تُعد الفيزياء إطارًا علميًا رائعًا لفهم كيفية عمل الكون، إلا إنه توجد بعض الثغرات فيما تغطيه، منها التطور.

من البديهي أن يتوافق علم الأحياء مع الفيزياء النظرية، مثل سائر المجالات، مع ذلك فإن الفيزياء الحالية لم تستطع حتى الآن التنبؤ بعملية التطور، وظهور الصفات والثقافة.

وبناءً على افتراض أنها يجب أن تستطيع ذلك، فإن فريق من العلماء بقيادة العالمة سارة ووكر من جامعة ولاية أريزونا مع الكيميائي لي كرونين من جامعة غلاسكو، وجدوا طريقةً لسد هذه الفجوة. وأطلقوا على الإطار الجديد اسم «نظرية كل شيء»، وقالوا إنها قد تساعد في البحث عن حياة في عوالم أخرى.

توضح العالمة ووكر: «تؤسس نظرية التجميع الجديدة طريقة جديدة للنظر إلى الفيزياء والكيمياء وعلم الأحياء بوصفهم آفاقًا جديدة مختلفة للواقع الأساسي ذاته».

«بمساعدة هذه النظرية، نقترب من سد الفجوة بين الفيزياء الاختزالية والتطور الدارويني، وهي خطوة مهمة نحو نظرية أساسية لتوحيد مفاهيم المواد الخاملة والحية».

يفترض العلماء أن هذا التوحيد في المفاهيم يتضح بالنظر إلى الأشياء بوجهة نظر مختلفة عما هو سائد حاليًا، ومن خلال البُعد الزمني، مع أخذ كيفية تشكُل الأشياء وقدرتها على التغير في الحسبان.

استند الباحثون إلى عملهم السابق، لإكمال ما سموه «مؤشر تعقيد الجزيئات». لتجميع مؤشر التعقيد الجزيئي، حددوا العدد الأقل من الخطوات المطلوبة لإنشاء كل نوع من الجزيئات، وخصصوا لها تعقيدًا وفقًا لعدد الخطوات. فقط العمليات الحيوية والتقنية نتج عنها جزيئات تتطلب أكثر من 15 خطوة تجميع.

في البحث الجديد، أنشأ العلماء إطارًا رياضيًا جديدًا لتحديد مقدار الانتقاء المطلوب لإنتاج كائن معقد، مثل البروتينات أو العيون أو الحراشف، من وحدات البناء الجزيئية. إنه مثل مؤشر التعقيد الجزيئي، ولكن على نطاق أكثر تقدمًا.

تعتمد نظرية التجميع على الحد الأدنى من الخطوات المطلوبة لإنشاء الكائن، مع الحد الأدنى من الذاكرة، وتأخذ في الحسبان مدى انتشار هذا الكائن في العالم، أي رقم نسخته.

«رقم النسخة» أمر مهم، لأنه مع زيادة تعقيد الكائن، تتضاءل احتمالية تكرار وجوده صدفةً، ما لم توجد قوى أو ضغط خارجي يساعده على مواجهة المصاعب. هذه هي تمامًا طريقة عمل الانتخاب للطفرات العشوائية في عملية التطور.

باستخدام الأسس الناتجة من نظرية التجميع، تمكن الباحثون نظريًا من تحديد مدى الانتقاء والتطور المطلوب لإنشاء مجموعة من الكائنات المتطورة، من الجزيئات إلى الهياكل الخلوية.

لا تقتصر النتائج على الكائنات الموجودة بالفعل، بل يمكن استخدامها لتوقع ظهور أنواع جديدة. على هذا يمكن تطبيق مستوى معين من التنبؤ بإمكانية ظهور الحياة في نظام ما، مثلًا قمر زحل تيتان، حيث يتوفر العديد من عناصر الحياة.

يعمل الفريق على تحسين أبحاثهم لفهم كيف يمكن لنظرية التجميع أن تحدد تعريفًا للحياة. ويمكن اختبار النظرية تجريبيًا، أي تطبيقها في المختبر لمحاولة معرفة أصول الحياة.

قد يقدم ذلك أجوبة، ليس فقط عن ظهور الحياة في مكان آخر من الكون، لكن أيضًا لحل اللغز المتعلق بكيفية بدء الحياة على الأرض.

يقول العالم كرونين: «تُقدم نظرية التجميع وسيلة جديدة بالكامل للنظر إلى المادة التي تشكل عالمنا، ليس عبر الجسيمات القابلة للتغير فقط، لكن أيضًا الذاكرة المطلوبة لنشأة الكائنات بواسطة الانتقاء عبر الزمن».

«مع المزيد من العمل، فإن هذا النهج لديه القدرة على تحويل المجالات من علم الكونيات إلى علم الكمبيوتر. ما يمثل حدودًا جديدة لتقاطع الفيزياء مع العلوم الأخرى، الكيمياء والأحياء وأيضًا نظرية المعلومات».

اقرأ أيضًا:

هل يصل العلماء يومًا إلى نظرية كل شيء؟

هل تكون فيزياء الجسيمات المدخل لنظرية كل شيء؟

ترجمة: زين العابدين بدور

تدقيق: تسبيح علي

مراجعة: أكرم محيي الدين

المصدر