لا يعلم كثيرٌ من الناس أن عقل الفيزيائى الشهير ألبرت أينشتاين كان موضع جدلٍ كبيرٍ بين العلماء. فمنذ وفاته دار جدلٌ كبيرٌ عما إذا كان عقل أينشتاين يمتلك تركيبًا مختلفًا عن باقى البشر.

توفى أينشتاين فى الثامن عشر من آذار للعام 1955 فى مستشفى برينستون بالولايات المتحدة إثر تعرضه لانفجار تمدد شريانى بالجزء البطنى من الشريان الأبهر الذي يغذى الجسم بالدم.

كان أينشتاين أكثر علماء الفيزياء النظرية ثوريةً وأدت نظرياته إلى موجاتٍ من الصدمة فى أنحاء المجتمع العلمى فى العالم أجمع. وبعد الوفاة بقليل، قرر الطبيب القائم على تشريح الجثة -توماس هارفى- سرقة عقل أينشتاين .

وفى اليوم التالي تم حرق جثمان أينشتاين طبقًا لوصيته وتم نثر بقاياه فى نهر ديلاوير بمدينة نيو جيرسي. وفى البداية، لم يشك أحدٌ فى الأمر على الرغم من أن ابن أينشتاين لاحظ أن الجثة لا تبدو كاملةً حتى تفاجأ بقراءة الأخبار التى تفيد بأن عقل أينشتاين تمت ازالته قبل حرق الجثة لأغراضٍ علمية.

وعلى الرغم من أن أينشتاين لم يوافق أثناء حياته على استخدام عقله بعد وفاته لأى أغراضٍ علميةٍ أو بحثيةٍ فإن تقريرًا صحفيًا لجريدة بى بى سى البريطانية افترض أن توماس هارفى أقدم على سرقة عقل أينشتاين من أجل دراسته بغرض تحقيق منفعة شخصية بغض النظر عن العواقب الأخلاقية الناجمة عن تلك السرقة.

وعلى الرغم من أن الاستيلاء على أعضاء الموتى لغرض الأبحاث العلمية لم يكن فعلًا مجرمًا فى ذلك الوقت إلا أن ذلك لا يعفى أحدًا من القائمين على الأمر من المسؤولية الأخلاقية لعدم حصولهم على إذنٍ مسبق بما أرادوا فعله من عائلة أينشتاين.

وقد غضب هانز –ابن أينشتاين – من ذلك الأمر إلا أنه اقتنع بأن الأمر كان للصالح العام بعد مناقشة الأمر مع توماس هارفي.

وقد فقد هارفى وظيفته فى مستشفى برينستون نتيجة لفعلته تلك طبقًا لتقرير أعدته قناة ناشونال جيوغرافيك التليفزيونية .

وبعدها تم نقل عقل أينشتاين إلى فيلادلفيا حيث تم تقسيمه إلى 240 جزءًا صغيرًا تم حفظها فى المئات من شرائح السليلوز. وقد احتفظ توماس هارفى بأغلب تلك الشرائح بعد أن أرسل بعض العينات إلى المعاهد العلمية على مستوى الولايات المتحدة .

وقد أشارت بعض التقارير إلى أن زوجة هارفى قد هددت بالتخلص من عقل أينشتاين بإلقائه! إلا أن هارفى قد احتفظ به فى صندوق تحت مُبرّد للجعة!

والجدير بالذكر أن الطبيب هارفى الذى حظي بفرصة دراسة عقل أينشتاين لم يكن متخصصًا بطب وعلوم الأعصاب من الأساس كما أن الدراسات و الأبحاث التى جرت على عينات من عقل أينشتاين كانت أقل عددًا و أهميةً من المتوقع.

وبعد مرور العديد من الأعوام، بدأت العديد من الدراسات فى الظهور تباعًا. كانت الأولى فى عام 1985 فى الجريدة العلمية ذات الشأن ( ذا لانسيت ) The Lancet وكانت الدراسة تركز فى الأساس على مدى اختلاف تركيب عقل أينشتاين عن باقى البشر .

و فى العام 1999 صدرت ورقةٌ بحثيةٌ عن ذات الجريدة بعنوان (عقل ألبرت أينشتاين الاستثنائى) The Exceptional Brain of Albert Einstien و التي ناقشت قضية شغلت العلماء لفترة طويلة وهى تأثير التركيب التشريحي للمخ على الذكاء وحققت الورقة البحثية نجاحًا محدودًا .

وبالعودة إلى الطبيب هارفى فان التقارير الصحفية فى العام 1988 أشارت إلى فقدانه لرخصة مزاولة الطب بسبب رسوبه فى أحد اختبارات الكفاءة فى ولاية ميسوري.

وقد عاد إلى برينستون مرة أخرى ليتبرع بما تبقى لديه من أجزاء من عقل أينشتاين إلى مستشفى برينستون قبيل وفاته فى العام 2007 .

ويتواجد مخ أينشتاين الآن في متحف The Mütter Museum وهو جزءٌ من كلية الطب بجامعة فيلادلفيا، و قد تم عرضه أيضًا لقليل من الوقت في متحف الطب والصحة بماريلاند.

وتشير ( أنا دودى – Anna Dhody ) مديرة المتحف إلى أن المتحف هو المكان الوحيد في العالم الذى يعرض بقايا أجزاء من عقل أينشتاين للعامة .

وعلى الرغم من تلقى المتحف للعديد من الطلبات للحصول على أجزاء من مخ أينشتاين بغرض البحث والدراسة إلا أنها أكدت أنها ترفض تلك الطلبات خوفًا من تعرضها للتدمير.


  • ترجمة: د. إسلام مراد
  • تدقيق: م. قيس شعبية
  • تحرير: رؤى درخباني

المصدر