هل يستطيع تغيير النظام الغذائي المساعدة في علاج مرضى سرطان الدم و زراعة النقي؟


اكتشف فريق من الباحثين من كاليفورنيا واليابان أن هنالك حمضا أمينيا أساسيا*
يلعب دورا هامّا في صناعة خلايا الدم الجذعية. ويقول العلماء أن هذا الاكتشاف يمكن أن يقدم بديلا محتملا للعلاج الكيميائي والشعاعي في علاج سرطان الدم.

ويعتبر الحمض الأميني (الفالين)، الذي يحصل عليه البشر من خلال تناول البروتينات، أساسيا (مفتاحا) في تشكيل خلايا الدم الجذعية.

بحيث أن الفئران التي تم حرمانها من المادة البنائية لهذا البروتين لمدة أسبوعين إلى أربع أسابيع توقفت عن صناعة خلايا دم جديدة كليا.

وذلك وفقا للدراسة الجديدة التي نشرت مؤخرا في مجلة (العلوم).

يقول الباحثون أن الدراسة أظهرت، من خلال الفحوص المخبرية، أن خلايا دم الانسان الجذعية بدت معتمدة على الفالين أيضا.

إذا ثبت أن هذا صحيح، فإن حرمان المرضى من الحمض الأميني قبل عملية زراعة نقي العظم يمكن أن يجنبهم ضرورة العلاج الكيميائي أو الإشعاعي، اللذان يدمران خلايا الدم الجذعية من أجل إتاحة المجال للخلايا الجديدة المزروعة.

وهي الطريقة التي تؤدي حاليا إلى موت واحد من عشرين مريضا أثناء زراعة نقي العظم.

“إضافة إلى ذلك، فإن حرمان بعض مرضى سرطان الدم (اللوكيميا)* من الفالين من الممكن أن يقتل الخلايا المسببة للسرطان لديهم”، يقول هيروميتسو ناكاوشي، مؤلف المقالة الجديدة والباحث في الخلايا الجذعية في جامعة طوكيو وجامعة ستانفورد، ويضيف: “إذا كان من الممكن استخدام هذا العلاج البسيط والأقل أذية نسبيا لعلاج سرطان الدم، فسيكون ذلك رائعا”،
يضيف ناكاوشي أنه كان متفاجئا لرفع الغطاء عن هذه العملية الحيوية التي لم يصدق بوجودها حتى اكتشفها بنفسه.

قالت كاميلا فورسبرغ، باحثة في خلايا الدم الجذعية في جامعة كاليفورنيا، سانتاكروز، والتي لم تكن مشاركة في البحث، أنها أعجبت بالنتائج وسرّت بهذا الاكتشاف قائلة: “إنه من المثير جدا كيف أن الكثير الأشياء التي نفكر بها ما تزال تحمل لنا المفاجآت”، وتقول مضيفة أنه سيكون هاما معرفة لماذا خلايا الدم هذه المسماة أيضا أرومات الدم حساسة جدا للفالين.

من الممكن وجود أنماط اخرى تحمل حساسيات معينة ل 19 حمض أميني الفعال في الجسم، تسعة منها يعد أساسيا ويجب الحصول عليه عن طريق الطعام.

ولذلك تؤمن فورسبيرغ أنه يجب الآن دراسة هذه الأحماض الأمينية أيضا.

“هذا الدور الأساسي الذي يلعبه الفالين في الدم لا يجب أن يكون مفاجئا هكذا”، يقول لينهينغ لي، عالم خلايا جذعية حيوي في مؤسسة (ستاور) للبحوث الطبية.

بعض الناس التي تتناول حميات نباتية فقيرة البروتين من المعروف إصابتهم بفقر الدم، والمرض الذي يتميز بمستويات منخفضة من كريات الدم الحمراء.

لي لم يكن مشاركا في هذا البحث الجديد، ولكنه يقول إنه قام باكتشاف مماثل غير منشور في مختبره الخاص والذي أكد له نتائج ناكاوشي، وهو يظن أيضا أن الحرمان من الفالين يمكن أن يعمل على البشر كما فعل على الفئران، على الرغم من أنه سوف يأخذ الكثير من البحث لتحديد المدة التي يستطيع فيها البشر تحمل الحرمان من هذا الحمض الأميني.

يقول لي: “إذا نجح الحرمان من الفالين عند مرضى زراعة نقي العظم، يمكن لهذا أن يتيح المجال لإجراء الزراعة لبعض الأشخاص مثل النساء الحوامل اللواتي لا يعتبرن عادة مرشحات للعلاج الكيميائي أو الإشعاعي”.

يشك لي مع ذلك أن الحرمان من الفالين لوحده سيكون فعالا لعلاج السرطان مباشرة، مع أنه قد يعمل جيدا عند مشاركته مع علاجات أُخرى.

في الدراسة الجديدة، قال ناكاوشي وشريكه أنهما استطاعا بنجاح زراعة نقي العظم في الفئران المحرومة من الفالين دون الحاجة للعلاج الإشعاعي أو الكيميائي، ولكن بعض الفئران ماتت من ضعف التغذية، التي تتدخل أيضا في الاستقلاب وفي إصلاح الأنسجة.

يقول ناكاوشي إنه سيكون من السهل نسبيا حرمان الناس من الفالين وذلك عن طريق تغذيتهم وريديا باستخدام حميات معدة خصيصا لهذا، ولكنه يقر أيضا أن هذا قد يكون صعبا إذا كانت الحاجة لاستمرار هذا الحرمان لمدة أسابيع أو أشهر.

وجد الباحثون أيضا أن خلايا الدم الجذعية البشرية فشلت في التكاثر عندما استنبتت بدون فالين.

يقول ناكاوشي أن الفريق أدرك أن دراستهم بنيت على بحث منشور منذ 70 عاما في مجلة (العلوم) من قبل الحائز على جائزة نوبل، الراحل ارثر كورنبرغ، وذلك بعد أن انتهت دراستهم.

عندما كان ناكاوشي طالبا ما بعد الدكتوراه في ستانفورد، كان يعرف عالم الكيمياء الحيوية ارثر، ويقول بأن هذا جعله فخورا بأن يجدد ويتوسع في اكتشافات هذا العالِم.

ويأمل ناكاوشي أن يقود عمله الطريق نحو علاج جديد للسرطان قائلا “من الممكن أن يكون هناك اعتماد مماثل على الحموض الأمينية في خلايا جذعية أخرى وخلايا جذعية سرطانية، هذه هي الأشياء التي أنا حقا مهتم بها”.

الهوامش
*الحمض الأميني الأساسي: هو الحمض الذي لا يستطيع جسم الانسان إنتاجه بنفسه ويحتاج إلى حصول عليه عبر الغذاء الخارجي.
*ارومات الدم: الخلايا المسؤولة عن صنع مكونات الدم الخلوية.


المترجم: عماد دهان
تدقيق: بدر الفراك
المصدر