تُباع في كل دقيقة نحو مليون عبوة مياه شرب بلاستيكية، مخلفةً كميات هائلة من النفايات التي غالبًا ما ينتهي بها الأمر في المكبات. اليوم، يعيد الكثيرون استعمال عبوات المياه بإعادة تعبئتها، ما يجنبهم ابتياع عبوات جديدة تكرارًا ويوفر مالهم ويقلل كمية النفايات البلاستيكية.

لكن هذه العبوات مصممة للاستعمال مرة واحدة فقط، ما يمثل مصدرًا للقلق بشأن مدى أمان إعادة استخدامها. طرحنا السؤال «ما مدى أمان إعادة استخدام عبوات المياه البلاستيكية؟» على ثمانية خبراء، ورأوا أن ذلك آمن على الأرجح بنسبة 75%.

مم تُصنع عبوات المياه؟

تختلف العبوات البلاستيكية في المواد المُصنَّعة منها، لكن غالبًا ما تُصنَّع العبوات وحيدة الاستخدام من «بولي إيثيلين ثيريفثالات»، وهو بلاستيك نقي منخفض الوزن الجزيئي يُستخدم لتعليب العديد من المشروبات والأغذية. وقد اتُّفِق على أمان تماسه مع الطعام والشراب في أجزاء عدة من العالم من بينها الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوروبي.

هل قد تكون المواد الكيميائية المرتشحة من البلاستيك مسرطنة؟ تزعم العديد من المقالات على الإنترنت أن إعادة استخدام عبوات المياه قد يسبب السرطان بسبب تحرير البلاستيك مواد كيميائية معينة.

يُعرِب العديد من الناس عن قلقهم إزاء مركب محدد هو «بيسفينول أ»، الذي ربما يؤثر في الغدد الصمّ، وقد يسبب اضطرابات تتعلق بالتناسل والاستقلاب. لا يدخل هذا المركب في تصنيع عبوات بولي إيثيلين تيريفثالات، لكنه قد يوجد في الأنواع الأكثر صلابة من البلاستيك مثل البولي كربونات.

مع ذلك، كشفت دراسة وجود تركيز ضئيل جدًا من البيسفينول أ -نحو 5 نانوجرام/لتر- في الماء المخزن في عبوات بولي إيثيلين تيريفثالات، تتناقض هذه النتائج مع نتائج دراسات أخرى لم تعثر على المركب.

هل من الآمن إعادة استخدام العبوات البلاستيكية؟ - ما مدى أمان إعادة استخدام عبوات المياه البلاستيكية - إعادة استخدام عبوات المياه

يُستخدم مركب آخر هو الأنتيمون محفزًا في صناعة البولي إيثيلين تيريفثالات، وهو ليس مادة مسرطنة لكنه قد يسبب التقيؤ والإسهال.

اختبرت دراسة سنة 2008 مستويات الأنتيمون المرتشح في مياه العبوات المتوفرة تجاريًا، واكتشفوا حدوث الارتشاح تدريجيًا بمرور الوقت، لكن بكميات لا تُعد خطيرةً.

يُقدر التركيز الخطير من الأنتيمون بنحو ستة أجزاء من المليار، في حين أن التراكيز في نتائج الدراسة بدأت بنحو 0.195 جزء من المليار، وبلغت 0.226 جزء من المليار بعد 3 أشهر في درجة حرارة 22 مئوية.

لم تقتصر دراسة محتويات مياه العبوات على الأنتيمون، فقد شمل البحث مجموعة من المواد من اللدائن حتى المعادن. خلصت هذه الدراسات إلى وجود بعض المواد التي ترتشح إلى المياه المعبأة، لكن لا يوجد دليل على أنها تمثل خطرًا على صحة الإنسان.

ما مدى أمان ترك عبوات المياه في أشعة الشمس؟

توجد بعض المخاوف من أن ارتشاح المواد الكيميائية يحدث بمعدل أكبر في درجات الحرارة الأعلى، ما يعني أن ترك عبوة المياه في السيارة خلال يوم حار قد يكون خطيرًا.

