ملايين البشر حول العالم مصابون بأحد أنواع الخرف، والنوع الأشيع بينها هو مرض (ألزهايمر-Alzheimer’s disease).

لا يوجد حتى الآن طرقٌ لإيقاف تقدّم مرض ألزهايمر لكنّ التجارب السريريّة لأدويةٍ جديدةٍ في طريقها إلينا. ما الطريقة الأفضل للعلاج؟

وفقًا لمنظّمة الصحة العالمية، يوجد 50 مليون شخصٍ مصابٍ بالخرف حول العالم، ما يقارب 60-70% منهم مصابٌ بمرض ألزهايمر.

عامل الخطورة الأكبر لحدوث مرض ألزهايمر هو الشيخوخة إذ أنّ الأشخاص بعمر 65 فما فوق هم أكثر عرضةً للإصابة بالمرض.

العلاجات المتوفّرة حاليًا تستهدف أعراض المرض، كفقد الذاكرة والتغيّرات السلوكيّة، بيد أنّ المزيد والمزيد من الأبحاث تسعى لإيجاد علاجاتٍ تستهدف التغيّراتَ البيولوجيةَ التي تسبب مرض ألزهايمر.

ولكن هل يسير الباحثون في الطريق الصحيح من البحث وما هي أفضل طريقة للعلاج؟

نُشِرت (مراجعةٌ شاملةٌ جديدةٌ -new comprehensive review) والتي تعالج هذه الأسئلة في مجلة «journal Neurology»، وهي متوفرةٌ على الإنترنت.

معظم العلاجات تستهدف إمراضيّات الدماغ

في هذه المراجعة، قدّم أخصائيّون من (مؤسسة اكتشاف أدوية ألزهايمر-Alzheimer’s Drug (Discovery Foundation في نيويورك NY، تحليلًا للتجارب السريريّة لأدوية الخرف ونصائحَ حول الطريقة التي يُفضّل اتّباعها.

يقول د.هاوارد فيليت: «ألزهايمر مرضٌ معقّدٌ، فهناك العديد من العوامل المختلفة التي تساهم في بدئه وتطوره».

كما يقول: «أظهرت عقودٌ من البحث الخطواتِ الأساسيّةِ المرتبطةِ بفهم سبب كون الدماغ الشيخوخيّ أكثر عرضةً لألزهايمر، وستُخلَقُ علاجاتٌ حديثةُ للمرض بواسطة فهم تأثيرات الشيخوخة على الدماغ».

ولأنّ العلاجات الحالية لمرض ألزهايمر تُركّز على التحكم بأعراض المرض، لا على إيقاف تقدّمه، فإنّ الأبحاث الحديثة تدقّق على مهاجمة آليّة المرض خاصّةً في الدماغ.

الميزة الأساسية لهذا المرض هي تراكم البروتينات السامة مثل «بيتا أميلوئيد» و«تاو»، اللّذين يشكّلان صفائح تمنع اتّصال الخلايا العصبيّة مع بعضها.

وبالتالي، كما تشير المراجعة، العديد من الدراسات تركّز على تطوير الأدوية التي تستهدف «بيتا أميلوئيد» و«تاو» بشكل فعّال.

تسيطر تلك الأدوية التجريبيّة في الطور الثالث من التجارب السريريّة لعلاجات مرض ألزهايمر، بالإضافة إلى أنّ 52% منها تختبر الأدوية التي تتفاعل مع البروتينيْن «بيتا أميلوئيد» و«تاو».

يلاحظ د.فيليت: «لا نعرف حاليًّا فيما إذا كانت تلك العوامل الممرضة الأساسية (أميلوئيد وتاو) تمثّل أهدافًا صالحةً للدّواء وفيما إذا كانت تكفي وحدها لعلاج مرض ألزهايمر».

يلاحظ الناقدون أنّ العلاجاتِ التي تستهدف بيتا أميلوئيد وتاو لم تتمكّن -حتى الآن- من إبطاء تطوّر المرض بشكل كبير، إلّا أنّها قدّمت مفاتيح مهمّةً حول آلية المرض.

من المُرجّح أكثر أن ينجح العلاج الدمجيّ

على الرغم من أنّ معظم التجارب ركّزت على الأدوية التي تستهدف التغيّرات في الدماغ، لاحظ كتّابُ (المراجعة-review) أنّ بعض التجارب في الأطوار المبكرة (الطور الأول والثاني) كانت تبحث في استراتيجيّات أخرى، تحديدًا تلك التي تستهدف عمليّة الشيخوخة التي تفاقم المرض.

يقول د.فيليت: «يمكن لاستهداف العمليّات البيولوجيّة الأساسيّة للشيخوخة أن يشكّل طريقةً فعالةً لتطوير علاجاتٍ تسعى إلى منع أو تأخير الأمراض المتعلّقة بالعمر مثل ألزهايمر».

تشمل تلك العمليّات:

  • التهابًا مزمنًا منخفض الدرجة، يرافقه ضمور في القشرة الدماغية وضعف في تدفّق الدم إلى الدماغ، اللذان يؤثران على الوظيفة المعرفية.
  • الخلل الوظيفي الاستقلابي، والذي يؤدّي إلى أذيّة خلايا الدماغ.
  • الخلل الوظيفي الوعائي، الذي يمكن ربطه بحدوث مشاكل معرفيّة، وذلك بسبب احتماليّة عدم وصول الكمّيّة الكافية من الدم إلى الدماغ وبالتالي نقص الأكسجة.
  • تغيّرًا في التنظيم الجينيّ، ما قد يساهم في آلية حدوث ألزهايمر.
  • فَقْد المشابك، وهي الاتصالات بين العصبونات التي تسمح بانتقال المعلومات بين خلايا الدماغ.

يؤمن د.فيليت بأنّ «نجاحنا في علاج ألزهايمر سينتج في الغالب بفضل العلاج الدّمجي- إيجاد الأدوية التي تملك تأثيراتٍ إيجابيّةً على المشاكل الوظيفية الواقعة مع حدوث الشيخوخة».

ويجادل الكتّاب أنّ باستطاعتنا إيقاف تقدم ألزهايمر عبر تطوير سلسلة من الأدوية يستهدف كلٌّ منها واحدةً من تلك العمليّات الأساسيّة.

يضيف د.فيليت: «يعدّ العلاج الدمجيّ معيارًا للعناية بأمراض خطيرة أخرى متعلقة بالشيخوخة مثل السرطان، وأمراض القلب وارتفاع الضغط، ومن المرجح أن تكون مهمةً لعلاج مرض ألزهايمر وأنواع الخرف الأخرى».


  • ترجمة: رهف السّيّد
  • تدقيق: نغم رابي
  • المحرر: ماتيو كيرلس
  • المصدر