ميشال ستار

15 حزيران 2018

في عام 1935، افترض آلبرت آينشتاين وناثان روزن وجود الثقوب الدوديّة، وهي نوع من الجسور التي تصل منطقتين في الفضاء، نتيجة اعوجاج شديد في الزمكان.

إنّ هذا المفهوم ما زال نظريًّا، ولم يتمّ اكتشاف الثقوب الدوديّة حتّى الآن. ولكن وفقًا لورقة بحث جديدة تقول أنّ موجات الجاذبيّة التي رصدناها تعود لتصادم الثقوب السوداء، أو أنّها تعود لتصادم الثقوب الدوديّة.

ومن الممكن أن تكون أيضًا نتيجة الأجسام المدمجة الغريبة (ECOs)، كالكرة الوترية أو كنجم الجاذبيّة الفارغ، أجسام نظريّة تستبدل الثقوب السوداء. ويقول اثنان من العلماء أنّ اختلاف الإشارة التي يصدرها كلّ من اصطدام الثقوب السوداء واصطدام الأجسام المدمجة الغريبة قد يساعدنا على تحديد ما حدث بالفعل.

ويقول عالما الفيزياء النظريّة في جامعة كي يو لوفين في بلجيكا بابلو بوينو و بابلو كانو: «إنّ الجزء الأخير من إشارة الجاذبيّة التي تلقّاها المرصدان، المعروفة باسم ringdown، وتعود للمرحلة الأخيرة من تصادم ثقبين أسودين، ومن خصائصها أنّها تنطفئ تمامًا بعد فترة زمنيّة قصيرة بسبب وجود أفق الحدث».

«ولكن، إن لم يكن هناك من أفق، لم تكن هذه التصادمات لتختفي كلّيًّا؛ وكانت بالمقابل قد أصدرت، بعد برهة من الزمن، سلسلةً من التردّدات، كتلك التي تحدث للصوت في البئر. والمثير للاهتمام أنّه إذا استبدلنا الثقوب السوداء بالأجسام المدمجة الغريبة، ستكون إشارة الجاذبيّة مشابهةً، لذلك، لكي نستطيع التفريق بين هذين النوعين من الأجسام، علينا تحديد ما إذا كانت التردّدات حاضرةً أو غائبةً».

من الممكن أن تكون هذه الترددات موجودةً، ولكن لم يتمّ ملاحظتها بسبب النقص في النماذج النظريّة لمقارنتها بها. وهذا ما قام فريق البحث بخلقه؛ نموذج يتمحور حول كيفيّة دوران الثقوب الدوديّة، مثل نوع من الثقوب السوداء المسمّاة بثقوب كير السوداء.

ويقول بوينو: «لا تمتلك الثقوب الدودية أفق حدث، ولكنّها تعمل كطريق مختصر للزمان والمكان، كأنّها طريق مجاز يأخذنا إلى كون آخر. وحقيقة أنّها تقوم بالدوران؛ تسبّب في تغيّر الموجات الثقاليّة التي تصدرها».

وإن كانت بالفعل الثقوب الدوديّة هي المسؤولة عن إصدار إشارة الموجات الثقاليّة، فهذا يدعو للتشكيك في وجود الثقوب السوداء التي كان الظنّ أنّها هي المسؤولة عن إصدار إشارات موجات مرصد تداخل الموجات الثقاليّة  LIGO.

وهذا لا يعني القول أنّه ليس هناك شيء يسمّى ثقبًا أسود؛ من الممكن أن يكون موجودًا بمقاييس أخرى، كالثقوب السوداء هائلة الحجم. ولكن إن كان شيء آخر هو الذي يتسبب بإشارة المرصد، فسيكون لهذا تأثيرٌ كبيرٌ على فرضيّة الثقوب السوداء.

