وافقت إدارة الغذاء والدواء الأمريكية على دواء بيولوجي يؤخر بدء النمط الأول من مرض السكري في 17 نوفمبر.

تُسمى المادة الفعالة تيبليزوماب،teplizumab، وهي ضد أحادي النسيلة، تُسوق تحت الاسم التجاري تيزايلد Tzield من قِبل الشركتين ProventionBio، وSanofi، وتُعطى تسريبًا وريديًا.

قال المسؤول عن تصنيع الدواء في مكالمةٍ مع المستثمرين: «تُكلف دورة كاملة من العلاج ما يقارب 194 ألف دولار، ولكن من غير المتوقع أن يدفع المستهلكون هذا السعر للحصول على العلاج».

يعمل الدواء على منع مهاجمة الجسم لنفسه، وتخريبه للخلايا المنتجة للإنسولين؛ أي أن حماية هذه الخلايا تُعطي الناس الوقت قبل أن يصبحوا معتمدين بالكامل على جرعات الإنسولين لضبط مستويات السكر لديهم.

في التجارب السريرية أخّر تيزايلد تطور مرض السكري لأكثر من عامين عند بعض المشاركين، واستمرت فاعليته فترةً أطول عند الآخرين.

شاركت ميكايلا أولستن في الدراسة، وفُحصت لاحتمال إصابتها بمرض السكري بعد إصابة شقيقتها ميا البالغة من العمر تسع سنوات بنوبة مهددة للحياة من الحماض الكيتوني السكري.

لم يكن هناك تاريخ عائلي لمرض السكري، ولم تكن ميكايلا مصابةً به، لكنها امتلكت أربعةً من خمسة أنواع من الأجسام المضادة الذاتية التي يبحث عنها الأطباء لتقييم مخاطر إصابة أي شخص بمرض السكري.

قالت والدتها تريسي: «أخبرونا أنه عند وجود العديد من الأجسام المضادة الذاتية لدى الشخص، لا يكون السؤال ما إذا كان سيصاب بمرض السكري أم لا، بل متى سيُصاب به؟».

كانت ميكايلا تبلغ من العمر خمسة عشر عامًا عند انضمامها للبحث وحصولها على تيبليزوماب. وهي الآن طالبة جامعية تبلغ من العمر واحدًا وعشرين عامًا، وتخصع لمجموعة اختبارات سنوية لفحص البنكرياس، والأجسام المضادة في الدم.

تقول تريسي أولستن: «لم تتطور حالة ميكايلا في غضون ست سنوات، ولم تُصب بأي نمط من مرض السكري».

وفقًا لبيان علمي صادر عن JDRF، وجمعية الغدد الصم وجمعية السكري الأمريكية، عندما يُظهر الشخص علامات على وجود مرض مناعي ذاتي، ومستويات السكر في دمه تكون غير منضبطة، فإن خطر تطور مرض السكري العرضي المعتمد على الإنسولين خلال خمس سنوات هو 75%، أما خطر الإصابة بالنمط الأول المعتمد على الإنسولين مدى الحياة هو 100%.

حتى الآن يبدو أن ميكايلا تتغلب على تلك الصعاب.

قالت تريسي:«بالنسبة لميا المصابة بالسكري المعتمد على الإنسولين بالكامل، فإن ضبط مستويات السكر لديها يُعد عملًا روتينيًا مستمرًا».

أضافت تريسي :«لدى ميا العديد من الالتزامات، إذ عليها التخطيط مسبقًا في حال أرادت اللعب مع أقرانها، والتأكد باستمرار من أن مستويات الإنسولين في دمها في حدودها الطبيعية، ولا يمكنها أن تمضي دقيقةً دون التفكير في الأمر. ومن الرائع أن تُمنح ميكايلا الفرصة لتعيش كفردٍ طبيعي من دون التفكير في مرض السكري، ومستويات الإنسولين طوال حياتها».