وجدت دراسة عن مستويات الأنتيمون أن الارتشاح يزداد بالفعل في درجات الحرارة الأعلى، فعندما تُركت العبوة عند درجة حرارة 60 مئوية، استغرقت مستويات الأنتيمون نحو 176 يومًا لتبلغ حد الخطورة -ستة أجزاء من المليار- في حين استغرقت 1.3 يومًا عند درجة حرارة 80 مئوية، وتُعد درجة الحرارة السابقة مرتفعةً جدًا ما يمثل مشكلةً لقاطني الأماكن الحارة، الذين قد تتعرض عبوات مياههم لحرارة الشمس.

ماذا عن الدقائق البلاستيكية؟

هي أجزاء صغيرة من البلاستيك قد يُعثر عليها في أي مكان متضمنًا مياه الشرب. وجدت دراسة أن 93% من عبوات المياه البلاستيكية المفتوحة حديثًا تكون ملوثة ببعض الدقائق البلاستيكية.

بحثت منظمة الصحة العالمية المخاطر المحتملة التي تحملها هذه الدقائق، وبناءً على المعطيات الحالية استنتجوا أنها لا تشكل تهديدًا مهمًا على صحة البشر.

يقول د. عمر عبد المطلب من جامعة سوري: «يُحتمل أن تحوي العبوات البلاستيكية حديثة الإنتاج دقائق بلاستيكية بكميات أكبر من تلك الموجودة في العبوات المستخدمة سابقًا».

ويرى د. مارك كوهرا أن مياه الشرب المعبأة في عبوات مستخدمة سابقًا ومغسولة، أكثر أمانًا من تلك المعبأة في عبوات جديدة، ووجد فريقه أن براغيث الماء تنمو وتتكاثر أكثر في العبوات المغسولة بماء دافئ مقارنةً بماء العبوات الجديدة.

هل توجد مخاطر أخرى؟

الخطر المتفق عليه على نطاق واسع لإعادة استخدام عبوات المياه البلاستيكية هو التلوث، لا المواد الكيميائية.

قد تتلف العبوات بسهولة وتتشقق، فهي غير معدة لتكون متينة. يقول د. جل بارتولوتا: «البلاستيك المستخدم في صناعة العبوات رقيق جدًا، لذا فهو عرضة للتلف، وقد تكون الشقوق ملاذًا للبكتريا».

غالبًا ما يحدث التلوث، خصوصًا إذا كان السطح الداخلي للعبوة رطبًا، وقد تتكاثر البكتريا في مياه العبوات بسرعة كبيرة. وجدت دراسة أنه عند حفظ العبوة في درجة حرارة 37 مئوية، يزداد عدد المستعمرات البكتيرية من 1 إلى 38 ألف مستعمرة لكل ميليلتر خلال 48 ساعة.

الخلاصة

يرى ستة خبراء من أصل ثمانية أن إعادة استخدام عبوات المياه البلاستيكية عملية آمنة على الأرجح، وخلصت الدراسات حول الارتشاح الكيميائي والدقائق البلاستيكية إلى أن ذلك يحدث بنسب منخفضة جدًا وأنها غالبًا لا تشكل تهديدًا صحيًا خطيرًا، إلا حال تعرض العبوات المستمر لدرجات حرارة مرتفعة جدًا. الخطر الأكثر احتمالًا في هذه الحالة هو التلوث، فإذا كنت تعيد استخدام عبوات المياه، تذكر أن تغسلها بانتظام.

اقرأ أيضًا:

مخاطر عبوات المياه

احذروا عبوات الرضاعة البلاستيكية، فهي مصدر لملايين الجزيئات الضارة التي قد يشربها الأطفال يوميًا

ترجمة: حيدر بوبو

تدقيق: نايا بطّاح

مراجعة: أكرم محيي الدين

المصدر