وحتّى الآن، لم تكن نتائج الفريق حاسمةً. فالرسوم البيانيّة للثقوب الدوديّة لا تختلف كثيرًا عمّا تمّ رصده، بالطبع مع استثناء التردّدات الموجودة في النموذج.

ما يعني أنّ الإشارة التي من الممكن أن تبرهن فرضيّة الفريق لم يتمّ رصدها بعد؛ مع أنّ هذا من الممكن أن يتغيّر مع الوقت، وهذا ما يؤمن به الباحثون.

ويقول برونو: «إنّ تحقيق وجود التردّدات التي يرصدها مرصدا LIGO و Virgo ستكون بمثابة برهان قاطع على أنّ الثقوب السوداء الفلكيّة غير موجودة».

«الوقت جدير بإعلامنا إن وجدت هذه الترددات أو لا. وإن كانت النتائج إيجابيّة، فمن الممكن أن يكون هذا أحد أعظم الاكتشافات في تاريخ الفيزياء».

وفق عالمة الفيزياء النظريّة في الجامعة الأستراليّة الوطنيّة سوزان سكوت: «سيعلمنا الوقت بالفعل؛ ولكن أدلّة وجود الثقوب السوداء، ونقص الأدلّة في وجود الثقوب الدوديّة تضع عائقًا أمام هذه الفكرة بأكملها».

وتقول سكوت، التي لم تشترك في هذه الدراسة، لمجلّة “Science Alert”: «من غير المرجّح أن تكون الثقوب الدوديّة موجودةً بالفعل. فهناك وفرة في الأدلّة التي تدعم وجود الثقوب السوداء، وعمليّةٌ معروفةٌ تتعلّق بكيفيّة خلقها من خلال انهيار النجوم الكبيرة».

«ولكن الثقوب الدوديّة، من جهة أخرى، تعيش في عالم الخيال العلمي دون أي طريقة معروفة لخلقها. وإن كان من الممكن خلقها بطريقة ما، فإنّ عدم استقرارها الشديد سيجعل من ظهورها قصير المدى. لذلك فإنّ الحقيقة هي أنّ فرضية مؤلّفي الورقة بأنّ الموجات التي رصدها مرصد LIGO قد تكون نتيجة تصادم ثقبين دوديّين يدوران حول بعضهما غير مرجّحة للغاية».

وفق سكوت، لقد قضى علماء النظريّة النسبيّة العامّة عقودًا لاستنتاج أنّه من غير المرجّح وجود الثقوب الدوديّة.

وقالت سكوت للمجلّة: «لذلك فإنّه من الانصاف أن نقول أنّ احتمال وجود الثقوب الدوديّة كان اهتمامًا كبيرًا لنا، وعلى الرغم أنّه من غير المرجّح أن تكون اكتشافات LIGO قد نتجت من تصادم دوران الثقوب الدوديّة، سيكون مرضيًا في المستقبل أن نستبعد هذا الاحتمال».

لقد كان اكتشاف الموجات الثقاليّة في LIGO مفاجئًا، ومن المحتمل أنّه مع زيادة الدقّة في الأجهزة القادمة، ينتظرنا الكثير من المفاجآت. ولكن هذا مجرد احتمال فلا تخطفوا أنفاسكم كثيرًا للثقوب الدوديّة.

وتقول سكوت: «إنّ اكتشاف الثقوب الدوديّة سيخلق ثورةً هائلةً في علم فلك الموجات الثقاليّة وعلم الفلك عمومًا، ولكن ما من سبب يستدعي توقّع ذلك قريبًا».

وما تقوم به ورقة البحث فعلًا هو تحضير أرضيّة لبحث مستقبليّ، ليس بالضرورة تأكيد وجود الثقوب الدوديّة، ولكن ربّما لدعم معرفتنا حول الثقوب السوداء.

لقد نشر هذا البحث في Physical Review D.


  • ترجمة: منال جابر
  • تدقيق: أحلام مرشد
  • تحرير: زيد أبو الرب

المصدر