لاحظ بعض الباحثين أنّ نسبة صغيرة من الناس ذوي الوزن الزائد لديهم مستويات طبيعية من السكر في الدم، كما أنهم يتمتعون بضغط دم طبيعي، ولذلك فهم بدناء لكن أصحاء في نفس الوقت.

أما الآن، فقد تعرف العلماء على بروتين يساعد في تحديد طبيعة السمنة، هل هي مؤذية أم سليمة.

هذا البروتين يلعب دوراً أساسياً في فهم الآلية التي تؤدي بها السمنة إلى المرض.

من المعروف أن السمنة تؤدي إلى مشاكل صحية عديدة تتراوح بين مرض السكري إلى السرطان.

لذلك فإن الاتحاد الطبي الأمريكي صوّت لاعتبار السمنة مرضاً بحد ذاتها.

رغم أن بعض الباحثين اقترحوا وجود عدد قليل من الناس البدينين الذين لا يعانون مشاكل صحية، لكن تبقى الفكرة مثيرة للجدل.

الاتفاق الجديد كما يقول رافي ريتنكاران، اختصاصي أمراض الغدد الصم، أن البدانة الصحية هي مرحلة انتقالية.

عاجلاً أو آجلاً هؤلاء البدينون سيطورون المتلازمة الأيضية، وهي عبارة عن حالة يزداد فيها سكر وكوليسترول ودسم الدم مما يؤدي في النهاية لأمراض القلب والسكري.

في الواقع، إن هؤلاء الذين يوصفون “البدناء الأصحاء” يظهرون أعراضاً باكرة للأمراض، لكنها صامتة ولاتظهر في الفحوصات الروتينية.

في دراسة لأكثر من 14 ألف كوري صحيّ السنة الماضية، وجد العلماء أن اللويحات العصيدية البدئية موجودة في شرايين أولئك البدينين أكثر من الذين تمتعوا بأجسام نحيلة.

لمعرفة توقيت انتقال البدانة إلى المرحلة المرضية، قام هارلد إيستيربور، باحث في البدانة في جامعة فيينا، بالتركيز على بروتين يسمى heme oxygenase-1 (HO-1) والذي كان يعتقد أنه يكبت الالتهاب، أي المرحلة التي تؤدي بها البدانة إلى أمراض الأيض.

عندما تخضع الجزيرات التي تنتج الأنسولين في البنكرياس إلى نسبة عالية من المغذيات، أي في حالتنا هذه الناس الذين يتناولون الطعام بشراهة، فإن هذه الجزيرات تصاب بالالتهاب، مما يؤدي لموت بعض خلايا الجزيرات وبالتالي نقص إنتاج الأنسولين و من ثم تطور مرض السكري النمط الثاني.

لفهم دور البروتين، فحص الباحثون عينات من الدم والشحم والكبد لمجموعة مكونة من 44 شخصاً بديناً و6 أشخاص كشاهد.

كل الأشخاص البدينين كانو يبدون صحيين، كان لديهم مستويات سكر صيامي طبيعية، لا دلالات على إلتهاب صريح، ولم يأخذوا أية عقارات طبية.

27 من الذين خضعوا للتجربة أظهروا أعراضاً مبكرة لمقاومة الإنسولين، وهي مرحلة سابقة للسكري.

عندما قام فريق إيستيربور بدارسة الخزعات من كلا المجموعتين، الصحية والتي أظهرت علامات مقاومة الإنسولين، وجدوا أن نسبة (HO-1) تبلغ الضعف تقريباً في المجموعة المصابة بمقاومة الإنسولين.

وبالتالي فإن هذه النتائج تقترح أن (HO-1) كان مسبباً لمرض مقاومة الإنسولين.

للتأكد، أزال الباحثون جين (HO-1) من الفئران، وعند إطعامها حمية غنية بالدسم، زاد وزنها كما يزيد وزن الفئران العادية لكنها استطاعت المحافظة على حساسيتها للإنسولين، وأظهرت مستويات أقل من الالتهاب.

قام الباحثون بعكس التجربة أيضاً، فأنتجوا فئران معدلة جينياً لتنتج المزيد من بروتين (HO-1)، في هذه المرة وجدوا أن الفئران طورت مقاومة للإنسولين رغم الحمية العادية.

“نحن نعتقد أن (HO-1) هو سبب باكر للمتلازمة الأيضية” يقول إيستيربور.

وجد فريق إيستيربور أن مستويات (HO-1) كانت عالية في البدناء الصحيين أكثر من أولئك النحيلين، ما يدعم فكرة ريتنكاران في اعتبار البدانة الصحية مرحلة انتقالية فقط.

معرفة مايسبب المتلازمة الأيضية قد يسهل كثيراً معالجتها وتشخيصها، فمنع وجود (HO-1) في الفئران يتحكم في الالتهاب وقد يكون ذلك الحال نفسه في البشر.

لكن قبل ذلك، من المهم معرفة كيف يسبب (HO-1) الالتهاب.

“بناء على هذه المعرفة، نستطيع إنتاج أدوية تتعامل مع الوظائف الخاصة ل (HO-1) بشكل مباشر” يقول إيستيربور.