من المعروف علميًا أن مجرتي درب التبانة وأندروميدا في طريقهما للتصادم. عرف العلماء ذلك منذ وقت طويل، وعلى مدار عقود أظهرت المحاكاة الحاسوبية والتقديرات أن هذا التصادم سيحدث خلال خمسة مليارات سنة القادمة. لكن يُظهر بحث جديد نتيجة مختلفة. إذ وجد العلماء أن من المحتمل ألا تتصادم المجرتان خلال عشرة مليارات سنة القادمة.
يُطلق على تصادم مجرتين متماثلتين تقريبًا في الحجم اسم الاندماج العظيم. غالبًا ما تكون النتيجة النهائية هي مجرة بيضوية الشكل لا تشبه كثيرًا المجرتين السابقتين، خاصةً إذا كانتا مجرات حلزونية مثل مجرتي أندروميدا ودرب التبانة. تحدث عملية الاندماج ببطء، لذلك لا تتخيل أن يحدث الاندماج عندما تبدأ النجوم بالتصادم، لكن تطرأ تغيرات عديدة، مثل تشكل نجوم جديدة، ونشاط الثقوب السوداء الهائلة نتيجة تدفق كميات كبيرة من الغاز نحو مركز المجرة.
لطالما عُد اندماج مجرتي درب التبانة وأندروميدا حتميًا.
تتحرك المجرتان إحداهما نحو الأخرى بسرعة 100 كيلومتر في الثانية، لكنهما ليستا وحيدتين في الفضاء. فكل منهما محاط بمجموعة من المجرات القزمة، أكبرها مجرة المثلث، التي تدور حول مجرة أندروميدا. في دراسات سابقة، استُخدمت المحاكاة الحاسوبية لتوقع حركة المجرات الثلاث: أندروميدا والمثلث ودرب التبانة، لكن قد تكون تلك المحاكاة غير كافية.
في البحث الجديد، استخدم العلماء بيانات تلسكوب هابل ومرصد غايا، لإدراج حركة سحابة ماجلان الكبرى، وهي أكبر تابع مجري لدرب التبانة، ويمكن رؤيتها بالعين المجردة في النصف الجنوبي للكرة الأرضية. تُظهر البيانات الحديثة مدى تأثير هذه السحابة في حركة مجرتنا.
قال الدكتور تيل ساوالا، المؤلف الرئيسي للبحث: «عندما بدأنا بالافتراضات التي استخدمها الباحثون السابقون، حصلنا على النتائج ذاتها التي توصلوا إليها. لكن باستخدام البيانات الجديدة، تمكنا من استكشاف نطاق أوسع من الاحتمالات. في حين ركزت الدراسات السابقة على التفاعل بين مجرة درب التبانة وأندروميدا والمثلث، أضفنا إلى المعادلة تأثير سحابة ماجلان الكبرى».
سمح ذلك بابتكار تصورات جديدة لمستقبل المجرتين. ففي المحاكاة، تتقارب المجرتان بشدة، وتفقدان نتيجة لذلك طاقة مدارية بما يكفي لاندماجهما معًا. في معظم الحالات، يحدث هذا الاندماج خلال 8 – 10 مليارات سنة. في 2% فقط من الحالات، يحدث هذا التصادم خلال 5 مليارات سنة.
المؤكد تقريبًا أن مجرة درب التبانة وسحابة ماجلان الكبرى ستندمجان خلال ملياري سنة.
«مع أن كتلتها لا تتعدى 15% من كتلة مجرة درب التبانة، فإن الجذب الثقلي لسحابة ماجلان الكبرى، المتجه عموديًا على مدار مجرة أندروميدا، يزعزع حركة مجرة درب التبانة بما يكفي لتقليل احتمال اندماجها مع مجرة أندروميدا بنسبة ملحوظة».
«في حين اعتمدت الدراسات السابقة على القيم الأكثر احتمالًا لكل متغير، أجرينا آلاف من عمليات المحاكاة، ما سمح لنا بأخذ جميع الاحتمالات في الحسبان».
في نحو نصف الحالات، تؤدي تفاعلات المجرات القزمة إلى تغيير مسار المجرات الكبرى نحو مسار أكثر أمانًا، على الأقل خلال عشرة مليارات سنة القادمة. على أي حال، ستكون الشمس قد تحولت إلى قزم أبيض بحلول ذلك الوقت، وحينها سيختلف النظام الشمسي جذريًا.
«تُعد هذه النتائج مهمة جدًا لتحديد مصير مجرتنا. كان يُعتقد سابقًا أن مصيرها هو الاندماج مع مجرة أندروميدا لتشكيل مجرة عملاقة تُعرف باسم ميلكوميدا. أما الآن، فهناك احتمال أن نتجنب هذا المصير تمامًا».
يُقر الفريق البحثي بوجود بعض الشكوك، فرغم انتهاء مُهمة مرصد غايا هذا العام، فإن تحليل بياناته سيستغرق عدة سنوات. بفضل تلك البيانات، ستصبح المحاكاة الخاصة بمجموعة المجرات المحلية أدق، ويمكن تحديد مستقبل مجرة درب التبانة بيقين أكبر.
اقرأ أيضًا:
هل هناك كون آخر؟ اكتشاف ضوء قادم من مجرة لا ينبغي لنا رؤيتها
بحث علمي جديد يشير إلى أن مجرتنا بالفعل تلامس مجرة أندروميدا
ترجمة: محمد إسماعيل
تدقيق: إشراق بن ثاير