تدور الأرض، والشمس، ومجرة درب التبانة.. وتشير دراسة جديدة إلى أن الكون بأسره قد يكون في حالة دوران أيضًا. إذا تأكد ذلك، فقد يسهم في حل لغز كبير في علم الكونيات يُسمى «توتر هابل»، وهو التناقض في قياس سرعة تمدد الكون.

يُقاس معدل تمدد الكون بطريقتين، الفارق بينهما هو ما يُعرف بثابت هابل.

يُستخدم ثابت هابل لحساب عمر الكون وحجمه، والمسافات إلى الأجسام خارج المجرة، وتأثير الطاقة المظلمة.

تعطي طريقتا القياس نتائج مختلفة، فالقياسات المستندة إلى إشعاع الخلفية الكونية الميكروية وتذبذبات الباريونات الصوتية تشير إلى قيمة تبلغ نحو 67 كيلومترًا في الثانية لكل ميغابارسيك.

أما القياسات المعتمدة على «الشموع القياسية» القريبة، مثل المستعرات العظمى، فتعطي قيمة نحو 73.

قد يكون من المغري تقريب الرقمين إلى 70 والقول بأن الأمر بسيط، لكن تقليص هامش الخطأ في كل طريقة إلى نحو 1 أو 2 يجعل الأرقام متقاربة لكنها مختلفة بوضوح.

لذلك أضاف علماء الفيزياء في دراسة جديدة دورانًا طفيفًا للكون، وكانت النتائج مدهشة.

يقول إستفان سابودي، عالم الفلك في جامعة هاواي: «لدهشتنا الكبيرة، اكتشفنا أن تضمين دوران طفيف في النموذج يحل التناقض دون أن يتعارض مع القياسات الفلكية الحالية، بل يتوافق مع نماذج أخرى تفترض وجود دوران. لذا، ربما بالفعل كل شيء يدور».

وفقًا لحساباتهم، قد يستغرق الكون تريليونات السنين لإكمال دورة واحدة. ونظرًا إلى أن عمر الكون لم يتجاوز بعد 14 مليار سنة، فلا يُلاحظ سوى أثر طفيف للدوران.

لا ينتهك هذا الدوران قوانين النسبية، ولا يتطلب انتقال المعلومات بسرعة الضوء، من ثم لا يؤدي إلى التواء الزمن أو التسبب في مجموعة من مفارقات السفر عبر الزمن.

فكرة دوران الكون ليست جديدة تمامًا. إذ اقترحت دراسة حديثة أن ميل المجرات إلى الدوران في اتجاه معين أكثر من سواه يشير إلى دوران كوني. أما في كون ساكن، فينبغي أن يكون التوزيع بنسبة 50-50 تقريبًا.

لكن للمرة الأولى تُطبَّق هذه الفكرة على توتر هابل.

إذا كان الكون كله يدور، يثير ذلك بعض الأسئلة الجوهرية، مثل: ما القوة التي تسبب هذا الدوران؟

تقترح فرضية مثيرة أن كوننا يقع في مركز ثقب أسود داخل كون آخر. فالثقوب السوداء تدور أيضًا بسرعات قريبة من السرعة القصوى.

قد يبدو هذا أشبه بالخيال العلمي، لكن قبل الانغماس في هذا النوع من الفرضيات، يقول الفريق إن الخطوة التالية هي إنتاج نموذج حاسوبي كامل لكون يدور، فقد يساعد ذلك على تحديد تنبؤات يمكن للفلكيين البحث عنها في الملاحظات الفعلية، لتأكيد الفكرة أو دحضها.

اقرأ أيضًا:

الكون يتوسع بسرعة كبيرة جدًا، فهل أخطأنا في حساب ثابت التوسع الكوني؟

إذا كان عُمر الكون المرئي 13.7 مليار سنة فكيف وصل قطره لأكثر من 93 مليار سنة ضوئية؟

ترجمة: لور عماد خليل

تدقيق: لين الشيخ عبيد

المصدر