يقول آرون كوالسكي، الرئيس التنفيذي لـ JDRF: «إن التحدي الرئيسي في استعمال دواء تيزايلد سيكون العثور على المحتاجين إليه، إذ إن الدواء متاح للذين لا يعانون أية أعراض لمرض السكري، ولا يعلمون أنهم معرضون للإصابة به».

قال كوالسكي: «معرفة المُعرضين للإصابة بمرض السكري من النمط الأول مشكلة كبيرة حقًا، لأن حوالي 85٪ من الأشخاص المصابين به اليوم لا يكون لديهم أي تاريخ عائلي للمرض. هدفنا هو إجراء فحص عام للسكان مع اختبارات الأجسام المضادة في الدم للبحث عن دلالات المرض».

اتُفِق على استخدام تيزايلد للأشخاص في المرحلة الثانية من النمط الأول من مرض السكري، الذين تبلغ أعمارهم ثماني سنوات أو أكثر. في هذه المرحلة يمكن للأطباء قياس عدد الأجسام المضادة الذاتية التي تهاجم خلايا بيتا المنتجة للإنسولين في الدم. وعلى الرغم من أن الأجسام في هذه المرحلة تكون ما تزال قادرةً على إفراز الإنسولين، فإن مستويات السكر في الدم تكون غير منضبطة.

تقول آشلي بالمر الرئيسة التنفيذية لشركة ProventionBio: «الأمر لا يقتصر على قطاع صناعة الأدوية، بل في الطريقة التي تتعامل بها الأنظمة الطبية مع أمراض المناعة الذاتية وبخاصة النمط الأول من مرض السكري، التي لا ترتقي لمستوى التطور في عصرنا الحالي. فنحن ننتظر إصابة الأشخاص بالمرض، ثم نعطيه الدواء الذي يجب عليه استخدامه مدى الحياة. المشكلة في مرض السكري أنه عند ظهور الأعراض لأول مرة يكون قد فات الأوان، ولا توجد طريقة ممكنة لعلاج المرض».

تكون دورة العلاج الواحدة لمدة 14 يومًا، يؤخذ الدواء تسريبًا وريديًا لمدة 30 إلى 60 دقيقةً.

الآثار الجانبية الأكثر شيوعًا التي أُبلغ عنها عند المشاركين هي:

  •  انخفاض في عدد خلايا الدم البيضاء، والخلايا الليمفاوية.
  •  الطفح الجلدي.
  •  الصداع.

الخيار الأول للوقاية من النمط الأول من مرض السكري:

في النمط الأول من مرض السكري، يُهاجم الجهاز المناعي للشخص خلايا بيتا في البنكرياس المسؤولة عن إفراز الإنسولين؛ وهو الهرمون المسؤول عن إدخال الغلوكوز إلى الخلايا لتزويدها بالطاقة. قد يستمر الجسم في مهاجمة نفسه لسنوات قبل ظهور أي عرض لمرض السكري. ومن دون الإنسولين يتراكم السكر في مجرى الدم، ويهدم دهون الجسم وعضلاته.

يقول بالمر: «يعمل تيزايلد على إيقاف المرض قبل ظهور الأعراض، بمنع عملية مهاجمة الجسم لنفسه، وتدميره لخلايا بيتا. يعمل العلاج على دعم جهاز المناعة، ومحاولة تفعيله بطريقةٍ صحيحة، للحفاظ على وظيفة خلايا بيتا».

قال الدكتور روبرت جاباي كبير المسؤولين العلميين والطبيين في جمعية السكري الأمريكية: «لا توجد أي إجراءات يمكننا اتباعها للوقاية من النمط الأول من مرض السكري، ومع أن المعاهد الوطنية للصحة موّلت برنامجًا يُسمى TrialNet بمبالغ طائلة لاختبار إمكانية إيجاد طريقة لتأخير مرض السكري. إذ اختبر البرنامج العديد من الأشياء؛ من ضمنها هذه الطريقة التي تُركز على عمل المناعة الذاتية. وقد استعنا ببعض نتائجهم في هذه الدراسة. وأخيرًا هناك دواء يؤخر ظهور مرض السكري وهو أمر مهم للغاية».

