون أن لدى بعض مرضى متلازمة شيهان -لا جميعهم- أضدادًا تهاجم الغدة النخامية. ويجب إجراء المزيد من الأبحاث لفهم آلية رد الفعل المناعي الذاتي في متلازمة شيهان.

كيف تشخص متلازمة شيهان؟

قد يلجأ مقدم الرعاية الصحية لاستخدام ما يلي للتشخيص في حال ظهور أعراض متلازمة شيهان:

  •  التاريخ الطبي: يفضل إخبار الأم مقدمَ الرعاية الصحية عن أي حوادث نزف أو مضاعفات عانتها في أثناء الولادة، بالإضافة إلى إعلامه بأي أعراض تالية للحادثة (مثل وجود مشكلات في إنتاج الحليب، أو عدم انتظام الطمث). يجب أيضًا إخبار مقدم الرعاية بأي أعراض، بالإضافة إلى أوقات حدوثها وما يحفزها.
  •  اختبارات الدم: تفيد مقدم الرعاية في الكشف عن مستويات الهرمونات المتعلقة بوظائف الغدة النخامية.
  •  التصوير: يساعد تصوير الرنين المغناطيسي على استبعاد الأسباب الأخرى الكامنة وراء الأعراض، مثل وجود ورم في الغدة النخامية. وقد يطلب إجراء تصوير مقطعي محوسب إذا كانت نتائج الفحص غير حاسمة.

ما هي الاختبارات المؤكدة للإصابة بمتلازمة شيهان؟

قد يكشف مقدم الرعاية الصحية عن مستوى الهرمونات مباشرةً، أو عن كيفية تعامل الغدة النخامية مع بعض المحفزات.

  •  اختبارات للكشف عن مستويات الهرمونات: مثل الهرمون الموجه لقشر الكظر، والمنبه للجريب، والملوتن، والمنبه للدرق، والتيروكسين، والإستراديول (أحد أنواع الإستروجين)، وعامل النمو الشبيه بالأنسولين، والكورتيزول.
  •  اختبارات التحفيز: يعطي مقدم الرعاية عقارًا أو حقنة للمريضة لتحفيز إنتاج هرمون معين من الغدة النخامية للكشف عن كيفية استجابتها.

كيف تعالج متلازمة شيهان؟

يجب على المريضة تناول الهرمونات مدى الحياة للتعويض عن عدم إنتاجها في الجسم. وتتضمن الهرمونات هذه ما يلي:

  •  الستيروئيدات القشرية: قد ينصح بتناول الهيدروكورتيزون أو البريدنيزون للتعويض عن نقص الهرمون الموجه لقشر الكظر. وتضبط الجرعة المطلوب تناولها تبعًا للأحداث التي تمر بها المريضة، مثل الجراحة وغيرها من الأحداث المُجهدة التي تحتاج إلى زيادة هرمون الكورتيزول في الجسم.
  •  هرمونات الدرق: يستحسن تناول الليفوتيروكسين للتعويض عن نقص الهرمون المنبه للدرق. يجب تعديل الجرعة حسب مستوى هرمونات الدرق في الجسم.
  •  الهرمونات الجنسية: يساعد أخذ هذه الهرمونات في تنظيم الطمث، والحمل، وأعراض انقطاع الحيض المبكر. تتضمن هذه الأدوية الإستروجين أو البروجسترون.
  •  هرمونات النمو: يفيد تناولها في زيادة الكتلة العضلية إذا كانت المريضة تعاني انخفاضًا في وظائف الغدة النخامية.

كيف يمكن تقليل خطر الإصابة بمتلازمة شيهان؟

لا يمكن تقليل خطر الإصابة، لكن من المريح معرفة أن متلازمة شيهان نادرة. يساعد أيضًا وجود فريق رعاية قادر على منع حدوث أي مضاعفات مثل خسارة كمية كبيرة من الدم في تقليل احتمالية الإصابة بالمتلازمة.

ماذا يجب أن تتوقع مريضة متلازمة شيهان؟

تعيش معظم مريضات متلازمة شيهان حياةً سليمة بوجود العلاج المناسب. تنجب الكثير من المريضات بسلامة بعد تشخيص الإصابة، وذلك بوجود رقابة دقيقة من فريق الرعاية.

يساعد الطبيب المختص في الغدد الصماء في علاج الأمراض المتعلقة بالهرمونات، يجب على ذلك زيارة الطبيب دوريًا للتأكد من تناول الجرعة الدوائية المناسبة للتعويض عن أي نقص للهرمونات في الجسم.

متى يجب التوجه إلى قسم الطوارئ؟

ينصح بالتوجه إلى الطوارئ في حالة النوبة الكظرية التي قد تكون مهددة للحياة عند عدم تلقي العلاج، وتتضمن أعراضها ما يلي:

  •  الدوار.
  •  آلام البطن، والصدر، والظهر.
  •  الحمى.
  •  الضعف والإرهاق.
  •  الغثيان والإقياء.
  •  الارتباك أو فقدان الوعي.

قد تنصح المريضة أيضًا بارتداء سوار تنبيهي طبي لتلقي رعاية فورية في حالات الطوارئ إذا كان ذلك ضروريًا.

اقرأ أيضًا:

قصور الغدة النخامية (نقص نشاط الغدة النخامية)

أسوأ 12 مادة كيميائية تسببًا لاضطراب الهرمونات

ترجمة: رهف وقّاف

تدقيق: تسنيم المنجد

مراجعة: محمد حسان عجك

المصدر