رُصد متحور جديد من فيروس كورونا يسمى B.1.1.529 بعدد إصابات مرتفع على نحو غير اعتيادي من الطفرات في جنوب أفريقيا وهو على ما يبدو تسبب في موجة ارتفاع جديدة في عدد الحالات هناك. توجد العديد من الأسئلة المفتوحة حول متحور كورونا الجديد، إليك ما نعرفه حتى الآن.

متى اكتُشف متحور كورونا الجديد B.1.1.529 أول مرة؟

رُصد متحور كورونا الجديد أولًا في الثالث والعشرين من نوفمبر عام 2021 في جنوب أفريقيا في عينات سُحبَت بين الرابع عشر والسادس عشر من نوفمبر. قال وزير الصحة الجنوب أفريقي جو فاهلا حديثًا: «أعتقد أن المتحور الجديد مسؤول عن الزيادة اليومية الهائلة في عدد حالات كوفيد-19 في شتى أنحاء البلد مؤخرًا».

في الآونة الأخيرة، أعلنت وكالة الأمن الصحي البريطانية (HSA) أن متحور كورونا الجديد قيد البحث، ما أدى إلى فرض قيود سفر على الأشخاص المسافرين إلى المملكة المتحدة من جنوب أفريقيا وبوتسوانا وليسوتو وإسواتيني وزيمبابوي وناميبيا، بينما أدرجت منظمة الصحة العالمية المتحور الجديد متحورًا قيد الرصد، فإن فريقها الاستشاري التقني المعني بتطور فيروس كورونا ينصح الآن بتغيير تصنيفه إلى متحور مثير للقلق، وقد أطلقت عليه منظمة الصحة العالمية اسم «أوميكرون» على الحرف اليوناني.

ما الذي يحدث في جنوب أفريقيا؟

ارتفع عدد الحالات المحلية اليومي من 274 حالة في الحادي عشر من نوفمبر إلى 1000 حالة بعد أسبوعين. في حين أن معدل الزيادة كان سريعًا، فإن الأعداد المطلقة ما تزال منخفضة نسبيًا مقارنةً مع عدد الحالات في المملكة المتحدة، التي بلغت 50,000 حالة في السادس والعشرين من نوفمبر.

في الوقت الحالي، أكثر من 80% من الحالات في جنوب أفريقيا في محافظة غاوتينغ، وقد تبين أن جميع حالات المحافظة التي فُحصَت بين الثاني عشر والعشرين من نوفمبر -التي وصل عددها إلى 77 حالة- مصابة بمتحور كورونا الجديد.

تفيد التقديرات أن متوسط عدد الأشخاص الذين قد تنتقل إليهم العدوى من شخص واحد وصل إلى ما يقارب 2 في محافظة غاوتينغ، وقرابة 1.5 في المحافظات الأخرى في جنوب أفريقيا.

بمَ تخبرنا الطفرات في متحور كورونا الجديد؟

تقول شارون بيكوك من جامعة كامبريدج: «إن المتحور الجديد يمتلك تشكيلة غير اعتيادية من الطفرات». من بين الطفرات، توجد أكثر من 30 طفرة في البروتين الشوكي (جزء الفيروس الذي يتفاعل مع الخلايا البشرية)، وقد تساعد الطفرات الأخرى الفيروس على تجاوز جهازنا المناعي، ما يجعله أكثر انتقالًا وأقل حساسية للعلاج، وفقًا لوكالة الأمن الصحي البريطانية، إلا أن الوكالة تلاحظ أن ذلك لم يُثبَت بعد.

ما تعنيه الطفرات مسألة نظرية في الوقت الراهن ومبنية على تجربتنا مع طفرات فيروس كورونا السابقة بدلًا من التجارب المعملية.

تقول ويندي بيركلاي من كلية لندن الإمبراطورية: «لا نعرف حقًا إذا كان متحور كورونا الجديد سيقلل من فعالية اللقاحات، ولكن مع ذلك، فإن عدد التغيرات التي طرأت على المواقع المستضدية للبروتين الشوكي الخاص بالمتحور الجديد تعني نظريًا أن فعالية الأجسام المضادة المولدة من لقاحات فيروس كوفيد-19 ستكون ضعيفة».

تشابه الطفرات في جزء من المتحور الجديد يسمى موقع القطع لإنزيم الفورين طفرات متحوري ألفا ودلتا، ما قد يساعد الفيروس على الانتشار بسهولة أكبر. تقول بيركلاي: «يُعد امتلاك متحور كورونا الجديد قابلية انتقال أكبر من متحور دلتا معقولًا جدًا من الناحية البيولوجية».