على عكس النمط الثاني من مرض السكري الذي يمكن الوقاية منه بتغيير نمط الحياة، مثل فقدان الوزن، وممارسة الرياضة. فإن النمط الأول هو مرض وراثي، ولا توجد أية طريقة يمكننا اتباعها للوقاية منه حتى الآن.

قال بالمر: «لسببٍ ما لا نبحث عن المُعرضين للإصابة بالنمط الأول من مرض السكري، على الرغم من وجود مؤشرات حيوية تُظهر أن عملية مهاجمة المناعة الذاتية للجسم تحدث بالفعل. وأضاف أن الآمال في أن يُحفز الدواء النظام الطبي لبدء فحص الأشخاص بحثًا عن الأجسام المضادة خلال زياراتهم الروتينية للطبيب من أجل اعتراض المرض، وتأخير ظهوره».

عند وجود شخص مصاب بالنمط الأول من مرض السكري، يَفحص الأطباء أفراد عائلته، لمعرفة ما إذا كان لديهم الأجسام المضادة الذاتية التي تهاجم خلايا بيتا أم لا. إذا كانت مستويات هذه الأجسام المضادة مرتفعةً، وكان الشخص على وشك الإصابة بمرض السكري، فإن العلاج باستخدام تيزايلد سيؤخر من هذه العملية.

قال غاباي: «إذا كان شخص ما مصابًا بالنمط الأول من مرض السكري، فإن السؤال الشائع الذي يطرحه هو ما إذا كان طفله سيصاب بالمرض أم لا؟. يوجد خطر فقط بنسبة 5%، وفي كثيرٍ من الأحيان لن يصابوا بالمرض. ولكن إذا تمكننا من مساعدة الأشخاص المعرضين للإصابة به، ومنعنا ذلك من الحدوث فقد يُحدث ذلك فرقًا كبيرًا».

إمكانية مساعدة الملايين:

قال بالمر: «يتأثر نمط حياة المرضى بطريقة كبيرة عند الإصابة بالسكري. وإذا شُخصت بوقتٍ متأخر يكون لها تأثير سلبي كبير إذ أنه مرض لا يمكن معالجته أبدًا».

يجب على مرضى النمط الأول من مرض السكري مراقبة مستويات الجلوكوز في دمهم على مدار اليوم. ما قد يؤثر على نمط حياتهم، وأنواع الطعام الواجب تناولها، ومواعيد تناولهم لها.

قد يؤدي ارتفاع نسبة السكر في الدم إلى الإصابة بالحماض الكيتوني السكري، إذ يبدأ الجسم في تكسير الدهون للحصول على الطاقة، ويسبب ذلك تراكم الأحماض التي تُسمى كيتونات في مجرى الدم، الذي يؤثر بدوره على التوازن الكيميائي في الجسم. تؤدي هذه الحالة إلى دخول المستشفى، أو الغيبوبة، أو الوفاة.

وفقًا لجمعية السكري الأمريكية، بلغ عدد الأشخاص الذين يعانون مرض السكري عام 2019 في الولايات المتحدة حوالي 1.9 مليون شخص، بينهم 244,000 طفل، ومراهق.

قال أوليفييه بوغيلو رئيس قسم الأدوية العامة في سانوفي: «يُصاب العديد من الأطفال، والمراهقين بمرض السكري. فعندما تكون في حالة اضطراب المراهقة فإنك تريد فعل أي شيء للتخلص من المرض أو نسيانه. لذلك عندما يكون لديك العلاج الذي يؤخر ظهوره يمكنك تحسين الطريقة التي يعيش بها هؤلاء الأطفال، وتغيير نمط حياتهم وحياة عائلاتهم».

اقرأ أيضًا:

ما هي الأجسام المضادة الذاتية؟

تطوير علاج جديد لمرض السكري عبر زراعة خلايا البنكرياس التي تنتج الأنسولين

ترجمة: فاطمة الرقماني

تدقيق: منال توفيق الضللي

المصدر