أطلقت موجة صادمة صدرت عن إعصار شمسي وابلًا من المواد بسرعة عالية، اصطدم بالمجال المغناطيسي لكوكب الأرض، ما سبّب صدعًا فيه. قد يؤدي وابل البلازما إلى حدوث عاصفة جيومغناطيسية، وفقًا لموقع (spaceweather.com).

لم نعرف بعد منشأ الموجة، يعتقد العلماء أنها نتجت من الانبعاثات الكتلية الإكليلية التي أطلقتها البقعة الشمسية (AR3165)، وهي منطقة اضطراب على سطح الشمس أطلقت ثمانية توهجات شمسية على الأقل، ما سبّب انقطاعًا لاسلكيًا قصيرًا فوق المحيط الأطلسي.

البقع الشمسية هي مناطق على سطح الشمس تتدفق فيها الشحنات الكهربائية، فتتشابك الحقول المغناطيسية القوية الناتجة، قبل أن تتفجر. يؤدي تحرير الطاقة إلى إطلاق دفقات من الأشعة تُسمى التوهجات الشمسية، أو أعمدة من المواد الشمسية تُسمى الانبعاثات الكتلية الإكليلية. فور إطلاقها، تسافر هذه الانبعاثات بسرعات تصل إلى ملايين الكيلومترات في الساعة، مكتسحةً الجسيمات المشحونة بفعل الرياح الشمسية، فتشكل -حال بلغت الأرض- جبهة موجية عملاقة، ما يسبب عواصف جيومغناطيسية.

تحدث العواصف الجيومغناطيسية عندما يمتص المجال المغناطيسي الأرضي الحطام الشمسي عالي الطاقة -معظمه من البروتونات والنيوترونات وجسيمات ألفا- ثم يضغطه لاحقًا. يتحرك الحطام سريعًا عبر الغلاف الجوي بالقرب من القطبين، حيث يكون المجال المغناطيسي ضعيفًا، ما يحفز الأكسجين والنيتروجين لتحرير الطاقة في صورة ضوء، فيظهر الشفق القطبي.

قد تخلق العواصف أيضًا شقوقًا في المجال المغناطيسي، تظل مفتوحةً لساعات، فتسمح بمرور المواد الشمسية التي تؤثر في الأقمار الصناعية والاتصالات اللاسلكية وأنظمة الطاقة، فتعطل عملها.

لحسن الحظ، من المتوقع أن تكون العاصفة الحالية من الفئة (G1) الضعيفة نسبيًا، التي تسبب تقلبات طفيفة في شبكات الطاقة، وتراجعًا في أداء وظائف بعض الأقمار الصناعية، متضمنةً الأقمار الخاصة بالأجهزة المحمولة وأنظمة تحديد المواقع. وقد يظهر الشفق القطبي في بعض المناطق.

لكن للعواصف الجيومغناطيسية الشديدة آثار أخطر، فلا يقتصر أثرها على تعطيل بعض الأقمار الصناعية بسبب تشويه المجال المغناطيسي، بل قد تسبب تعطيل الأنظمة الكهربائية وقطع شبكة الإنترنت.

العاصفة الحالية هي الأحدث في سلسلة من الهجمات الشمسية الموجهة نحو الأرض، إذ يبلغ نشاط الشمس ذروته، في دورته التي تستمر أحد عشر عامًا.

منذ عام 1775، عرف علماء الفلك أن نشاط الشمس يرتفع وينخفض في دورات. حديثًا، ازداد نشاط الشمس بدرجة كبيرة مع تضاعف عدد البقع الشمسية، وهو ما توقعته الإدارة الوطنية للمحيطات والغلاف الجوي.

وفقًا للتوقعات، فإن نشاط الشمس سيرتفع بثبات خلال الأعوام القليلة القادمة، ليبلغ أقصى مداه عام 2025، قبل أن يعاود الانخفاض.

أكبر عاصفة شمسية مسجلة في التاريخ الحديث هي حادثة كارينغتون، عام 1859، إذ تحررت طاقة تعادل انفجار عشرة مليارات قنبلة ذرية تزن كل منها واحد ميغاطن. سبّب تيار الجسميات الشمسية القوي تعطيل جميع أجهزة التلغراف حول العالم، وبلغ الشفق القطبي شديد السطوع منطقة الكاريبي.

حال تكرر مثل هذا الحدث اليوم، ستقدر الخسائر بتريليونات الدولارات، وسيؤدي إلى انقطاع الطاقة على نطاق واسع وسيهدد حياة الآلاف. وفقًا لوكالة ناسا، أطلقت عاصفة شمسية عام 1989 عمودًا من الغاز وزنه مليار طن، سبّب إظلامًا تامًا في مقاطعة كيبيك الكندية.

لكن كل ذلك لا يُقارن بالأخطار الحقيقية التي قد تسببها شمسنا، يتتبع العلماء سلسلة من التغيرات الشديدة والمفاجئة في مستويات الإشعاع المسجلة في حلقات جذوع الأشجار الأحفورية. وفقًا لنظرية رائدة، فإن هذه الارتفاعات نتجت عن عواصف شمسية أقوى بثمانين ضعفًا من حادثة كارينغتون، مع ذلك لا يستبعد العلماء وجود مصدر كوني آخر.

اقرأ أيضًا:

ما كمية البيانات التي تصل إلى ناسا من الفضاء؟ وكيف تحلل، وتخزن؟

ناسا تودع مسبار إنسايت بعد مهمة دامت ما يقارب الأربع سنوات على سطح المريخ

ترجمة: حنا مسيكه

تدقيق: أكرم محيي الدين

مراجعة: لبنى حمزة

المصدر