بالنسبة للكثيرين، قد يبدو التاريخ العائلي للإصابة بمرض ألزهايمر أمرًا يدعو للتشاؤم. لكن هناك أمل، فقد اكتشف العلماء شخصًا كان يجب أن يكون قد عانى أعراض مرض ألزهايمر في أوائل الأربعينيات من عمره، لكن ذلك لم يحدث. تنضم الحالة إلى حالة أخرى حُدِّدت قبل عدة سنوات بطفرة جينية يُعتقد أن لها دورًا في تأخير ظهور علامات مرض ألزهايمر الكامن لديها.

بدلًا من الحصول على تشخيص يغير حياته في أوجها، استمر الرجل الكولومبي الموصوف في العمل حتى تقاعد في أوائل الستينيات من عمره، وبعد سنوات، في سن السابعة والستين، ظهرت أولى علامات التدهور المعرفي.

كشفت فحوصات الدماغ أن دماغه قد ضمر، وكان محملًا بالسمات الجزيئية الكلاسيكية للمرض، وهي أعداد كبيرة من كتل البروتين اللزجة المعروفة باسم لويحات الأميلويد، إلى جانب عدد قليل من التشابكات المعقدة لبروتين آخر يُسمى تاو. عادةً ما تظهر هذه الأنواع من التكدسات عند الأشخاص المصابين بالخرف الشديد. ومع ذلك، فقد قاوم الرجل مرض ألزهايمر بطريقة ما فترة أطول بكثير مما توقعه أي شخص.

يتضح إنه بالإضافة إلى المتغير الجيني الذي تنبأ بتشخيصه، حمل الرجل أيضًا متغيرًا نادرًا في جين آخر يرمز بروتينًا يسمى ريلين، والذي يبدو أنه يحميه من الإصابة بمرض ألزهايمر لأكثر من عقدين. في جزء محدد صغير من دماغه حيث تشارك العصبونات في الذاكرة والتنقل، كان لدى الرجل مستويات منخفضة جدًا من بروتينات تاو المتشابكة. كان الأمر كما لو أن اليانصيب الجيني قد منحه بروتينًا وقائيًا يمنع ظهور مرض ألزهايمر في هذه المنطقة الحرجة من الدماغ، والتي عادةً ما تستسلم للمرض في وقت مبكر جدًا.

بينما يُعرف القليل حاليًا عن دور ريلين في مرض ألزهايمر، أظهرت التجارب التي أُجريت على الحيوانات من قبل فريق من الباحثين بقيادة طبيب الأعصاب الكولومبي فرانسيسكو لوبيرا، إن الشكل المتحور من ريلين أوقف أيضًا بروتينات تاو المتشابكة معًا حول العصبونات في أدمغة الفئران.

قالت عالمة الأعصاب كاثرين كاكزوروفسكي -التي لم تشارك في البحث- لمجلة الطبيعة؛ إن قراءة المقالة كانت مدهشةً ومفاجئة.

قال كاتشوروفسكي، الباحث في جامعة ميتشيغان في آن آربور: «إنها مجرد وسيلة جديدة مهمة لمتابعة علاجات جديدة لمرض ألزهايمر».

هناك أمل أنه من خلال دراسة كيفية تداخل ريلين مع بروتينات ألزهايمر وحماية العصبونات في براثنها، يمكن للباحثين إيجاد طريقة لتعزيز المرونة عبر جميع أشكال مرض ألزهايمر، وليس فقط عند أولئك الذين يرثون المتغير الوقائي.

نتعلم الكثير عن مرض ألزهايمر من عائلات مثل تلك التي تتبعها لوبيرا في كولومبيا منذ ما يقارب 40 عامًا. في الأسرة الكبيرة للرجل، والتي تمتد عقودًا وأجيالًا، ونحو 6000 شخص، يحمل الكثير منهم طفرةً مشتركةً تسبب الإصابة بمرض ألزهايمر بسن مبكر في منتصف العمر.

يشار إليه عادةً باسم طفرة بيسا، نسبةً إلى أولئك الموجودين في منطقة أنتيوكيا في كولومبيا، والذين قدموا دمائهم وأجسادهم وأدمغتهم للمساعدة في البحث.

كتبت الصحفية جيني ارين سميث لمجلة اوندارك عام 2019: «إن أبحاث مرض ألزهايمر تعتمد كثيرًا على العائلات التي تعاني أشكالًا جينيةً من المرض تبدأ باكرًا، من أجل فهم تقدمه واختبار العلاجات التي قد تعيقه».

في الدراسة الأخيرة، حلل لوبيرا من جامعة أنتيوكيا في ميديلين بكولومبيا وزملاؤه البيانات السريرية والجينية لما يقارب 1200 فردًا من تلك العشيرة الكولومبية.

حددوا المتغير الجديد والنادر للغاية في الرجل الذي ظل سليمًا معرفيًا، وكذلك أخته التي كانت أقل حمايةً من شقيقها وتوفيت قبل ذلك بسنوات.

عام 2019، أبلغ لوبيرا وزملاؤه عن حالة أخرى لامرأة تحمل طفرة بيسا ولم تظهر عليها علامات التدهور المعرفي حتى السبعينيات من عمرها، أي بعد حوالي 30 عامًا من المتوقع بالنسبة لناقلات الطفرة. أظهرت الدراسات أن لديها أيضًا مستويات منخفضة بشكل غير اعتيادي من بروتين تاو في جميع أنحاء دماغها، لكن مرونتها مع مرض ألزهايمر تُعزى إلى طفرة مختلفة في جين آخر هو APOE.

يعتقد الباحثون بأنه قد يكون هناك بعض التداخل أو التفاعل بين البروتينات المتغيرة ريلين وAPOE التي يمكن أن تفسر تأثيرها الوقائي، ولكن من الممكن أن تساهم المتغيرات الجينية الأخرى أيضًا. في الوقت الحالي، يقول لوبيرا وزملاؤه إن النتائج التي توصلوا إليها تساعد فقط في صياغة فرضيات جديدة حول مرض ألزهايمر.

خلص الباحثون إلى أنه مع مرور الوقت إذا أمكن تطوير علاجات للاستفادة من مسار إشارات الريلين، قد يكون لها تأثير علاجي عميق في مقاومة أمراض تاو والتنكس العصبي، والمرونة ضد التدهور المعرفي والخرف في مرض ألزهايمر.

اقرأ أيضًا:

الزهايمر يهاجم الخلايا العصبية المسؤولة عن بقائك مستيقظًا

يُربط بروتين أميلويد بيتا بمرض الزهايمر ولكن هل هو سببٌ أو نتيجةٌ لهذا الاضطراب؟

ترجمة: ليليان عازار

تدقيق: جنى الغضبان

المصدر