تعني الطفرات أيضًا أن المتحور الجديد سيكون غالبًا أكثر مقاومة للعلاجات المعتمدة على الأجسام المضادة، من ضمنها العلاجات المطورة من شركة ريجينيرون التي أنقذت حياة عدد من الأشخاص.

تقول بيركلاي: «إن ذلك مدعاة للقلق حقًا». الجانب المشرق الوحيد أنه حتى اليوم، لا توجد أي علامات على أن المتحور الجديد يسبب مرضًا أكثر خطورة.

ما مدى انتشار متحور كورونا الجديد؟

أظهرت فحوصات التسلسل الجيني أن المتحور الجديد موجود في جنوب أفريقيا وبوتسوانا وهونغ كونغ، وأُبلِغ كذلك عن بعض الحالات في إسرائيل التي نشأت من مسافر من مالاوي، وفي بلجيكا من مسافر قادم من مصر. وفقًا لوزير الصحة البريطاني ساجد جاويد، فمن المرجح جدًا أن متحور كورونا الجديد انتشر أيضًا إلى بلدان أخرى.

يقول جيفري باريت من معهد ويلكوم سانغر البريطاني: «حتى في البلدان التي لا تجري الكثير من فحوصات التسلسل الجيني، ربما تكون هناك علامات تحذيرية مبكرة، لأن المتحور الجديد مرتبط بطفرة تسمى اختفاء الجين S الذي ترصده اختبارات تفاعل البلمرة المتسلسل (PCR)».

كيف تصدت البلدان الأخرى لمتحور كورونا الجديد؟

فرضت الدول الأوروبية والمملكة المتحدة قيودًا على المسافرين القادمين من دول جنوب أفريقيا، ويرى جاويد أن المتحور الجديد يُمثل مصدر قلق دولي كبير.

هل من المسلّم أن متحور كورونا الجديد سيتفوق على متحور دلتا؟

لا أحد يعلم.

تقول بيكوك: «في الوقت الحالي، ليست لدينا أدلة قاطعة على أن المتحور الجديد أكثر قابلية للانتقال، ولكن توجد دلالات على ذلك» مشيرةً إلى الزيادة في جنوب أفريقيا وعدد التكاثر المرتفع في محافظة غاوتينغ.

لم تنجح المتحورات السابقة في الحصول على موطئ قدم في بلدان معينة بسبب منافستها لمتغيرات أخرى؛ فعلى سبيل المثال، لم يصبح متحور بيتا منتشرًا في المملكة المتحدة، في حين أن متحور ألفا انتشر من أوروبا ولكنه لم يصل مطلقًا إلى مستويات مرتفعة في جنوب أفريقيا.

تقول باريت: «إذا تبين أن قابلية انتقال المتحور الجديد أقل من متحور دلتا، فسيكون ذلك مبشرًا بكل تأكيد».

ما الذي يمكنك فعله تجاه متحور كورونا الجديد؟

ما تزال جميع التدابير الاعتيادية بدءًا من التباعد الاجتماعي وغسل اليدين وارتداء الكمامة وانتهاءً بتلقي اللقاح والجرعة المعززة سارية. بيد أن نشوء متحور قد يثير القلق كالمتحور B.1.1.529 يُعد تذكيرًا على خطورة معدلات التلقيح العالمية غير المتكافئة، إذ إن 24% فقط من سكان جنوب أفريقيا ملقحين بشكل كامل.

ما مقدار معرفتنا عن هذا المتحور الجديد؟

يأتي أغلب ما نعرفه عن متحور كورونا الجديد من شبكة المراقبة الجينية في جنوب أفريقيا والحكومة الجنوب أفريقية، وقد أثنى الباحثون على مشاركتهما السريعة لمعلوماتهما عن المتحور الجديد، إلا أن هناك المزيد مما لا نعرفه.

يقول توليو دي أوليفييرا من جامعة ستيلينبوش في جنوب أفريقيا: «إن المعنى الكامل لطفرات متحور كورونا الجديد ما يزال غير مؤكد»، وتضيف بيكوك: «من المهم أن نشدد على مدى جهلنا بهذا المتحور الجديد».

اقرأ أيضًا:

المتحور دلتا من فيروس كورونا.. كل ما عليك أن تعرفه عنه

ما يجب أن تعرفه عن متغيرات فيروس كورونا الخمسة المنتشرة في العالم

لماذا تفشت سلالات فيروس كورونا الجديدة حول العالم بهذه السرعة؟

ترجمة: رحاب القاضي

تدقيق: طارق طويل

المصدر